قال إنّه تحوّل إلى عدوّ للعربية أكثر من الفرنسيّين، باديس فوغالي:

ياسمينة خضرا اختار الفرنسية للكتابة غير أنّه تجاوز هذا المعيار

نور الدين لعراجي

خلّفت تصريحات الرّوائي محمد مولسهول الكثير من الاستغراب والاستهجان، خاصة مواقفه من اللغة العربية واستصغاره لها أمام اللغة الفرنسية التي كتب ونشر بها كل أعماله الروائية، وجاءت الردود متباينة في مجملها مجتمعة على عدم مسايرة الكاتب المعروف أدبيا بإسم «ياسمينة خضرا» في بعض ما أدلى به للحصة التلفزيونية «حديث العرب».
قال الدكتور باديس فوغالي أستاذ الأدب واللغة العربية بجامعة قسنطينة، إن الرّوائي ياسمينة خضرا «تفوّه وبدون ترو ولا أناة، أو إحساس بالتبعة التي تتبعه كروائي له صيت عالمي، وشخصية ثقافية جزائرية لها حضورها الألمعي في حقل الكتابة السردية تكتب وتبدع باللغة الفرنسية». وأضاف من خلال منشور على صفحته الرسمية أنّ صاحب رواية «سنونوات بغداد»، استغلّ نزوله ضيفا على قناة «سكاي نيوز» العربية في برنامج «حديث العرب»، ليصب غيظه ويجلي حقده الدفين للغة العربية، لغة بلده وإحدى مقومات شخصيته الوطنية، بأن اتّهم أساتذة العربية الذين درّسوه في مرحلة دراسته الأولى بتحطيم طموحه وتفتيت قدراته الإبداعية والذكائية، وعدم إيلائه الأهمية لذكائه ونبوغه مثل ما حظي به من قبل معلّميه وأساتذته باللغة الفرنسية الذين شجّعوه كما قال وحبّبوا إليه الفرنسية وقرّبوها من كيانه ووجدانه».
وبالعودة إلى ذات التصريح الطويل والمتشعّب والمتعدّد الجوانب، حيث حمل فيه ياسمينة خضرا المثقّفين الجزائريين والعرب مسؤولية حسر انتشاره وطنيا وعربيا بسبب عدم التكفل برواياته نقدا وترجمة، وهي تهمة باطلة يقول الروائي باديس فوغالي وأنّها «غير مسوغة نقديا تحكمها أسباب أخرى موضوعية وغير موضوعية، حيث كان الأجدر على ياسمينة أن يقف عندها لمعرفة الدواعي الجوهرية لذاك العزوف مثلا، بدل إعطائه أمثلة لانتشاره في أوروبا وكثير من البلدان الآسوية وترجمة أعماله إلى لغات تلك البلدان».
وأضاف فوغالي في ذات الشأن «لو كانت رغبة مولسهول في تعميق مداركه ومعارفه بالعربية لصار روائيا وشاعرا كبيرا بالعربية أو باللغتين، فاللوم ليس على معلّمي العربية وأساتذتها إنما الخلل فيه شخصيا»، وبالرغم من ذلك قال  فوغالي إنّه يحترمه كروائي فذ ويكن له احتراما وإعجابا ويفتخر به لأنه جزائري اختار اللغة الفرنسية للكتابة فحسب، غير أنه تجاوز هذا المعيار وتحوّل مجانا إلى عدوّ لذوذ للعربية أكثر من الفرنسيّين أنفسهم».
تساءل فوغالي من الذي شكّل شخصية مولسهول وإيثاره الفرنسية على العربية؟ ليجيب بأن الأمر يتعلق بميل خاص وعشق ضليع تمكّن منه وجعله يصد عن العربية في بداية مشواره التدريسي والتكويني دون الحديث عن السياسة التعليمية التي كانت منتهجة آنذاك. الساحة الثقافية الجزائرية تعج بالأسماء الادبية الكبيرة إبداعيا كتابة باللغتين العربية والفرنسية، ولم تكن يوما تحمل حقدها على اللغة العربية ولنا في مشهدنا الأدبي الكثير منها، رشيد بوجدرة، واسيني الأعرج، مرزاق بقطاش، احمد منور، محمد ساري، امين الزاوي وغيرهم لم نسمع لهؤلاء يوما أنّهم طعنوا في لغتهم العربية بل بالعكس إنّها منحت نصوصهم العالمية ايضا دون حسابات سياسية، دينية أو عرقية.
تعود عقدة الروائي مولسهول من اللغة العربية الى فترة ما بعد الاستقلال، حيث كان التدريس في الجزائر اغلبه بالفرنسية وفي غالبية مواده، إضافة إلى اهتمام وتفضيل الوصاية والإدارة الموروثة على الحقبة الاستعمارية معلمي وأستاذة الفرنسية على معلمي وأساتذة اللغة العربية، وهذا عامل جوهري لطبيعة التعليم في تلك المرحلة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024