يعتبر الفنان زين الدين زردوم، صاحب الرّيشة السّاحرة، من بين الشباب المولعين بالفن التشكيلي بعاصمة الاوراس باتنة، يؤمن بأن الفن أداة جميلة وقوية للتواصل مع الآخر، وجسر لنقل الثقافات والحضارات، له مستقبل واعد تحكيه لوحاته المميزة التي تصرخ جمالا وسحرا، يتغزل بها ويهتم بأدق تفاصيلها من أجل إضافة عناصر الحياة والابداع والجمال إليها. التقيناه فكان لنا معه هذا الحوار.
الشعب: من هو الفنان زين الدين زردوم؟
الفنان زين الدين زردوم: شاب عشريني من ولاية باتنة، طالب جامعي في كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة ثالثة ليسانس، قانون خاص، فنان عصامي في بداية مشواره، يعشق الألوان والرسم، ومولع بالفن التشكيلي منذ الصغر، نشأ في عائلة محبة للفن وتحترمه كثيرا.
كيف كانت بدايتك مع الفن التشكيلي؟ ولماذا اخترت هذا الفن بالذات لتبدع فيه؟
بدايتي مع الفن التشكيلي كانت منذ الصغر فقد كان الرسم يستهويني كثيرا، وكنت أحاول تقليد أخي الكبير الذي كان مصمّم سيارات، كنت أشاهده طوال الوقت وهو يرسم، وأظن أنّه السبب الأول في إعجابي بالفن التشكيلي واعتناقي له، كانت رسوماتي متواضعة جدا آنذاك، وبعدها انقطعت لمدة من الزمن عن الرسم لأسباب خاصة، لأعود بقوّة بعد تحصّلي على شهادة الباكالوريا، حيث قصدت دار الثقافة بباتنة وتعرّفت على الأستاذ الفنان التشكيلي الكبير، الشريف منوبي، الذي أحترمه كثيرا وهو الذي ساعدني في صقل موهبتي والوصول الى ما أنا عليه اليوم من تقدّم كبير في مجال رسم اللوحات الفنية.
وعن سبب اختياري لهذا الفن كما قلت سابقا، فهو يستهويني كثيرا وأيضا بصفته نافذة أخرج منها من ضغوطات التي قد أعاني منها في حياتي اليومية، كما أنّه سيساعدني في ممارسة طريقة تفكير وتحليل جيدة للأمور ويكسبني بعد النظر.
ما هي المواضيع التي تحب معالجتها في لوحاتك الفنية؟ وإلى أي مدرسة فنية تنتمي؟
غالبا المواضيع التي أحب أن أعالجها متنوّعة ومختلفة وثريّة، حسب الأحداث والمناسبات، ففي بداية مشواري كنت أميل إلى المدرسة الواقعية وأحب رسم الأشخاص، أما الآن أصبحت أميل إلى المواضيع التاريخية التي تعبّر عن تاريخنا الاسلامي، هذا التاريخ الذي يعج بالبطولات والمعارك الملحمية والحكم والاحداث، وأنّني أيضا بصدد تعلم الزخرفة الإسلامية والخط العربي.
والحقيقة ليس هناك مدرسة فنية معيّنة أنتمي إليها، فأنا أركّز أكثر على الموضوع المراد إنجازه، بغض النظر عن طريقة القيام بذلك، حيث أحرص دائما على المشاركة في المعارض الفنية المشتركة، ولم أقم بإنجاز معرض فردي لأنّني لا أملك ذلك العدد الكبير من اللوحات التي أشكل بها معرضا فنيا بمفردي.
ولكن شاركت في الكثير من المعارض المشتركة سواء ولائية او وطنية، ومنها مشاركتي في اللقاء الوطني الثاني للشباب المتطوع المنظم بالطارف وتظاهرة «كن سعيدا» المقامة بدار الثقافة باتنة، وتحصلي على المرتبة الاولى وجائزة أحسن عمل فني ومشاركتي في تظاهرة الملتقى الادبي والفني على الهواء الطلق في طبعته الثانية..إلخ، وأطمح الى المشاركة الدولية إن شاء الله، فالهدف من هذه المعارض هو اكتساب الخبرة والافادة من مهارات الاخرين وتبادل المعارف.
ما هي المشاكل التي يواجهها الفنانون التشكيليّون الشباب في الجزائر للنجاح في هذا الفن؟
فيما يخص المشاكل التي تعترض أو يعاني منها الفنانون التشكيليون الشباب هناك الكثير والكثير، نحن نعاني من التهميش بالمقارنة مع أنواع الفن الاخرى، الفن التشكيلي كغيره من الفنون هو وسيلة للتعبيرعن الرأي أو هدف او حلم معين، ولكن رغم ذلك، نحتاج الى التفاتة. وايضا ليس هناك في المنظومة التربوية اهتمام بالفن التشكيلي، فمادة الرسم نادرا ما تجدها تدرس في المؤسسات التعليمية رغم أن الرسم يساهم في تحسين أخلاق التلميذ وتفكيره، وهذه هي الظروف التي تدفع وترغم الفنانين على الهجرة للخارج.
وفيما يخص طموحاتي، فأريد أن أخلق نوعا من الفن التشكيلي خاصا بي، أريد أن أعرف العالم كله بتاريخنا الاسلامي عبر لوحاتي الفنية، وأسعى لبناء مستقبلي الفني في بلادي، وأن افيد به أبناء وطني، أما الهدف هو دائما السير الى الافضل وتطوير تلك الموهبة، فالفن ليس له حدود هو طريق طويل جدا قد ينتهي ببدايات لطرق جديدة.
ما هي المشاكل التي يواجهها هذا الفن في الجزائر للحاق بركب باقي الفنون الأخرى؟
الفن التشكيلي في الجزائر على غرار باقي الفنون يعاني من تهميش واضح مقارنة بالموسيقى والمسرح، هذا التفريق بين الفنون بث الاحباط في نفوس الرسامين، إذ لا يجدون اهتماما كبيرا بفنهم فالكثير من ممارسين الفن التشكيلي تخلو ا عن هوايتهم بسبب عدم الاهتمام.
ما رأيك بواقع الحركة التشكيلية بالجزائر حاليا؟
الحركة التشكيلية حاليا ورغم وباء كورونا ومع الحجر الصحي الا أنها مستمرة، ولم تتوقف من جانب الفنانين فقد استغلوا فرصة الحجر الصحي للإبداع والمشاركة في المعارض الافتراضية.
كيف توازن بين زين الدين الإنسان والطالب الجامعي وزين الدين الفنان التشكيلي؟
في الحقيقة أنا شخص منظم كثيرا وأعطي الوقت قيمته، فزين الدين كطالب جامعي يعطي الدراسة حقها من وقت واهتمام، أما زين الدين الرسام، فتأتي في المرتبة الثانية، أي في وقت الفراغ أجد نفسي أبدع بأنامل ذهبية، وطبعا عندما أشارك في المعارض اخصص لها وقتا واقوم بترتيب برنامجي بحيث لا زهمل دراستي.
أما زين الدين في الحياة العادية فأنا شخص اجتماعي ومحبوب لدى جميع الناس والحمد لله، امارس الرياضة مع الاصدقاء واحاول تمضية اكبر قدر من الوقت معهم لأنهم أسرتي الثانية، فلن أنسى دعمهم الكبير لي.
من أين تستمد مواضيع لوحاتك؟ وما هي مرجعيتك اللونية، وكيف تبدأ برسم اللوحة وكيف تنهيها؟
في البداية كنت استمد مواضيع لوحاتي من الاحداث الحاصلة في العالم العربي بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة، أما بعد ذلك فوجدت نفسي أستمد مواضيعي من التاريخ الاسلامي، كما اخبرتك سابقا، يبهرني ما حدث من احداث في الماضي عندما كانت الامة الاسلامية واحدة وكان هدفها الوحيد نصرة الاسلام.
اما في ما يخص الالوان ليس لديّ قاعدة لونية محددة، ولكن في لوحاتي التاريخية احب استخدام اللون البني الذي يعبر عن اصل الانسان الذي هو التراب واللون الصفر، الذي يعبر غالبا عن الامل هذان اللونان اركز عليهم كثيرا، اما بداية الرسم تكون حسب نوع اللوحة اذا كانت بورتريه فأبدأ اولا بوضع القياسات، لأنّني انا فنان مبتدئ ولم أكتسب الخبرة الكافية بعد، وبعدها أبدأ في تخطيط شكل الوجه حسب القياسات المتخذة من قبل، فاستخدام القياسات يساعدني كثيرا في الرسم، أما اذا كانت لوحة من خيالي ومن تصوري ابدأ اولا باختيار الموضوع واحدد اطار اللوحة اما بداية رسم اللوحة ليس لها طريقة محددة او قاعدة معينة كل شخص وطريقته الخاصة.
ما هي مشاريعك الفنية المستقبلية؟
مشاريعي الفنية المستقبلية أولا أريد أن أكون سفيرا للفن الإسلامي في الخارج، وأكون أحسن من يمثل هذا التاريخ ليس فقط بفنه بل بأخلاقه، ثانيا أطمح لإيصال رسالتي عبر لوحاتي الى أكبر عدد من الناس، واكتساب المزيد من الخبرة في هذا المجال.
كلمة أخيرة؟
أشكر جريدة «الشعب» العريقة والمحترفة على هذه الالتفاتة القيمة وعلى اهتمامها بالفن التشكيلي، وأمنيتي هي أن تتحسن أوضاع بلادنا، وأن نجد الامكانيات والتشجيع والدعم للإبداع لتمثيلها أحسن تمثيل.