يرى أحمد خوصة مدير المسرح لجهوي لبسكرة، أن تسمية مسرح الجنوب ظهرت في الآونة الأخيرة، فلا يوجد مسرح جنوب وشمال، فالمسرح اكبر من الجغرافيا.. أما إن كان المقصود الممارسة المسرحية في الجنوب، فهذا هو الأصح»، مضيفا «أن ما يزخر به الجنوب من تراث لامادي، هو ثروة ثقافية وفنية وجب الاهتمام بها وتسليط الضوء عليها من خلال بحوث ودراسات معمّقة قد تجعل منها بوابة للعالمية والفكر الإنساني عموما.
أوضح أحمد خوصة في تصريح لـ»الشعب ويكاند»، «أن الجنوب هو خزان كبير للطاقات الفنية في مختلف مجالات الفنون، للمسرح جزء كبير منها وهي التي برهنت في العديد من المناسبات على وجودها».
فقد لا تخلو، حسبه «منطقة من مواهب شبابها وعلى سبيل المثال، فرقة النسور تندوف، التي أبدعت في الكثير من الأعمال الفنية، وفرق تمنراست وأدرار والوادي وبسكرة وورقلة وتقرت وجامعة وأبناء بشار وعين صالح وغرداية والأغواط وكل مناطق الصحراء».
وقال أحمد خوصة في هذا الشأن، أن «كل هذه الفرق حصدت جوائز وشاركت في المحافل الوطنية والدولية وتخرّج منها العديد من النجوم التي أصبحت أسماء بارزة في الساحة الفنية الوطنية بلة محمد وهارون كيلاني وعزوز ووهيبة باعلي وفتحي صحراوي وعباس محمد إسلام وشيخ عقباوي وزرور طبال وحميدة خيذر وغيرهم كثيرون هم خريجي الجنوب الجزائري».
«رغم هذا التألق والنجاحات المحققة تبقى جل الفرق المذكورة متذبذبة وفي غالب الأحيان تتوقف على النشاط والأسماء المذكورة تهجر إلى الشمال، حين تريد العمل لأن بعد المسافة يجعلها معزولة ولا تستطيع ترويج أعمالها في تلك المناطق»، وفق المتحدّث. ولهذا السبب، أضاف خوصةو «فقد أنشأت الدولة في الآونة الأخيرة مسارح جهوية وهذا بولايات الجلفة وبسكرة والاغواط والنعامة وبشار في انتظار تعميمها على المناطق الأخرى التي هي في حاجة ماسة إلى مثل هذه المنشأت لاستقطاب المبدعين».
تاريخ عميق مع المسرح ورواده
في سياق آخر، عرّج أحمد خوصة في حديثه عن انجازات مسرح بسكرة الفتي، الذي أطلق «مؤخرا مبادرة تعد الأولى من نوعها في الجنوب، من خلال إبرام عقود شراكة مع المؤسسات الثقافية، إلى التنسيق فيما بينها لتنشيط حركية مسرحية حقيقية وفعّالة في مجالات التكوين الفني في فنون العرض واكتشاف مواهب وطاقات الشباب وكذا التوزيع والاستثمار في المجال الفني وإعطاء ديناميكية فعلية في هذه المناطق».
ويمكن من خلال هذا المشروع طويل المدى «فتح أفاق واسعة للاستثمار الفعّال في شقين الفني والمادي، كون بسكرة كباقي مناطق الوطن لها تاريخ كبير ولها من المواهب والطاقات البشرية التي ساهمت محليا ووطنيا في اثراء الساحة الثقافية»، حسب ما أشار اليه أحمد خوصة مستذكرا بالمناسبة اسماء بارزة «الطيب العقبي وأحمد رضا حوحو والعربي بن مهيدي ومكي شباح وعمر البرناوي مرورا الشيخ سحية وبكوش والفطناسي وبعرير ودلباني ورحماني السعيد، وهم من الأسماء التي ساهمت في تاريخ المسرح في بسكرة وظلت بفضل عطائها شعلة المسرح متقدة ولم تتوقف أبدا».
وقد كان لبسكرة، يقول مدير مسرحها الجهوي «شرف تمثيل الجنوب كأول فرقة من الجنوب تشارك في أول طبعة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم سنة 1967، وكانت مدرسة البلدية للفنون الدرامية في بداية الثمانينات التي أشرف عليها الفنان الراحل رحماني لخضر، دور بارز في اكتشاف العديد من الأسماء التي مازالت تقدم للركح.. كما لا ننسى دور المسرح الجامعي الذي يشرف عليه الفنان محمد علي شيشة، والذي مثل بسكرة في محافل وطنية ودولية.
للتذكير، أنشأ المسرح الجهوي بسكرة في جانفي 2014 وبدأ العمل الفعلي في 2017، ويعتبر، حسب مديره «مكسبا كبيرا للمنطقة ككل، ولقد رسمت له خارطة طريق واضحة المعالم طويلة المدى لتجعل منه صرح إشعاع ثقافي بارز وقطب يحج إليه كل محبي الفن».
لذلك ركز اهتمامه على التكوين الفني كقاعدة، وقام بجلب خبرات وطنية وأجنبية نشطت مجموعة من التربصات في شتى فنون العرض استفاد منها شباب المنطقة. ويبقى التحدي الكبير أن يكون المسرح الجهوي أداة فعالة في تطوير الفن الدرامي وأن يكون له دور بارز وفعّال في الساحة الثقافية الوطنية.