بعـد عام مـن «الجـفاف»..النـّـاشرون يلـتقـون

تـثمـين للـمبادرة.. وتحفّظــات عـلى بعـض الخـيـارات

أسامة إفراح

بعد أكثر من سنة من القحط الذي ضرب المشهد الثقافي عموما، وقطاع الكتاب والنشر خصوصا، يأتي «الصالون الوطني للكتاب»، الذي يرفع شعار «الكتاب حياة»، ليكون أول نشاط يحاول إعادة الحياة للقطاع. وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها المنظمة الوطنية لناشري الكتب (منظمة التظاهرة) إيجاد حلول لمعاناة الناشرين من تداعيات الجائحة، ولكن ذلك لا يلغي وجود بعض الملاحظات والتحفظات على هذه المبادرة وجب تداركها مستقبلا.

سنة كاملة من الظروف الاستثنائية التي خلفتها  الجائحة، سبقتها سنة أخرى من الظروف السياسية الخاصة التي شهدتها البلاد، كانت كفيلة بأن تجعل من وضع الفاعلين في قطاع الكتاب، من ناشرين وكُتّاب، وضعا بالغ الصعوبة، وهو الذي كان صعبا أصلا حتى قبل هذه الظروف التي ذكرناها.
هذا ما أكّده منظّمو أولى طبعات «الصالون الوطني للكتاب»، حينما قالوا إنّه يهدف إلى «بعث الحركية في المجال الثقافي بعد أزيد من عام من الشلل شبه التام، الذي مسّ قطاع الكتاب بسبب جائحة كورونا»، آملين في أن يصير هذا الموعد سنويا في المستقبل، على أن يُعقد شهر مارس من كلّ سنة. ويأتي اختيار هذا التوقيت باعتبار أن الفترة التي تلي صالون الجزائر الدولي للكتاب (التظاهرة الثقافية الأكبر على الإطلاق في المشهد الوطني) تعتبر فترة جفاف تخلو من النشاطات الكبرى في مجال الكتاب. كما أن شهر مارس يتزامن (في العادة) والعطلة الربيعية ما يضمن توافدا جماهيريا أكبر على التظاهرة.
 ليست هذه المرة الأولى التي تسعى فيها المنظمة الوطنية لناشري الكتب، الجهة المنظمة للتظاهرة، إلى اقتراح بعض الحلول لـ «إعادة الحياة» لقطاع النشر، منذ بداية الأزمة الصحية، من مراسلة المسؤولين واللقاء بهم، إلى رسم برنامج معارض جهوية ومحلية لتخفيف أضرار إلغاء المعرض الدولي، في محاولة لإنعاش القطاع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وفي هذا الصدد، نذكّر هنا بالحوار الذي أجرته «الشعب» شهر جوان من السنة الماضية مع مصطفى قلاب ذبيح، رئيس المنظمة الوطنية لناشري الكتب، والمدير العام لـ «دار الهدى»، تحت عنوان «الكتاب في خطر»، قال فيه «إنّ الحال تجاوزت قدرة مواجهة الناشطين في مهن الكتاب، وقد باتوا على شفا الإفلاس»، وعرض مجموعة من الاقتراحات توجّهت بها المنظمة للجهات المعنية، في محاور من بينها تنظيم المعارض، وتصدير الكتاب، والتنسيق مع مختلف الوزارات (مثل وزارة التربية الوطنية، وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال، وزارة التجارة) والإدارات، من أجل رعاية الكتاب.
وقال قلّاب حينها إنّ «إلغاء تنظيم الصالون الدولي للكتاب يعني المزيد من تضييق الخناق على مِهن الكتاب، بما قد يشكل الضربة القاصمة لظهر معظم الناشرين، بما يتبع ذلك من أضرار على بقية سلسلة إنتاج الكتاب في هذه الظروف العصيبة (...) لذا، فإن المنظمة أعدّت برنامجاً ثريًّا من المعارض الجهوية والمحلية لدعم الناشرين - ومن ورائهم مختلف المساهمين في إنتاج الكتاب - وهو برنامج معدّ بشكل يضمن - حسب تصوّرنا - إعادة إطلاق حركيّة الإنتاج الفكري والأدبي، وتعميمها على مختلف جهات الوطن. وهو طبعاً برنامج معدّ ليبقى وليستمرّ، إذا توفّرت له أسباب النجاح والبقاء من تفاعل وتنسيق مع القطاعات الإدارية والجماعات المحلية المعنية».
نقاط للاستدراك
في هذا السياق الصعب، يأتي تنظيم هذا الصالون، الذي لم يخلُ - مع ذلك - من نقائص وجب تداركها وتفاديها في قادم المواعيد المشابهة.
صحيح أنّ حضور 216 دار نشر و12 مؤسسة عمومية مختلفة في الصالون يمكن اعتباره نجاحا في ظل الظروف الحالية، وحسب معلوماتنا فإنّ سعر المتر المربع الواحد بلغ 3800 دج، وهو أكثر بقليل من نصف سعر المتر المربع الواحد في الصالون الدولي للكتاب، فيما يستفيد المنتسبون إلى المنظمة الوطنية لناشري الكتب (الجهة المنظمة للتظاهرة) من تخفيض على سعر المتر المربع. وكان مصطفى قلاب ذبيح، رئيس المنظمة الوطنية لناشري الكتب، قد ركّز قبل أيام على أن القطاع «تأثر بشكل كبير ما استدعى تخفيض أسعار الأجنحة للناشرين».
كما يُحسب للمنظمين حرضهم على اتباع «بروتوكول صحي»، حيث تم تحديد سن الدخول بـ «16 سنة فما فوق»، وتحديد أعداد الحضور في القاعات بمعدل «شخص في كل ثلاثة أمتار» مع «توفير المطهر بهياكل الاستقبال»، وكذا «التذكير دوريا بالإجراءات الوقائية عبر الإذاعة الداخلية» للجناح المركزي.
ولكن ذلك سيعني أيضا أن الـ 216 ناشر، الراغبين في بيع أكبر عدد ممكن من نسخ إصداراتهم (خاصة بعض أكثر من عام من «القحط» و»الشلل» كما سبق القول) سيجدون أنفسهم أمام إقبال أقلّ من المعتاد، هذا في حال ما تمّ احترام البروتوكول الصحي بحذافيره، وهذا ما دفع بعض الفاعلين في القطاع إلى التساؤل: «ما فائدة الناشر من المشاركة في التظاهرة في هذه الحالة؟».
سؤال لم يكنْ ليُطرح لو تمّ إعفاء العارضين تماما من دفع هذه المستحقات، وهذا لمجموعة من الأسباب، نذكر من بينها الظروف الاستثنائية التي طالت القطاع كما سبق الإشارة غليه، وأيضا لأن الكتاب في حدّ ذاته «سلعة استثنائية» لا يمكن التعامل معها على أنها سلعة اقتصادية مائة بالمائة.
أما البروتوكول الصحي، فكان بالإمكان اعتماده بشكل أكثر نجاعة وأقلّ وطأة على الجمهور، لو تمّ تنظيم الصالون في الهواء الطلق، والمساحات متوفرة لهذا الغرض.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024