ستطل علينا قريبا الكاتبة منال خرابي بعمل آخر يعالج ما خلفته رواية « بارانويا»، الذي كان أوّل عمل تطرّق فيه قلمها إلى طرح أسئلة وقضايا نفسية مازالت تدّق نواقيس الخطر في المجتمعات، وإلى حين أن يرى العمل القادم النور الذي لم يختر له عنوان لغاية الآن، لابأس أن نتعرف عن قرب على ضيفتنا القادمة من مدينة ڤالمة، التي تفنّنت في مراوغة القلم وتتمنى أن تسدّد ضربة جزاء قريبا من خلال عملها القادم.
«الشعب»: متى اكتشفت موهبتك في الكتابة؟
«الكاتبة منال خرابي»: لم أكتشف الكتابة كموهبة منفصلة عن عادات نشأت عليها، وعليه يمكن استبدال كلمة اكتشفت بكلمة انطلقت من العبارات العميقة ثم إلى الخاطرة فالرواية، كانت الورقة بالنسبة لي أرض قاحلة أولت حديقة مميزة بعد علاج وحرث دام لسنوات، منذ الطفولة إلى غاية اليوم لا أزال أكتشف بذورا من نوايا أدبية ترفع الفكر الإنساني.
لأني لو اعتبرت الكتابة مجرد هواية اكتشفتها فغصت في استعراضها سأبذل قصارى جهدي في تزيينها للقارئ دون تطويرها، فقط سأضيف مجوهرات لن تغني عني شيئا.
- لماذا اخترت ذلك المجال بالتحديد؟
سؤال قصير لكنه عميق، النتائج وحدها من ستجيب عنه بدقة أي أن المجال مهما كان نوعه هو من يختار المحقوق به وهو من يرفض من يتطاول عليه، خاصة المجال الأدبي لم يكن وجهتي يوما لطالما أحببت العلوم والرياضيات لكن الفلسفة والأدب سيطرا على الفراغ، وصدقا لقد قلت فيه واعترفت بين الكلمات التي كتبتها بكل شيء داخلي بصورة غامضة.
- ماهو الشيء المميز بك كمبدعة أو ككاتبة عن باقي المبدعين؟
لا أميّز نفسي على حساب آخر، إطلاقا لأن هذا يؤطرني بالمقارنة، وأنا ككاتبة لم أحتك بعد مع مبدعي هذا الجيل ولم أتفقد أعمالهم لذلك لا يمكنني الحكم على نوعية تميزهم أيضا، أما عن أدبي أكيد أن طريقه مختلف تماما من حيث الهدف وأدب كل كاتب مختلف عن الآخر طبعا، لا مثاليات في الكلمة أبدا ولو في أبسط كلمة، فحين أكتب في رواية كلمة «نعم» لن توازي نفس المعنى لأخرى «نعم» كتبت في رواية أخرى، هذه نظرية لا يمكن إثباتها إلا بنبرة الصوت.
- كيف تعاملت حيال كورونا؟ وهل أثر ذلك على مردودك الإبداعي ؟
لو لا كورونا لما أتممت عملي « بآرانويا» بسبب ضغط العمل، كنت أحتاج إلى الوقت والتركيز وكذلك كان الأمر إيجابا على المردود الفني، كورونا بالنسبة لي كانت هدية خير فقد قضيت وقتا وفيرا مع والدي خاصة، رحمه الله بإذنه، حيث ترك غنيمة من الذكريات الجميلة.
- أكيد لمنال أشخاص لهم الفضل في تواجدك على ساحة الكتابة؟
توفيق الله أولا وآخرا ثم رضا والدي، كان أبي السند في كل ما أقوم به، من مواقفه التي لن أنساها أنه أوّل من اشترى مني ستة نسخ ليهديها لأصدقائه وكان على استعداد ليشتري جميع النسخ فقط كي يمنعني من الشعور بصعوبة الأمر مع أوّل بداية لي في الساحة الأدبية، حتى قبل وفاته بثلاثة ساعات في يوم السابعة عشر ديسمبر من عام عشرين وألفين كان اتصاله الهاتفي بعد أن أرسلت له حواري مع جريدة الوسط يقول فيه: « أنت ابنتي حقا أنت قوّية وأنا أفتخر بك كثيرا .. أنتظرك في البيت».
- وماذا عن أهم أعمالك ؟ وهل هناك مشاريع مستقبلية؟
بارانويا حين أصيبت بإنسان آخر» أوّل رواية أضعها للجمهور تناقش أمراض نفسية تؤثر على شخصية الطفل فينمو بها بشكل خاطئ حتى يغيب عن حقيقة وجوده، نعم توجد رواية أخرى ربما سأطرح فيها علاجا لبارانويا، سيكونان مرتبطين مضمونا للوصول إلى الغاية المراد تحقيقها من وراء هذه الكلمات، فالكلمة وقت والإنسان وقت أيضا .. أسميها معادلة التخويف، لأني أخذت من وقتي فكتبت وأخذت من وقت القارئ فقرأ، فنحن الكتاب نسير في طريق الأدب بحسابين.
- كيف يمكنك تلخيص معنى الرضا في مجال الأدب؟
لا أعلم، الرضى يعني القناعة والتوقف عن تطوير المنتوج الأدبي وعدم الرضا يعني عدم الثقة بما قدّمته لذلك دعينا نقول نحن نسعى للرضى وسيتحقق بتصحيح السابق من الخطوات والثبات في الآتي منها، ما دام العقل يفكر هناك دائما تغيير نسعى لصوابه، لطالما كانت نصيحتي للقارئ أن لا يقرأ كتابا لا يقوي إيمانه باليوم الآخر.
- كيف ستوّدعنا منال خرابي في نهاية لقائنا معها؟
صدقا وليس مجاملة استشعرت الراحة في لقائي بكم، وهذا شعور افتقدته مع الكثير من الصحافيين، أشكر كثيرا جريدة «الشعب» على وقتها وحسن استماعها وخاصة صدق معاملتها.