محمد بغداد يقرأ فكر المغيلي في إصدار جديد:

«المشروع الإفريقي للمغيلي.. المخيال والتجربة»

نورالدين لعراجي

تطرّق الباحث والإعلامي محمد بغداد في آخر إصدار له إلى سيرة وفكر أحد أهم شيوخ وعلماء الدعوة الجزائري أصيل تلمسان  محمد بن عبد الكريم ابن محمد المغيلي التلمساني الذي عاش في أواخر مملكة بني زيان مابين «1425-1504»، ورحلته إلى أدغال إفريقيا من أجل  نشر التعاليم السمحاء للدين الإسلامي، وخصّه بعنوان يحمل بين جنباته إشكالية معرفية وفلسفية «المشروع  الإفريقي للمغيلي» المخيال والتجربة.
أشار الكاتب بغداد في مشروعه البحثي الى ثلاثية مهمة تضمنها الإصدار وهي «المرجعية والمناخ، النوازل والمنعرجات، الرؤية والمنهج»، بعد المقدمة التي أكد فيها على أهمية الموضوع وعلاقة الإنسان مع التاريخ تزامنا وصدمة الحداثة وعلاقتها بالموروث، كما تمّ وصفها، ليقول أن القضية استهلكت الكثير من الوقت والجهد، ولم يصل فيها الباحثون الذين اشتغلوا عليها الى الإجابة عن تساؤلاتها، بل لم يصلوا إلى «تحديد موقف معين أو رؤية محددة لطريقة تكييفها في الواقع العربي الذي يزداد تعقيدا، وقد زاد من ذلك الموضوع وتشابك قضاياه التسارع الرهيب الذي يغرق فيه هذا الواقع يوميا». عاد بغداد إلى نقطة البداية محاولا تفسير الصورة الوردية للحظة التاريخية «باستحضارها والعيش في أكنافها، علها تخفّف قليلا من مرارة ألم الواقع، وتمنح النفس أمنية إمكانية عودة الزمن إلى الوراء، ولا يكاد يستيقظ من هذا الحلم الجميل حتى تصدمه الثورات التكنولوجية الحديثة، التي تجذبه نحو مستقبل مجهول يزيد من توسيع هوة البعد بينه وبين الصورة الجميلة التي حلم بها قبل قليل».  
أوضح ذات المؤلف، أن هناك شخصيات تمكّنت في ظروف مختلفة «من بناء محطات حافرة، وشقّ منعرجات حاسمة في مسيرة التاريخ، إلى درجة أن الأجيال الجديدة لا تفارقها تلك المحطات،وتحولت إلى جزء أساسي في تفاصيل الخطاب اليومي، الباحث عن تبريرات وليس عن تفسير عقلاني للتاريخ والواقع».
اعتبر الكاتب أن القرن الثامن الهجري، هو قرن المغيلي بامتياز، موضحا أن «الرجل عاش ثمانين عاما وبالرغم من شهرته وصيته  لم ينحصر في هذا القرن» بل تجاوزه إلى بقية القرون القادمة، كما منحت خصائص القرن الثامن الهجري، الرجل فرصة ثمينة ليكون علامة بارزة في أذهان الدارسين للتاريخ، فهو قرن الفوضى وتراجع الدور العربي والفارسي في حركة الإسلام التاريخية، وبروز الدور التركي في قيادة العالم الإسلامي، والذي برز انطلاقا من السطوة الناشئة في قتاله شرق أوروبا، كما يقابل استئناف قوة المشرق ضعف كبير في المغرب الإسلامي، من خلال الغزو الصليبي انطلاق من غرب أوربا على الشمال ألإفريقي وظهور دور مؤثر للقبائل الوثنية في شرق إفريقيا».
وفي خاتمة الكتاب، يقول بغداد أن الرجل يعد نموذجا مهما وصيدا ثمينا لبعض النخب التي تسعى إلى تكريس أسطورة معاداة الساميةو بحيث لم يكن المغيلي مثقفا «فقيها» عاديا كبقية مثقفي عصره، بل مناضلا شرسا دافع باستماتة على ما آمن به من قيم ومثل، وما اقتنع به من رؤية وسلوكات وسياسات، وقد قدم في سبيل ذلك الكثير من التضحيات بعضها لا يتحملها العادي من أمثاله.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024