حطّ مقهى البهجة الفني والأدبي في عدده الـ17 ببلدة عمر بالولاية المنتدبة تقرت بعد استئناف نشاطه مؤخرا، اللقاء الذي نظم بأحد مقاهي بلدة عمر، كان متنوعا بين الشعر والإنشاد والنقد أيضا كما كان فرصة لإطلاق العدد العاشر 10 من مشروع مقهى في كل مكتبة.
ذكر الناشط الثقافي ومؤسس مقهى البهجة الأدبي والفني الأستاذ محمد الأخضر سعداوي في حديث لـ»الشعب» أنها كانت من منطلق قلة الهياكل الثقافية في تقرت، رغم الزخم الإبداعي فيها هنا، حيث يفتقر الفنانون حسب تعبيره إلى أربعة جدران تجمع شملهم، إضافة إلى الرغبة في خروج المثقف والفعل الثقافي من نخبويته إلى المجتمع وليس هناك أحسن من المقهى، مشيرا إلى أن أول لقاء فني متنوع نظم في مقهى الراحل بشير شيحاني تكريما لروحه.
واجتمع الرسام والمغني والعازف والشاعر والقصاص وقدم كل منهم فقرة فنية خلال سهرة ربيعية جميلة شهر أفريل 2016.
بعدها قال المتحدث تبادرت فكرة تقريب الكتاب إلى القارئ العادي، اتصلنا بأحد المقاهي فرحب صاحبه بالفكرة، التقينا وقدمنا فقرات فنية، متنوعة ثم أعلنا عن إطلاق مشروع مكتبة في كل مقهى بتقرت بتمويل فردي، حيث يتبرع المشاركون بالكتب التي تبقى لصالح قراء المقهى ووصلنا حاليا إلى عشر مكتبات عبر مختلف بلديات ودوائر الولاية المنتدبة.
وعن ما يميز هذه الفكرة عن غيرها من المشاريع الثقافية، قال محدثنا «أؤكد أن مشروعنا يختلف عن المقاهي الثقافية التي تنشط على المستوى الوطني في أننا ننشط في المقاهي المنتشرة عبر المدينة وليس في قاعات مغلقة كما أننا نؤسس كل مرة مكتبة في مقهى جديد وطموحنا تغطية كل مقاهي المدينة والمشروع مستمر بحول الله».
وأوضح أنه خلال فترة كورونا توقف النشاط لفترة بسبب الوباء وقد تم استأنفه مؤخرا بعددين جديدين وبمشاركة عدد من المبدعين الجدد كما كان فرصة لاكتشاف عدد من المواهب وتشجيع بعضهم على الظهور والوقوف أمام الجمهور.
وأشار إلى أن مقهى البهجة الفني والأدبي يعتمد في نشاطه على إمكاناتهم الخاصة بشكل كلي، حتى الكتب التي تؤسس بها مكتبات في المقاهي هي من تبرعاتهم وتبرعات المؤمنين بالفكرة، مضيفا في هذا السياق، «ننظم جلساتنا كلما تيسرت الظروف لنا ومن المهم أن ننوه باستجابة المبدع والفنان المحلي للمبادرة، حيث يستجيب هؤلاء كلما دعوناهم لتنظيم عدد جديد، كما ننوه بترحيب أصحاب المقاهي في منطقتنا بالفكرة واحتضانهم لها»
من النتائج التي جنيناها إلى حد الآن من خلال هذا النشاط الثقافي يقول محدثنا، تغيير مفهوم دور المقهى ووظيفته الاجتماعية، تشجيع عدد من المبدعين على الظهور وممارسة مواهبهم وتعريف المبدعين المحليين بعضهم ببعض، الملحن والشاعر والمغني.... مما يمهد لميلاد أعمال فنية مشتركة بينهم.
نقص الهياكل قلل العمل الثقافي ودوره
وفيها يخص واقع المشهد الثقافي المحلي لمدينة تقرت اعتبر محمد الأخضر سعداوي أنه يعيش حالة من التناقض، فالمنطقة زاخرة بالمبدعين في شتى المجالات الفنية، منهم الذين يمثلون الولاية وحتى الوطن في مختلف الفعاليات الثقافية، ومنهم الذين بقوا في حدود المنطقة ولم تتح لهم فرصة الظهور، هذا الزخم الكبير يقابله تصحر وجفاف في الأنشطة والتظاهرات الثقافية محليا، فلا مهرجانات ولا ملتقيات ولا ندوات ولا لقاءات تمكن المبدع من الظهور وتقديم ما عنده للجمهور. وفي ظل نقص الهياكل الثقافية ما بقي إلا بلديات هي أبعد ما يكون عن إدراك قيمة العمل الثقافي ودوره في تنمية المجتمع.
ويبقى دور الجمعيات وخاصة الثقافية متواضع جدا لأسباب موضوعية وذاتية، أغلبها تفتقر إلى الدعم المادي وإلى التشجيع من جهة وإلى الاحترافية في ممارسة النشاط الثقافي وصناعته من جهة أخرى وبين هذا وذاك تراجع العمل الثقافي حتى كاد يختفي مع الأسف.