في إطار الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، سطرت دار الثقافة محمد الأمين العمودي، بوادي سوف، مداخلة افتراضية للدكتور أحمد زغب بعنوان الألفاظ الأمازيغية في لهجة وادي سوف، تحدث فيها عن مشروع المعجم الذي أنجزه حول الألفاظ الأمازيغية المعروفة والمستعملة لدى سكان المنطقة.
أرجع الدكتور أحمد زغب أن السبب في لجوئه إلى إنجاز مشروع معجم الألفاظ الأمازيغية في لهجة وادي سوف، هو عدم الدراية التاريخية بالكلمات التي كانت في معتقد أهل المنطقة بأنها عربية أصيلة، بينما هي ذات أصول أمازيغية محضة، حيث قال: «أنه من المعروف أن في بلادنا وفي بلاد المغاربة عموما لهجات تعرفها المناطق حيث أن اللغة الأم هي العربية وفي بعض المناطق هي اللغة الأمازيغية، والمشكل أن الكثير من أصحاب هذه المناطق كمنطقة وادي سوف يظنون أن لهجتهم الأم العربية وأنه لا علاقة لهم بالأمازيغية وهذا ما دفعني لدراسة لهجة وادي سوف ووجدت فيها قدرا كبيرا من الألفاظ ذات الأصل الأمازيغي يعني لا وجود لها في المعاجم العربية بينما هي موجودة فقط في معظم المعاجم الأمازيغية كمعجم محمد شفيق.
وأكد المتحدث أن الأمر الذي جعله يفكر في التخفيف أو على الأقل إزالة التشنج الذي يصيب الكثير من الناطقين باللغة العربية كلغة أم كلما ذكرت اللغة الأمازيغية، قائلا في ذات السياق: «أن اللغة الأمازيغية هي تراث وطني يفترض أن يعتز به كل جزائري مهما كانت لغته الأم، ولذلك تتبعت المعاجم الأمازيغية فوجدت ما لا يقل عن 250 لفظ أو كلمة ذات أصل أمازيغي، وهذه الألفاظ ذات الأصل الأمازيغي معروفة في اللهجات الأمازيغية عامة كالميزابية والقبائلية والتارقية والشاوية وهي منطوق بها ومعروفة في اللهجات العربية لدى وادي سوف، ولكن لا وجود لها في المعاجم العربية كلسان العرب والقاموس المحياتي لفيروز البادي، والصِّحاح للجوهري وغيره من المعاجم العربية مما يثبت أنها أمازيغية خالصة.
كشف الدكتور أحمد زغب أنه وجد ألفاظا أمازيغية كثيرة وكثيرة جدا من خلال عملية البحث والتنقيب، والسبب يعود إلى تواجد العرب في هذه المناطق التي استعملتها، وبتعاقب الزمن بات الاعتقاد السائد بأنها عربية بينما هي أمازيغية.
في هذا الصدد قال:في القرن الأول للهجرة بالضبط في عهد عثمان بن عفان وخاصة قبيلة « عدوان » أوفي وصول القبائل العربية البدوية المسماة في التاريخ قبائل بني هلال في القرن الخامس للهجرة لم يجدوا المنطقة خالية بل وجدوها عامرة بسكانها، وجدوا على الأقل قبيلتين إثنتين وهما «زناتة» و«لواتة»، وهما قبيلتان أمازيغيتان وكانت لهما حضارة قوية».
أضاف ذات المتحدث: « يذكر أن القبائل الهلالية عندما وصلت وجدت أن هاتين القبيلتين كانتا، كما يقول المؤزخ الدكتور سعد الله على المذهب الإباضي بمعنى أن المذهب الذي كانوا يتبعونه لم يكن مذهبا سّنِّيا، الأمر الذي جعل هاتين القبيلتين كما يقول المؤرخون تنزاح إلى بلاد الجريد في تونس أو إلى وادي ريغ ثم إلى وادي ميزاب في غرداية، والأفراد الأمازيغ اندمجوا مع سكانها وأصبحوا يتكلمون اللغة العربية الأمر الذي ولّد الاحتكاك بين اللغتين لفترة طويلة من الزمن، وعلماء اللّغة يقولون كلما تساكنت لغتان في منطقة واحدة أو تجاورتا في منطقتين حدث بينهما احتكاك وصراع، وهذا الصراع سيسفر عن إحدى النتيجتين.. إما أن تتغلب إحداهما على الأخرى وتصبح المنطقة تتكلم بلغة الغالب وتتلاشى لغة المغلوب، أو تتعايشان جنبا إلى جنب، فالذي حدث أنه تم بقاء السكان الناطقون بالعربية وذهاب أكثر السكان الناطقون باللغة الأمازيغية، وعليه فنتيجة الصراع كانت لصالح العربية في المنطقة في آخر المطاف.
أضاف في مداخلته الدكتور أحمد زغب التي عرّج من خلالها إلى الفترة التي تم فيها تأثر اللّغة العربية بالأمازيغية بذات المنطقة، ألا وهي منطقة وادي سوف مستدلا بألفاظ مستعملة ومعروفة في حياتهم اليومية ضاربا أمثلة في الكثير من الأسماء ذات الأصول الأمازيغية المتمثلة في أعضاء الجسم والأدوات المنزلية والألبسة وكذا بعض أسماء الحيوانات، ناهيك عن أسماء بعض النباتات والثمار..
تجدر الإشارة أن المعجم سيكون بحروف التيفيناغ، ما يوازيه من حروف عربية، مرفوقا بأبيات شعرية وأمثلة شعبية متوارثة عند أهل المنطقة وعدة أسماء بالشرح باللغة العربية محددا كل لفظة بما يقابلها من مدلولها الأمازيغي الأصل.