قصد رد الاعتبار للشخصيات الأدبية، نظّمت جمعية «صافية كتو للإبداع الثقافي» بعين الصفراء بالتنسيق مع المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية للنعامة، ندوة تكريمية للكاتب خليفة بن عمارة، الذي يعاني في صمت بمنزله بعدما أتعبه المرض، وذلك بملحقة دار الثقافة بغدادي بلقاسم بحضور نخبة من الأساتذة والدكاترة من عدة ولايات كالعاصمة، وهران، سيدي بلعباس، سعيدة والنعامة قدموا شهادات عن مسيرة الكاتب إلى جانب عائلته.
قدّم الأستاذ بوزرواطة محمد شهادته بعنوان «الكاتب بن عمارة خليفة: هاجس البحث، وضريبة الكتابة؟»، مؤكدا انه كان دائما منغمساً في أبحاثه وتنقيباته، وسخَّر جهده وكل حواسه للكتابة والبحث التاريخي.
أما الأستاذ بوداود عمير والذي ترجم للكاتب عدة أعمال أدبية من الفرنسية الى العربية، فاعتبر خليفة بن عمارة قامة من القامات الأدبية السامقة في مدينة عين الصفراء وولاية النعامة والجزائر عموما..كرّس حياته وجهده ووقته من أجل عالم القراءة والكتابة والبحث، فبن عمارة كان حريصا في كتاباته وأبحاثه على أمرين اثنين: أولهما أن يكرّس جهوده للبحث والتنقيب في منطقته ومنطقة الجنوب الغربي الجزائري عموما.
وأضاف عمير أنّه عندما سأله عن سر اهتمامه بتاريخ المنطقة، قال «توجّهت صوب الدراسات التّاريخية حتى وإن كنت لا أعتبر نفسي متخصّصا كمؤرخ. غير أن هاجسي المركزي، كان يتمثّل أساسًا في محاولة إنقاذ التّاريخ.
أما الأمر الثاني الذي كان خليفة بن عمارة حريصا عليه أشدّ الحرص، هو أن تصدر كتبه باللغة العربية حتى يتمكن الشباب من الاطلاع عليها.
خليفة بن عمارة من الشخصيات الأدبية بالمنطقة، يعد من أكبر الكتاب والمؤرخين بالجزائر واسم لامع في الأدب الجزائري بولاية النعامة. ولد سنة 1947 بعين الصفراء التي زاول بها دراسته الابتدائية ليواصل دراسته الثانوية سنة 1959 بمعسكر، ولأنه كان يتابع الأحداث المحلية والتطورات الحاصلة آنذاك كان يدونها في دفتر خاص به.
التحق بن عمارة خليفة بصفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية من سنة 1960 الى 1970، فكتب أول مسرحية له بعنوان «قضية عادلة»، فكانت بدايته لدخول عالم الأدب تكلّل بـ 12 عملا أدبيا باللغة الفرنسية تنوّع بين الرواية والقصة والدراسات التاريخية منها رواية الانسلاخ سنة 1985، فالكلمة المخنوقة سنة 1990 ليتخصّص بعدها في البحث والتنقيب عن تاريخ المنطقة بداية من السيرة البوبكرية سنة 2002 إلى لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري منذ الأصول الأولى الى غاية الفتوحات الإسلامية سنة 2002، فالحلم والملك سنة 2003 إلى يوميات ثائر سنة 2005.
عمارة بن خليفة سافر كذلك خلال مشواره الأدبي الى البحث عن شخصيتين تاريخيتين بالمنطقة هما إيزابيل إيبرهارت والشيخ بوعمامة، فأصدر سنة 2008 كتاب «إيزابيل إيبرهارت والجزائر» ولمحة حول التنوع الثقافي والبيولوجي لمنطقة عين الصفراء وآخر إصدار كان سنة 2014 عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان «قصص من الجنوب».
خليفة بن عمارة كرّس حياته للكتابة ونشر العلم والحفاظ على التراث من الضياع، هو اليوم طريح الفراش بمنزله بمدينة عين الصفراء يعاني في صمت.