قدّم عبد المنعم بالسايح ضمن «المجالس الافتراضية» للمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، قراءة لأول نصّ مسرحي له «شعائر الإبادة» الموجّه للكبار عالج فيه قضية الجائزة الفنية. عرج إلى عنوان فرعي لنص مسرحي «كتيبة جراح تدندن في قلب الوطن القتيل «الذي توّج بالمركز الأول في جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع بدولة الإمارات العربية المتحدة في دورتها الثانية.
تطرّق الكاتب المسرحي الشاب عبد المنعم بالسايح في النص المسرحي «شعائر الإبادة» الذي جاء في 300 صفحة، الذي يحمل 06 فصول ولكل فصل قرابة 14مشهد وكل مشهد ما يحمله من أحداث وحوارات وصراعات وقضايا، إلى موضوع جديد وهو علاقة المبدع بالقضية التي يعالجها، فغالبا ما تكون هذه القضية في النص هي محاكاة الواقع الحربي والمأساوي والمعذبين من ويلات الحروب.
في ذات الصدد أعطى صاحب النص المسرحي في مداخلته الافتراضية، الفكرة العامة للعمل المقدم، الذي تمّت متابعته قراءة ونقدا من طرف الدكتورة مينة فراح، وجاء على لسانه حول مضمون الفكرة: «أنه بعض المبدعين في عصرنا الحديث في كافة الفنون الإبداعية سواء في الكتابة بكافة أجناسها أو في الغناء أوالفن التشكيلي و.. إلخ، باتوا ينسجون علاقة حميمية مع القضية التي يعالجونها من أجل غاية الهبة أو الجائزة، أي أنهم يستثمرون إبداعيا مأساة الآخرين لا أكثر، وعليه وضعتُ الفكرة العامة تدور حول الجائزة الفنية وعلاقة المبدع بها، كما حاولت أن أميط اللثام عن السؤال المحوري الوحيد الذي يستصرخ في رحاب النص المسرحي «شعائر الإبادة»، فهل المبدع يبدع من أجل الجائزة؟ أم أنه يبدع من أجل الفن؟
قسم عبد المنعم بالسايح النص المسرحي إلى عالمين، عالم واقع تحت رحمة الحروب وويلات الصراع والدمار والموت وما ينتمى إليه من مبدعين ومثقفين ومفكرين، فلكل مبدع قصة ومعاناة.. وعالم مسالم لا تحدث فيه الحروب ويعيش في رفاهية وما ينتمي إليه من مبدعين ومثقفين ومفكرين ولكل منهم حكاية وغرض ولكن من اقتباس العالم الحربي.
قال أيضا في سياق مداخلته التي دامت قرابة ساعة ونصف، أن الفكرة الملهمة لكل فنان جعلها بطلة محورية في المسرحية، بحيث هذه الفكرة هي التي تنتقل بين العالم الحربي والعالم المسالم بدون قيد فهي التي تلهم المبدع بآلام ومعاناة ساكني الحرب وأيضا تحاكي الذين يعانون عن إعطائهم الأمان، فدور الفكرة تجسد في عقد ميثاق شرف مع المبدعين في الدول المسالمة الذين يوجهون بوصلة أفكارهم وإلهامهم إلى ساكني الأراضي التي تعج برائحة الموت.
أشار في ذات الصدد المتحدث أنه من بين الشخصيات التي لعبت دور الفاعل والمفعل في النص المسرحي نجد الكاتب الروائي، والمصور الفوتوغرافي، الفنانة التشكيلية، عدة شخصيات لها أدوار محورية وثانوية، ولكنه ركز على شخصية المبدعين وبكل ما يحملونه من تناقضات المبدع من مزاجية ونرجسية وشغب وحقد وثقافة حرة أو مستعبدة وهم في نفس الوقت يمثلون أحد أطراف المتعاقدين مع «الفكرة»، كما يحمل النص كل تناقضات الحرب كالخوف والأمان البكاء والفرح، الهزيمة والنصر، الأمل واليأس.
ينهي عبد المنعم بالسايح المداخلة بالنتيجة التي آلت إليها البطلة «الفكرة»، التي تمّ إعدامها في وطن لا يؤمن بالحرية الفكرية، في حين ينتصر المبدع الانتهازي وتصبح حرفته ملاحقة الجوائز وملاحقة جنائز الآخرين أو كما قال: هكذا ينتصر المبدعون لأنفسهم ولصنع مجدهم على حساب ضحايا الحروب الذين يتهافتون حول جائزة المدعين الكبرى.