من بين ما تزخر به الجزائر من عاداتها وتقاليدها وثقافتها تراثها اللاّمادي، ومن هذا التراث نجد «القول ورقصة الصف».
هذا التّراث الذي تمتاز به الجهة الغربية، خاصة الجنوب الغربي يعد فنا من التراث اللامادي، ويبقى في حاجة الى تسليط الضوء عليه من طرف الباحثين والمهتمين لنفض الغبار عليه، والحفاظ على كلماته والاهتمام به وجمعه وتصنيفه لأنه موروث ثقافي يكاد يندثر.
«القول» هو أحد فنون التعابير الشفوية الشعبية التراثية التي يتغنى بها في الأفراح والمناسبات، وهو تعبير عن مشاعر الإنسان الصادرة عن واقعه بفرحه وقرحه.
ويعرف أيضا بـ «التريميد» حسب فضيلة بن سرحان، رئيسة جمعية المرحول للصف والشعر والقول بولاية البيض، فهو عبارة عن كلمات لها مضامين متنوعة ترددها النساء.
ويعرف «القول» في عدة مناطق من الجزائر ولكن تختلف تسمياته من منطقة الى أخرى، وتشتهر به خاصة مناطق الجنوب الغربي كبشار، البيض والنعامة.
فالجنوب الغربي لطالما عرف بموروثه الشعبي وبعاداته وتقاليده، وتمسكه بأصالته البدوية العريقة..
ويعتبر فن القول من تراث هاته المنطقة، خاصة بولاية البيض حيث يردد «القول» في المناسبات والافراح، وعرف هذا الفن قديما عند النساء، حيث يجتمعن على شكل دائري وينقسمن إلى جماعتين جماعة تقول والأخرى تردد وباستعمال «البندير».
وقد توارث هذا الفن عن طريق تردده من طرف الجدات والعجائز وبلغتهن الخاصة، مستعملات طريقة اللحن او ما يعرف محليا بـ «الجر» الصحيحة التي تشدك للاستماع إليه ورغما عنك.
وما يزيد لإلقائه صبغة خاصة هو اللباس الذي ترتديه المرأة وهو «لباس الشرق»، تضيف رئيسة جمعية المرحول والذي يعرف باللباس التقليدي للمنطقة (العباية بيضاء وفضفاضة وخمار كبير مشدود بقطعة فضية تسمى الشماسة والعصابة أو كما يقال الحواق وهو عبارة عن قطعة قماش بيضاء يحزم بها الرأس والحزام وهو عبارة عن خيوط..).
وإلى جانب القول، تزامن هذا الفن بفن آخر وهو رقصة الصف، هذه الرقصة الشعبية التراثية تؤديها المرأة على غناء القول وهي رقصة ما تزال النساء محافظة عليها في مجتمع الجنوب الغربي خاصة البيض.
ولرقصة الصف طابع خاص ومتميز وفريد من نوعه، وهو عبارة عن تلاحم وانسجام ولا يؤدى هذا الرقص بطريقة فردية بل يكون جماعة، حيث تجهز مجموعة من النساء أنفسهن لتلك الرقصة وينقسمن مجموعتين في صفين متقابلين يتحركان نحو بعضهما ثم يبتعدان مسايرة للحن وضربات البندير. وما يشد الانتباه هنا هو لباس المرأة للفضة وعادة لا تكثر المرأة من لباس الفضة (خاتم وأكسسوارات فضية تليق بالمقام واللباس).
ومن أجل الحفاظ على هذا الموروث الشعبي من الاندثار، نظمت جمعية المرحول للصف والشعر والقول بالتنسيق مع دار الثقافة لولاية البيض أياما دراسية لهذا الفن، من تنشيط دكاترة مختصين في الميدان منها سيمائية الجسد في رقصة الصف للدكتور عيسى ماروك، فيما ذهب الدكتور بن عودة بلقاسم في مداخلته الى أصالة اللسان العربي من خلال فن القول (اللهجة المحلية للبيض نموذجا)، أما الأستاذ صادق قدور فتطرق الى دور الاختيارات الغنائية البدوية في الحفاظ على الشعر الشعبي - منطقة الشمال الغربي الجزائري نموذجا.
وتسعى جمعية المرحول للصف والشعر والقول بولاية البيض إلى الحفاظ على هذا التراث اللامادي، الذي يبقى في حاجة إلى التنقيب عنه أكثر لحمايته من الاندثار.