رحل الفنان الشيخ العيدوني بخالد وهو شاعر ومؤدي، مميز للأغنية البدوية بورقلة، تاركا فراغا كبيرا وسط من عرفوه، وأثرا طيبا في نفوس معظم الفنانين والمولعين بطابع الداني دان، الذين عايشوا مسيرته الفنية، في أجواء مهيبة طبعها التأثر والفقد شيع أمسية الأحد إلى مثواه الأخير، بعد أن كان المرحوم في رحلة علاج خارج أراضي الوطن.
لم يكن الشيخ العيدوني كما يجمع الكثير ممن عرفوه، شخصية فنية مميزة فقط، كان إنسانيا لأبعد الحدود وعلى تواصل دائم بالجميع، محبوبا بين أهله وأصدقائه وجمهوره، كان من رواد الأغنية البدوية ومن أكثر من ناضلوا من أجل بقائها رمزا للاحتفال والبهجة والفرح في وسط المجتمع الورقلي.
عرف بخفة الظل ووسع البال في تعاملاته المجتمعية، لم يميز يوما بين العائلات التي تدعوه لإحياء الأفراح والمناسبات على أنغام الطرب البدوي، كان يلبي دعوة الغني والفقير على حد سوا، حتى أنه كان معروفا بسخائه الكبير بين جمهوره، بل ويميل كل الميل إلى الفقير ويتحمل أعباء التنقل وإحياء الجلسة الغنائية على حسابه الخاص.
بدأ في الغناء البدوي صغيرا وكان مولعا بما يقدمه الشيخ العيد روابح، كما برع في الطابع الداني دان، الذي عرف به فنانو الطرب البدوي في منطقة ورقلة وكان من بين من تميزوا بحبهم الكبير للفنان خليفي أحمد كما ذكر رئيس جمعية الداني دان للثقافة والتراث الولائية بورقلة عبد القادر شبعني لـ»الشعب».
في رصيد الراحل العيدوني شريطين مسجلين بأغاني من أدائه، ومن بين ما أدى الشيخ العيدوني، وأبدع، أغنية «زيدورة» للشيخ بحوص، التي كانت عبارة عن أسطورة، تروي قصة عاطفية شبيهة بملحمة «حيزية»، تعلق بها وأحب جمهوره أداءه فيها وكانوا يطلبونها بكثرة.
وكان طموح الفنان الشيخ العيدوني كما أضاف الفنان عبد القادر شبعني، تجسيد أسطورة «زيدورة» في فيلم يحكي تفاصيل الملحمة في بيئتها الصحراوية الملهمة وكان قد تم اختياره لأداء دور الشيخ بحوص، لأن فيه من ملامحه رحمة الله عليهما، في مشروع طموح لجمعية الداني دان، إلا أن المرض العضال الذي أصيب به أبعده عن الساحة قبل أن يرحل عنا تاركا أثرا طيبا وجيلا محبا ومتمسكا بالأغنية البدوية عبر كل من ابنه البكر محمد الذي هو شيخ قصبة كما وابن أخته المغني في الطرب «الهاشمي بقي» الذي تتلمذ على يده.