أصدرت الأسبوع الماضي كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة طاهري محمد ببشار، كتابا يتناول دراسات حول تاريخ وثقافة المجتمع بالجنوب الغربي الجزائري لمجموعة من الدكاترة والأساتذة والباحثين، وحول هذا الإصدار صرّح لنا عميد الكلية الدكتور عبد الله سي موسى أن هذا العمل وأعمال أخرى سبقته يأتي ضمن فلسفة الكلية في تنشيط التظاهرات العلمية من خلال المنشورات وبالتنسيق مع مخابر البحث.
وعكف الباحثون على مستوى الكلية على إصدرا هذا المؤلف الجماعي الجديد من إشراف السيد مدير الجامعة وعميد الكلية ورئيس مخبر الدراسات الاجتماعية والنفسية والانثروبولوجية بالمركز الجامعي أحمد زبانا بغليزان، وتنسيق الدكتور علوي مصطفى نائب العميد المكلف لما بعد التدّرج والبحث العلمي والعلاقات الخارجية، مشيرا إلى أنه قد تمّ خلال شهر جانفي لهذه السنة الجارية 2021، نشر كتاب حول التربية الالكترونية بالتنسيق مع مخبر الدراسات الاجتماعية والنفسية والانثروبولوجية بجامعة أحمد زبانة بغليزان.
كما أضاف أن الكلية بصدد الإعداد إلى إصدار كتاب حول تساؤلات في منهجية البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وفي كتاب آخر حول أخلاقيات الممارسة الاعلامية مع مطلع سنة 2021، لإثراء المكتبة في تخصصات عدة وفتح المجال الأكاديمي لتوثيق أعمالهم وإفادة الطلبة المسجلين، من جانبه الدكتور علوي مصطفى أضاف أن هذا الإصدار جاء تكريما لروح الدكتور بن علي بوبكر الذي فقدته الأسرة الجامعية مؤخرا، والذي عرف عنه نشاطه العلمي وتفانيه في خدمة العلم، لا سيما ما يتعلّق بتاريخ وحضارة منطقة الجنوب الغربي الجزائري، ومن هنا يقول الدكتور علوي جاءت هذه الأوراق البحثية التي قدّمها أساتذة باحثون وجمعت في كتاب جماعي معنون بدراسات حول تاريخ وثقافة المجتمع بالجنوب الغربي الجزائري.
الكتاب يوثق بين دفتيه 11 مقالا تاريخيا يقع في 205 صفحة، حيث يتحدث المقال الأول لصاحبه الأستاذ «محمد العيهار» عن مدافن موقع جرف التربة و إشكاليته التاريخية، ساردا فيه أعمال الأبحاث الأثرية الميدانية التي خصت لمواقع «مدافن التيميلوس» بجرف التربة ونتائج الأبحاث التي أسفرت عن التنقيبات، أما المقال الثاني فساهم به الدكتور علوي مصطفى الذي عرض فيه لمحة تاريخية عن منطقة القنادسة وجذورها العريقة وأهميتها الجغرافية ومراحلها التطورية التاريخية، بالإضافة إلى ودور الزاوية القندوسية العلمي والتربوي. كما أثرى مقاله بسرد أهم الشخصيات التي توافدت إلى منطقة القنادسة، مقال الدكتورة سالمي زينب تطرّقت فيه إلى أثر العلماء الوافدين على الحركة العلمية بمنطقة «توات» من القرن الثامن إلى القرن العاشر وأبرزهم الشيخ محمد بن عبد الكريم المغيلي، حيث عرضت الأستاذة أبرز العلماء النازلين بإقليم توات وأثرهم في الحركة العلمية بالإقليم، وكتب الدكتور موساوي مجذوب عن الموقع الجغرافي والأهمية التاريخية لمنطقة جنوب غرب الجزائر خلال الفترة الاستعمارية. حيث عرف بالإقليم جغرافيا وبشريا ودوره الثقافي والديني، وإلى جانب ذلك ساهم الدكتور محمد فيقي الكبير بمقال حمل عنوان «المكانة التجارية لقصور الجنوب الغربي الأعلى الجزائري من خلال رحلات المغاربة أثناء العهد العثماني» تحدث فيه عن أهم الرحلات وعوامل انتعاش التجارة وأثرها الديني والثقافي والسياسي بالمنطقة.
وعرض الباحث والكاتب عبد الله حمادي الإدريسي في مقاله
«اختطاط بربر زناتة قصور توات وقورارة وورقلة وحواضر صحاري هذه البلاد في القرن 5 هـ\ 11 م ودورهم في تطوير كافة مجالات حياتهم، حيث أبرز اهتمام بربر الزناتة بانشاء قصورهم بالصحراء وحياتهم الاجتماعية، وتعرض الاستاذ حمامد محمد في مقاله إلى ثورة أولاد سيدي الشيخ 1864- 1880 قراءة في أسبابها وأدوارها ومميزاتها، حيث حدّد المجال الجغرافي للثورة والخلفية التاريخية لقبيلة أولاد سيدي الشيخ وأسباب اندلاع ثورتهم مركزا على المراحل والمميزات وأسباب الفشل.
واحتوى الكتاب أيضا على مقال للدكتور عبد القادر سلاماني حمل عنوان «التجارب العسكرية الصاروخية والكيماوية البترولوجية بكولومب بشار (حماقير ووادي الناموس) 1952- 1962 أشار فيه إلى الإرهاصات الأولى للمشروع النووي الفرنسي ومختلف أسلحة التجارب الصاروخية والكيماوية وتأثيرها على التلوث البيئي والإصابات التي تعرض لها الجزائريين، كما قدمت الدكتورة سياب خيرة موضوعا بعنوان قضية التفجيرات النووية بصحراء الجزائر واهتمامات البروفيسور كاظم العبودية، حيث عرضت فيه الدكتورة حجم دمار هذه الأسلحة التي أتت على الإنسان والحيوان من خلال أبحاث البروفيسور كاظم العبودي وأبحاثه التي نشرت منذ 1991.
وعنون الدكتور عبد الرحمان بلاغ بحثه بالسماع الصوفي بين التزكية والجمالية.. الحضرة الموسوية الكرزازية نموذجا، حيث عرض فيه السماع الصوفي وتقنية دواخله التي تتسامى بالروح في مجالس الذكر وعرض جوانبا من الرموز الموسوية وجمالية لغتها وسماعها، وتضمن الكتاب مقالا للدكتور شرفاوي الحاج عبو تحدث عن أبعاد وأهداف التركيبة الضمنية والرمزية لنماذج طقوسية من قصور الساورة ومنها طقوس الالتماس وطقوس «لالة مهاية» وطقوس الوقاية كون هذه الطقوس رمزا من رموز الخضوع والاندماج الاجتماعي.