غادر قبل خمس سنوات مسقط رأسه سوريا بسبب الحرب، وأقام في تركيا، تميزت مسيرته الأدبية بصبغة فلسفية، موهبته في الكتابة كانت محط أنظار المحيطين به، الذين شحذوا شغفه وشجعوه على النشر والتأليف، لُقِّب بسفير السلام، وحاز على الدكتوراه الفخرية عن عدة جهات محلية ودولية كأديب سوري متميز، أحب الجزائر وربطته صلة قوّية بأدباء جزائريون، مثل الأستاذ صالح كوحيل، والاستاذ عابد جنان وغيرهم أثناء توّليه رئاسة لجنة النقد والمتابعة بمجلة الإبداع العربي، سنة 2015، ومن خلال حوارنا هذا سنتعرف أكثر على شخص الأستاذ عبد القادر زرنيخ.
- الشعب: إن طلبنا من ضيفنا أن يعرّف نفسه، فكيف سيوجزه؟
عبد القادر زرنيخ: من سورية مدينة اللاذقية حائز على إجازة جامعية، بعلم الاجتماع، ودبلوم تأهيل تربوي عملي، أستاذا لمادة الفلسفة ومرشدا اجتماعيا، حياتي الأدبية ومنذ الصغر وأنا لدي مخيلة الكتابة والرسم بالكلمات إلى أن دخلت الجامعة بقسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية، وهنا دمجت موهبتي الأدبية بلغتي الفلسفية وأصبحت أبحث عن الحقيقة بصبغة فلسفية..تطورت آنذاك موهبتي وكان المحيطين بي يشجعوني الى أن نشرت في المجلات الأدبية، فقد تم نشر قصائدي إلكترونيا وورقيا وبثت إذاعيا.
- هل من صورة عن احتكاكم بالوسط الأدبي وبالضبط صلتكم بكتّاب وأدباء جزائريون؟
بالنسبة لاحتكاكي بالوسط الأدبي، أكيد كبير ومتمدد على مستوى أدباء وشعراء الوطن العربي كافة ومن كل الدول فكان لي عدة مشاركات مع الأدباء العرب، وكان الاحتكاك أيضا من خلال تواصلنا بالمجلة الأدبية أو المنتديات الأدبية حيث نتبادل الآراء ونرى النقاد في دراسة القصائد ما يدفع الشاعر للتطور والاتقان، أما بالنسبة لصلاتي بأدباء الجزائر الكرام فلي صلات كثيرة وأذكر منهم: الأستاذ صالح كحول مدير مجلة الابداع العربي، آنذاك، وقام بتعييني رئيس لجنة النقد والمتابعة، وتربطني صلة أيضا مع الاستاذ عابد جنان، مدير مجلة أوراق مبعثرة وعمل معي لقاء إذاعيا عبر قناة إذاعية كبيرة.
- في نظركم، هل يمكن للكتابة أن تغير وعي الانسان العربي؟
نعم بإمكانها أن تغير الوعي العربي من الظلام الى النور، فقد تعددت الايديولوجيات في أذهان الناس وكل يبحث عمن يناسب فكره كي يدافع عنه، وهنا يبرز دور الكتّاب العرب في كتاباتهم لإيصال الحقيقة لأذهان الناس الحقة وتنويرهم بكل ما هو مهم كي تتطور المجتمعات للأفضل ونخرج من نير الجهل الذي غالبا ما يعاني منه الانسان العربي ومن المعروف القلم أقوى من الرصاص في محاربة الجهل، وللكتابة دور مهم في تعزيز دعائم الفكر التنويري الذي يدفع بحركة التطور الى الأمام، وفي الآونة الأخيرة لاحظت تطورا كبيرا في مجال الأدب والثقافة واستطاع الانسان العربي بلوغ درجة من الثقافة لا يستهان بها، وهذه خطوة كبيرة حققها رغم ظروفه المعاشية والايديولوجية المعقدة.
- كيف ترون الكتابة وسط الأوضاع الراهنة، هل هي قادرة على نفض الغبار عن النظرة السوداوية التي استحكمت قبضتها في كثير من الدول العربية؟
طبعا بالنسبة للكتابة، أراها قد حققت قفزات نوعية كبيرة في ذهن القارئ العربي، وبرزت الآن أنواع حديثة للأدب والتي فجرت الطاقات والمواهب الكامنة عند المبدعين الذين تولوا على عاتقهم حمل الرسالة، التي تخص المجتمع بأوجاعه وتطلعاته للمستقبل الواعد أيضا، وبهذا استطاعت دحر النظرة السوداوية التي كانت تحيط بالكاتب والقارئ على حد سواء، وأصبح الكاتب أو الشاعر محترما أكثر من ذي قبل، نظرا لحاجة المجتمع إليه في ظل التطور العاصف وما نتج عنه من آثار سلبية فكان لهم الدور الأكبر في هذه التوعية، وبسبب توفر النشر بوسائل التواصل الاجتماعي والتعرف على الكتابات والمقالات عن قرب أدى هذا كله الى نفض الغبار عن تلك النظرة السوداوية.
- ما هي العوامل التي من خلالها سيتدارك الأدب العربي نقصه؟
أولا رفده بالكفاءات العلمية المختصة والعمل على تشجيعها وتأمين الفرص المناسبة لها، ثانيا.. دعم البرامج الثقافية التي تهتم باللغة العربية خاصة والشعر عامة من خلال إقامة ندوات ثقافية، ثالثا.. تشجيع الأدباء والشعراء على حمل رسالتهم الانسانية والاجتماعية والاخلاقية، رابعا إقامة الندوات الأدبية والشعرية وبثها عبر الاعلام كي تصل لأكبر عدد ممكن من المشاهدين للفائدة والمتعة أيضا فللشعر مذاق خاص، خامسا..العمل على تأمين الوفرة الاقتصادية لعلماء العرب كاللّغة العربية وخاصة الأديب والشاعر، كي يستمر في رسالته وتستفيد الأجيال الحالية منه واللاحقة، سادسا.. الدعم الحكومي والأهلي لكل ما يخصّ اللّغة والأدب العربي.
- كيف تقيّمون الثقافة العربية، بما فيها الأدب والكتابة بكل فنونها ؟
بالنسبة لتقييم الثقافة العربية هو موضوع طويل ومهم للغاية ويحتاج لآراء نقاد وأدباء كبار في هذا الصعيد أما عن رأيي كأديب أرى أن الثقافة العربية، اليوم، في أوّج صعودها المتواتر نحو التقدم والتطور أفقيا وعموديا، فقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على تبادل الثقافات والآراء وارتباط الحضارات، فيما بينها والتعرف على ثقافة المجتمعات الأخرى، وظهرت عدة أنواع للكتابة في العصر الحديث ساعدت في تقدم اللغة العربية ووصولها لكل العقول، كفن الرسالة والمقالة والنثر وكلها كانت مكملة للشعر المقفى، ناهيك عن العمل المسرحي الذي عاد للساحة مجددا بعد ضعفه الذي مرّ به سابقا.
- ماذا عن رصيدكم الأدبي، وكيف يمكنكم حصده؟
منذ عام 2011، بدأت قصائدي توّثق بالمواقع الالكترونية والمجلات وتنشر ورقيا وطبعا بعدة دواوين إلكترونية، أصبح لي حجم هائل من القصائد النثرية الفنية والومضات الأدبية وقد أعجز عن عدها أو معرفتها في رصيدي الأدبي، لكن أستطيع القول أني لم أتوقف أبدا عن الكتابة وكل يوم أكتب الجديد مما أراه وأسمعه.. والحمدلله وفقني الله في عدة تكريمات منها: كرمت في الأردن، ونلت الدكتوراه الفخرية عن عدة جهات محلية ودولية كأديب سوري متميز، وكرمت بلقب سفير السلام من منظمة حقوق الانسان العالمية، وتحصلت على تكريمات أدبية كثيرة ولله الحمد ومازلت مستمرا بكتاباتي.
- كيف ترون دور منصات التواصل الاجتماعي في بروز أعمال أدبية؟
بالنسبة للكتابة الإكترونية سهّلت بروز عدة أعمال للواجهة، فاليفسبوك مثلا أصبح كالهوية الملازمة لكل شخص، ما سرّع الكتابة الإلكترونية في وصولها للقارئ مباشرة وبأي وقت، لكن ظهرت مساوئ أيضا للكتابة الإلكترونية كالسرقات الأدبية التي انتشرت عند ضعاف النفوس من الموجودين وهذه آفة كبيرة يجب معالجتها والحد منها.
- كلمتكم للشباب المحب للإبداع وللأدباء عامة؟
رسالتي لكل الشباب: حافظوا على لغتكم العربية وهي لغة القرآن الكريم، تابعوا العلوم كافة واستفيدوا منها فالأمم لا ترقى إلا بالعلم والدراسة التي توصلنا للأخلاق العامة والخاصة منها. واضبوا على القراءة والاطلاع ففيها نعي الذات من الذات والذات من الواقع.. وكلمة للأدباء الشباب والشعراء الشباب: احملوا قضاياكم على محمل الجد لاتنسوا أوطانكم فالوطن هو الأم والأخت والحبيبة والزوجة فالانسان بلا وطن فهو بلا كرامة وبلا حنان، احملوا السلام على جباهكم واكتبوه بصفحاتكم،..فالسلام والمحبة بهما التقدم والإنسانية.