الفنّانة سهام كنوش لـ «الشعب»:

الرّاوي فنّان يجمع بـين الأداء والسّرد

حوار: حبيبة غريب

التحكم في التراث الشعبي مفتاح نجاح عروضنا

تحمل في جعبتها عدة عروض فنية مسجلة في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ومجموعة من قصص الأطفال، منشّطة حصة ثقافية تراثية بالإذاعة الوطنية والقناة الثالثة وحصة أخرى تعنى بالموروث الشفهي بالتلفزيون الجزائري بقناة كنال ألجيري.  سهام كنوش، فنانة راوية جعلت من القول المتوارث عن الجدّات، مادة خام لأعمالها الفنية، تكشف لنا من خلال هذا الحوار عن شغفها الكبير لمهنتها كفنانة راوية. 


- الشعب: تعرف سهام كنوش في الوسط الفني بسعيها لتقديم دائما الأفضل والأجمل، والتقت بك «الشعب» وأنت ترافعي بشغف عن وضعية وحقوق الفنان الحكواتي أو الراوي في اللقاء الأول من نوعه الذي نظمته وزارة الثقافة بمكتبة الحامة في 28 سبتمبر المنصرم، كيف تفاعلت مع الأمر؟  
 الفنانة سهام كموش: كان اللقاء الوطني لشبكة الحكواتية، إيجابيا جدا لأنها المرة الأولى التي نلتقي فيها في طابع رسمي، وأن الوزارة هي التي نظمت الاجتماع وهذا أمر ايجابي جدا.
لقد كانت هناك عروض ليلة الحكاية التي اقترحتها العديد من الجمعيات وبعض الوكالات أو المؤسسات الخاصة، وبعض منظمي العروض، أو المؤسسات التابعة للوزارة مثل ديوان رياض الفتح، دار الأوبرا بوعلام بسايح والوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي،ولكن حين التقينا تحت إشراف وزارة الثقافة كان هذا بمثابة تتويج لما ناضلنا من أجله كثيرا، لقد سمعونا أخيرا نحن الذين لا نكف عن الحكاية والكلام.
- قدّمت منذ دخولك ميدان الفن عدة مهرجانات ولقاءات وعروض حول الراوية والراوي داخل وخارج الوطن، مسيرة فنية كان وراؤها تضحيات وإصرار كبير، هل حدّثتنا عنها؟
 لقد ضحّيت بمسرتي الفنية من أجل الفن أنا أستاذة أدب عربي، وحاملة لليسانس في الأدب، استقلت من منصبي لأتفرغ لفني ولشغفي بالتراث اللامادي وخاصة كل ما يتعلق بالحكاية والأحجية والألغاز والقصائد الشعبية.
لي حاليا 8 عروض مسجلة عند الديوان الوطني لحقوق المؤلف منها عرض سماع الندى الذي يشارك فيه معي راويين اثنين، وسبعة مطربين كل واحد منهم، يقدّم قصيدة معروفة، ما يميز هذا العرض هو أن هناك حركة فوق الخشبة وطرب وسماع. من تنظيم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي في 2014 ومن تصميمي. وهناك عرض الأسماء مع الفنانة لمياء آيت عمارة التي تغني القصائد التي فيها الأسماء، وعرض سلطان الهوى مع الجوق الفني الوطني وأين نقدم حكايات من التراث مقدمة بطريقة أخرى، وعرض «أمير تيمبوكتو» بمرافقة فرقة «دار برنو» لوصفان بقسنطينة.
- هل نقول سهام الراوية أم سهام الحكواتية؟ وأين يكمن الفرق بين المصطلحين؟
 الحكواتي كلمة من اللهجة الشامية السورية، نحن نقول القوال أو الراوي في بطاقة الفنان خاصة مكتوب الراوي سهام كنوش. الراوي هو فن عرض مكتمل الفرق بين الفنان والممثل والكوميدي والحكواتي هي أن هذا الأخير لا يقوم أو لا يؤدي دورا فهو عفوي يروي أحداثا ويسرد ولا يمثل، هناك خيط رفيع بين فن التمثيل أو القيام بالدور وسرد الحكاية. فن القوال ألهم الكثير من المسرحيين وعلى رأسهم الراحل عبد القادر علولة.
- من أين يستوحي الراوي المادة المقدمة في العروض؟ هل مصدرها الحكايات التراثية المتوارثة أم هناك تجديد للنصوص بحكم متغيرات المكان والزمن والعصرنة؟
 لو رجعنا للأصل ولو نظرنا إلى المدرسة الكلاسيكية فهي حتما ستعيدنا إلى التراث الشعبي الزاخر الغني الذي لا ينتهي، فهو غني بحيث يفتح مساحة واسعة للإبداع والخيال. على سبيل المثال حين قدمت العرض بعنوان «الأسماء « والذي يمكن من تغيير مجرى الحكاية من اسم لآخر، يعطيني البعض من الحضور أسماءهم وأحكي لهم قصصا حولها...يستلزم علينا اليوم أن نتحكم ونستوعب التراث أولا، لنبدع بعدها ثانية لان الإبداع لا يحصر.
ما ينبغي القول في الواقع، في الوقت الحالي وفي فن الحكاية أننا استطعنا أن ننقل الحكاية من ركن المدفئة إلى القاعة أو الركح وتحويله إلى عرض فني حقيقي يتقبله الجمهور. تحضرني تجربة في 2013-2014 حين كنت أقول للناس أنا راوي يقولون لي بعد التعجب «نجيب لك وليدي تحكي له»، حتى أنه طلب مني ذات يوم أن أجالس الأطفال وأحكي لهم قصصا قبل النوم حتى يتمكن الأولياء من الخروج للسهر في احتفالات رأس سنة. لقد ضحكت كثيرا ساعتها، كما ترونا الآن يقف الحكواتي على خشبة المسرح أو دار الأوبرا أمام جمهور متكون من 600 أو 800 أو 1000 شخص.
- تحدثت عن دورات تكوينية، أين تقام وما هي المحاور التي ترتكز عليها؟
 تلقى العديد من الرواة أو القوالين تكوينات وقمنا قبلها بدراسات وأبحاث في التراث وقبل هذا وذاك، تحصلنا على شهادات جامعية كل حسب تخصصه، كانت لنا دورات تكوينية مع جمعية القارئ الصغير بوهران وكان هناك تكوين أيضا مع جمعية «كان يا مكان» بقسنطينة التي لم تعمر طويلا للأسف وقمنا أيضا بتربصات أخرى بالخارج. تنظم هذه الدورات في أيام معدودات وفي بعض الأحيان هناك رواة يأتون من الخارج لتنشيط البعض منها لكن أقول أننا تهاونا قليلا مع جانب التكوين.
وتتعلق المواد المقدمة إلى مخارج الحروف، النطق، البلاغة، البحث في التراث، الحركة على خشبة المسرح، سيميائيات الكلمات، الكتابة والسينوغرافيا، وسيميائية العرض.
- هل يمكن للراوي أن يعيش بفنه؟
 هذا أمر صعب جدا، لكنني تخليت على التعليم ومنصبي كأستاذة لأتفرغ لفني واكتفيت بعقد صغير مع الإذاعة وآخر مع التلفزيون، واستطعت أن تكون لي بطاقة فنان وبطاقة منتج عروض من الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. ومتى أصعد فوق الخشبة ويتجاوب معي الجمهور، أحس أن هناك عرفان لتضحياتي ولما أبذله من مجهود.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024