نظّم قسم الفنون التابع لكلية اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية والفنون بجامعة الجزائر 2 - أبو القاسم سعدالله - ندوته العلمية الأولى بعنوان «فن المسرحية في ضوء تحولات المجتمع» بقاعة محاضرات الكلية، وذلك بحضور ومشاركة مجموعة من الدكاترة والأساتذة المختصين والطلبة.
عرفت الندوة إلقاء مجموعة من المداخلات لأساتذة ودكاترة من جامعة الجزائر 2، جامعة تيزي وزو وجامعة الشلف، فتنوعت بين التنظير والتطبيق، كما جاءت لتناقش مسألة جنس المسرح وتطوره عبر مراحل متعاقبة وأزمنة متتالية، باعتبار أن المسرح الجزائري لايزال يعيش مرحلة التجريب، ويحاول تسليط الضوء على جميع مناحي الحياة الاجتماعية السياسية الاقتصادية سعيا منه الإحاطة بمشاكل الحياة وظروفها والتعبير عن هموم الجزائريين وآلامهم.
ترأس الجلسة الصباحية الأستاذ الدكتور «محمد قشي»، حيث قدمت الدكتورة «وريدة أغادير» المداخلة الأولى تحت عنوان «توظيف الأساليب اللغوية في العرض المسرحي»، ركزت من خلالها على ثلاث نقاط رئيسية لتحديد الأسلوب (ملاءمة الأسلوب السامعين حسب ثقافتهم، ملاءمة الأسلوب الخطيب نفسه، ملاءمة الأسلوب مع الفكرة العامة لموضوع الخطاب)، كما أكدت على ضرورة انتقاء اللغة المناسبة من أجل الوصول الى أذهان السامعين أيا كان مستواهم وميولهم.
وتناولت الدكتورة «نعيمة العقريب» في مداخلتها الموسومة بـ «التجريب في مسرح عز الدين جلاوجي» مسرحية ولاد عامر نموذجا، والتي حاول فيها عز الدين جلاوجي المزج بين السرد والمسرح فأنتج ما يسمى بالمسردية، وهي تجربة لافتة للانتباه لاسيما في ظل القحط الإبداعي الذي يعيشه المسرح.
كما تحدثت الأستاذة «هدى قرباص» في مداخلتها المعونة بـ «التأصيل والتجديد في مسرح عبد القادر علولة» عن عدة عناصر منها: نظرية الفرجة عند «عبد القادر علولة»، شكل الحلقة وخصائصها عند «عبد القادر علولة»، بالإضافة الى دور الجمهور، المكان واللغة في إضفاء لمسة فنية على مسرح الحلقة عند «عبد القادر علولة».
ومن جهتها أشارت الدكتورة «زكية يحياوي» في مداخلتها الموسومة بـ «التلقي وسيكولوجية الذوق الجماهيري العام في المسرح الجزائري المعاصر» الى الأمور التي يجب مراعاتها لنجاح العرض المسرحي، ومن بينها: اختيار الموضوع العام للنص بدقة، وكذا اختيار لغة مخاطبة الجمهور المتلقي وفق الوعي الاجتماعي، إضافة الى الغاية النفعية من العرض المسرحي.
كما أنار الجلسة كل من الكاتب والمترجم «محمد ساري» والدكتور «نور الدين السد» اللذان قدما رأيتهما حول المسرح الجزائري؛ فقد أكد «محمد ساري» على أن الأداء اللغوي في المسرح موضوع اشكالي كبير يحتاج الى دراسة عميقة وقراءة متأنية، كما تحدث «نور الدين السد» عن إشكالية الفروق بين الخطابات الأدبية والخصائص التي يمكن من خلالها التفريق بين الخطابات منها: الهيمنة الأدبية، اتفاق الاصطلاح بين الناس ومكونات الخطاب (الشخصيات، الزمان، المكان...).
أما الجلسة المسائية فقد ترأسها الدكتور «نبيل حويلي»، وكانت المداخلة الأولى للدكتورة «ليلى قاسحي» تحت عنوان «واقع المسرح الموجه للطفل في الجزائر وآليات تطوره»، تحدثت فيها بإسهاب على المسرح الموجّه للطفل الذي ظل لفترة طويلة ضمن أدب الهامش، كما سعت لتقديم مجموعة من الآليات والاستراتيجيات من أجل النهوض بمسرح الطفل ومحاولة تطويره والسمو به، باعتبار أن هذا المسرح من الفنون التي تساهم مساهمة فعالة في تكوين الطفل وتمكينه من اكتساب المعارف والمهارات من خلال المضامين النفسية والتربوية والدينية...
في حين قدّمت الدكتورة «خيرة بونوة» مداخلة في الإطار النظري تحت عنوان «التجريب: إشكالية المصطلح وحدود المفهوم»، حيث تحدثت فيها عن ماهية مصطلح التجريب وسماته كونه مصطلحا مهما اختلفت حوله الآراء والأفكار والرؤى.
أما الدكتور «محمد قشي» فقد تناولت في مداخلته المعنونة بـ»تحولات الشخصية المسرحية في المسرح الجزائري»، مفهوم الشخصية وأبعادها (الاجتماعي، الجسمي، النفسي)، كما أشار الى نقاط أساسية متعلقة بالشخصية في المسرح الجزائري وأفاد ببعض النماذج المختارة بالدراسة والتحليل.
بينما تحدثت الأستاذة «أمينة مراح» في المداخلة الموسومة بـ «التجريب في المسرح الجزائري- مسرح بعلوج نموذجا -» عن مسرح الطفل الذي يتجّه نحو الريادة، والدليل على ذلك فوز مسرحيين جزائريين بجوائز أدبية أمثال»كنزة مباركي» التي حازت على جائزة الهيئة العربية عن نص «مدينة النانو»، و»يوسف بعلوج» الذي فاز بجائزة الشارقة عن نص «إنقاذ الفزاعة»، كما كسر العلبة الإيطالية (الجدار الرابع) بمسرحيته «سأطير يوما» من خلال تناوله موضوع أطفال القمر.
وبعدها أعطيت الكلمة للقاعة في مناقشة مستفيضة لأجل اثراء وتنوير موضوع الندوة، كما قدّمت بعض التوصيات من أهمها: استمرارية الندوات العلمية وترسيمها ليستفيد منها الطلبة، إضافة الى عقد شراكة مع هيئات تهتم بالفنون والثقافة بكل أشكالها، وكذا تأسيس نادي ثقافي بالقسم لاكتشاف المواهب وتشجيعها، وطبع أعمال الندوة ووضعها في الموقع الرسمي للكلية ليستفيد منها الطلبة، دعوة النقاد والمختصين لعقد لقاءات ونقاشات مع الطلبة، وترقية الندوات الى ملتقيات وطنية أو دولية.