قدمت الشاعرة والأديبة سليمة مليزي في مهرجان عالمي حول الشعر عبر الزوم نصا شعريا بعنوان «كأن الأمس لم يغب»، الذي نال دراسة نقدية، من طرف الشاعر والناقد المصري سامي ناصف الذي جمع فيها بين كل من الزمن والخيال والمشاعر.
شكلت المداخلة التي قدمها الشاعر والناقد سامي ناصف من جمهورية مصر العربية، في النص الشعري (كأن الأمس لم يغب)، للشاعرة والأدبية الجزائرية سليمة مليزي، مقاربة أدبية لمست كل جوانب العمل المقدم، وطاف من خلالها الناقد مستدلا بتناسق توضع الألفاظ من جهة وبتتابع المراحل الزمنية التي اعتمدت عليها الكاتبة أثناء عرضها لأفكار النص الممزوج بين الشعر والخاطرة النثرية من جهة أخرى.
استهل الناقد سامي ناصف مدخل العمل بتحديد لفظة «الحداثة» الذي مازال معناه يحتمل العديد من المفاهيم نظرا لما تقتضيه فنيات العمل الأدبي، حيث قال في ذات السياق: «إن الحداثة في الشعر، هو مصطلح بالغ العراقة والجِدة في الوقت نفسه والدليل على ذلك»، وأضاف المتحدث: «أن الصراع الذي دار بين القدماء والمتمسكين بالقديم والحداثيين والداعمين للحديث،بدأ مع القرن.. الثاني للهجرة، عندما كان (المحدث) قرين البدعة، وكانت البدعة قرينة تغيير جذري، يفرض إعادة النظر في الموروث من التصورات الأدبية».
وأكد المتحدث في ذات الصدد، أنه من المعلوم أن الصيغة المصدرية التي تنطوي على المصطلح - (حداثة)- هي صيغة نادرة الاستعمال في التراث العربي، ومن هنا نرى أن مصطلح (الحداثة) قرين استخدام معاصر نصف قرن تقريبا،وبمرور العقود فيما بعد الحربين العالميتين، رُسخ لهذا المصطلح وصار له الغلبة في المدارس النقدية الحديثة عندما شاع وانتشر الشعر الحر، الذي يسمى بشعر التفعيلة، وكذلك القصيدة النثرية.
ركزالمتحدث في نص سليمة مليزي الذي ارتبط بالحداثة في الشعر العربي فقال في هذا الصدد: «نحن أمام قصيدة عربية نثرية، وضعت في مقدمتها عنوانا يُعد مفتاحا جيدا لفكّ مغاليق النص (كأن الأمس لم يغب) فهو الغائب الحاضر، لأنه لازال يرسل أريج وروده، وعبق سنينه، فكل شيء لا يزال هنا»،وقال أيضا: «الكاتبة تستدعي الماضي لأنه الحاضر والقدرة التحكمية عبر السياق الكتابي للنص، فهي تعرف ما تكتب،وتكتب ما تعرف، ولم تنزلق إلى فوضى اللغة، ولغة الفوضى،حتى خرجت بالنص إلى موانيء الجودة والإبداع، والدليل على ذلك، قدرتها على بناء التركيبة، الموشاة بالبهاء، وأثر بصمتها الشعرية في قولها: أحرفها تُنْطِقُ شفتيك بعذب الكلام، وقولها: لا تزال رائحتك المنعشة بعطر الحب، و: قطفتها لك من حدائق القلب، وقولها: على خدود الشوق الملتاع».
أضاف المتحدث في الأخيراستشهادات وجدانية من النص الشعري «كأن الأمس لم يغب» مستدلا بها على الحيوية التي جاءت عليها الأفكار بشكل متناسق تستجدي الوقوف عليها واستنباط معانيها المناسبة، حسب ما جاء في تعقيبه الآتي: الكاتبة والشاعرة سليمة مليزي، استغلت خيالها أروع استغلال، فهي تمتلك خيالا ثرًا، نَزَّ عليها بوافر الصور الابتكارية فوظفت خيالها، وأجادت المعالجه ومن بين هذه الصور قولها:
منديلك المورد..
لاتزال رائحتك المنعشة بعطر الحب..
حدائق القلب..
خدود الشوق..
طيفك يعانق حضوري..
كل هذه الصور ساهمت في رسم التجربة رسما مؤثرا، ولم تنس استدعاء الرمز الذي كان بمثابة الدفق الواهج بين تراكيب النص باختصار معاني كثيرة منها: مندلك.. جريدتك.. طاولة الشاي.. مزهرية الورد، فهي كتبت نصها بلغة الشعر الذي جعلت من النص لحظة داهشة حال قراءة النص وهذا هو النص
(كأن الأمس لم يغب)
بقلم: سليمة مليزي
كأن الأمس لم يغب..
برائحة الورد..
وعبق السنين..
كل شيء لايزال هنا…
بين ناظري منديلك المورد..
وجريدتك المفضلة
أحرفها تُنطق شفتيك بعذب الكلام
على طاولة الشاي..
لا تزال رائحتك المنعشة بعطر الحب..
ترسم عليها رشفة حنين العمر…
مزهرية الورد..
قطفتها لك من حدائق القلب..
تشتاق لنظرتك.. لمستك
وعلى خدود الشوق الملتاع
ترسم قبل الاشتياق
وطيفك يعانق حضوري..
والزمنُ
ينبضُ بأنفاسك..
وكأنها لحظة لم تغب..
من ديواني الرابع (على حافة القلب)