دعا إلى رسم إستراتيجية على المستوى المتوسط.. قلالة :

غيــاب الاستشـراف سبـب التخلّف الثقافـي

أسامة.إ

ضمن فعاليات الصالون الوطني للكتاب، الذي يحتضنه قصر المعارض بالصنوبر البحري، نشط الدكتور سليم قلالة لقاءً حول الاستشراف الثقافي، حاول فيه تقديم شرح مختصر ومبسط لمفهوم الاستشراف، وقام بإسقاطه على مجال الثقافة. ولاحظ أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر أننا نادرا ما نقوم بعملية استباق أو استهداف أو استشراف، معتبرا أنّ «هذا هو تفسير التخلف في القطاع الثقافي».
في البداية، تطرق الدكتور سليم قلالة إلى الاستشراف في حدّ ذاته، هذا المفهوم الذي يبقى مختلطا في أذهان كثير من الناس، وعمّا إذا كان نوعا من الكشف عمّا سيأتي، أم أنه ضبط وإعداد سيناريوهات للمستقبل والقيام بها، أم أنه تخطيط استراتيجي.
وفي هذا الصدد، حاول قلالة تبسيط المفهوم بقوله إنه بوجود مشكلة تواجهنا في مختلف المجالات، نتساءل ما هي المواقف المحتملة أمامها، وصنفها في خمس مواقف: الموقف الأول هو اللامبالاة، والثاني هو ردة الفعل بمعنى انتظار حدوث شيء ما والقيام بردة فعل ملائمة حسب الظروف، والثالث هو استباق ما سيحدث، والرابع هو استحداث الفعل بمعنى محاولة تغيير الأوضاع بما يخدمنا، أما الموقف الخامس فهو الموقف الاستشرافي، ونكون أمام هذا الموقف عندما تكون لدينا القدرة على الجمع بين أمرين: الاستباق والاستهداف، بمعنى أن نستبق ما سيحدث ونسعى إلى تغييره بما نراه مناسبا.
بعد ذلك، سعى قلالة إلى نقل هذا الطرح النظري إلى الواقع وإسقاطه على مجال الثقافة، وتساءل إن كان لدينا موقف لا مبالاة بالثقافة، أو إن كان موقفنا منها هو ردة فعل، أم أنه موقف استباقي أو استهدافي أو استشرافي للثقافة.
ولاحظ قلالة أنّ الأمر منحصر في الموقفين الأولين، ونادرا ما نقوم، في مجال الثقافة، بعملية استباق أو استهداف أو استشراف، «وهذا هو تفسير التخلف في القطاع الثقافي»، يؤكد أستاذ العلوم السياسية، فالتخلف في الميدان الثقافي ليس فقط مشكل إمكانيات أو وسائل، ويقول إنه مثلا لم نعمل سنة 2000 على تصور ما ستكون عليه الثقافة بمختلف مجالاتها ووسائطها سنة 2021، ما يعني أنّ هذه السنة تدخل علينا «ونحن خارج اللعبة تماما».
ويشرح قلالة قوله بأنّ هذا الفراغ يملؤه من يستشرف السيناريوهات المقبلة ويرسم استراتيجياتها على أساسها، وبما أننا لم نقم بذلك فإننا سندخل بالضرورة في الاستراتيجيات التي يرسمها الآخر، الذي يعمل لصالح سياسته الثقافية. وما ينتج عن ذلك هو أننا نجد أنفسنا، في أحسن الأحوال، في سياسات ترقيعية.
من هذا المنطلق، دعا قلالة إلى العمل على الاستشراف الثقافي على الأقل في المستقبل المتوسط (10 إلى 15 سنة) وهو ما اعتبره داخلا في نطاق الأمن الثقافي والأمن الوطني، مشيرا إلى أنّ الأزمات التي يعيشها القطاع الثقافي ليست فقط نتاج اليوم بل هي أيضا نتيجة السياسات المنتهجة على الأقل قبل عقدين من الزمن، لذلك «علينا أن لا نكرّر نفس الخطأ بالنسبة للأجيال القادمة».
ما العمل؟ يجيب قلالة عن هذا السؤال قائلا إنه يوجد مختصون في الاستشراف ولديهم حقيبة أدوات وهي عبارة عن مناهج وبرمجيات للقيام بدراسة استشرافية لمستقبل الثقافة في الجزائر لسنة 2040. وعندما نختار السيناريو الاستراتيجي، نبدأ في تنفيذه من الآن أيّ أنّنا نصحّح الأوضاع وفقه، أما إن لم نفعل ذلك وبقينا في اللامبالاة أو ردّة الفعل «فإنّنا سنبقى نكرّر نفس الأخطاء»، يخلص قلالة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024