الروائي نبيل الكثيري يؤرخ لكتابة الدراما البوليسية

«سيدة الموت».. أو لحظة الوقوع في خيوط الجوسسة

نورالدين لعراجي

رواية «سيدة الموت» للروائي نبيل الكثيري عمل سردي يسلّط الضوء على حياة المجتمعات العربية بصفة عامة وعلاقاته مع الظواهر الأخرى التي يفرزها التمدن والحضارة الغربية، التي في ظاهرها تقليد، ولكن في أبعادها الوقوع في المحظور والسقوط في كمين الخديعة ومن ثمّة التجنيد في سراديب العدو والتجسّس.. عمل يتعلق بالإثارة والدراما وما يصاحبهما من رعب في عالم المخابرات والجوسسة، وظفها الكاتب بحنكة عبر 352 صفحة قسمها الى 19 فصلا، كل واحد يحمل حلقات متصلة بالجوسسة ودلالته وشخوصه مختلفة في عقدة فنية مميزة.

الرواية صدرت عن دار المتحدة للطباعة والنشر وصمم غلافها احمد محمود، وجاء العمل دون أية مقدمة توضّح للقارئ هذا المدخل التراجيدي ولم تحمل أيضا فهرسا ولا ترقيما للفصول من اين تبدأ والى اين تنتهي، خاصة وان العمل تجاوز الثلاث مئة صفحة من الحجم المتوسط ويزيد عدد كلمات الصفحة الواحدة عن الثلاثمائة .
وضع الكاتب في أعلى الصفحة رقم 5 مدخلا للفصل الأول بالبنط المتوسط «الوصية السري» كما ذكر السياق الزمني الذي كتب فيه العمل وقد حدّده في ليلة الأربعاء من شهر افريل سنة 2008، وهو نفسه بداية الدراما ويتعلّق الأمر بشاب اسمه وحيد حمدون التواب يدرس في كلية الهندسة، بالإضافة الى أنه يمارس رياضة الكاراتيه وأستاذه الدكتور هارون المنحدر من دولة عربية، يحمل الجنسية الكندية رفضت زوجته الأجنبية وأولاده الثلاثة القدوم معه الى حيث يشتغل في الدولة العربية التي لم يذكرها بالاسم.
في هذا الفصل تتداخل الشخوص في الحرم الجامعي وفي الغرفة المؤجرة من طرف الجامعة وعلاقتها بالمحيط الخارجي، إلا أن تدخل على الخط المدعوة نوال وهي ابنة عالم كبير في الطاقة لا تزال الشبهات تحوم حول موته وان الوفاة لا تعدو ان تكون حادثا بسيطا بل هو مدبر وهنا تبدأ التكهنات والشكوك تنذر بالشؤم.
انتقل المخبر اللغز مثلما وصفه الكاتب من حالة الى اخرى وكأنه يريد ان ينتفض بنفسه من حالة اللااستقرار التي كان يعيشها الى غاية ظهور ياسمين الطعم الآخر وكيف استطاعت الايقاع بالمحامي واستدراجه بطريقتها، مما جعله يسقط في شباكها ويوقع لها صك بنكي بقيمة مالية كبيرة مائة وسبعة وسبعون ألف دولار وكلها اغراض اشترتها من محلات المجوهرات والملابس الثمينة الموجودة بالفندق، فلم يجد المحامي من مخرج إلا التوقيع على مضض وفي اتفاق مسبق مع خادم الغرف وطلبها للفاتورة، دق جرس الغرفة وفي يديه قيمة المشتريات والأغراض، وفي مكيدة خبيثة بعد ان اخذت الصك البنكي وضعته بين ثناياها ومنحت الخادم دراهم معدودة على اساس انها الشيك.
سيدة الموت في النهاية لم تكن إلا السيدة القاتلة المحترفة والجاسوسة الصهيونية سونيا التي وقعت في كمين مدبر من طرف المخابرات بعد ترصد تحركاتها عن بعد، ولم يكفها الوقت لتناول السم الموجود في خاتمها وهي طريقة يلجأ اليها الجواسيس بعد اكتشافهم من طرف المخابرات.
قال الروائي نبيل الكثيري في الصفحة الأخيرة من روايته المعنونة بـ سيدة الموت» بأن هذه الرواية ستجعل البعض يرتجف خوفا وهلعا لأنهم قد يكونوا حفروا قبورهم بأيديهم ووضعوا توابيتهم فيها وهم لا يعلمون»..
وحين أبرق الكاتب هذا الحكم المطلق لم يكن ينتظر ان عمله سيكون له هذا الأثر الابداعي على القراء من حيث البناء الفني واستحواذه على عقول الكثير فهي تستحق ان تكون سيناريو لمشروع مسلسل مثير.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024