تناقش «الشعب» مع مدير المسرح الجهوي لولاية بسكرة أحمد خوصة تجربة الانتقال بالمسرح نحو الفضاء الافتراضي خلال فترة الحجر الذي فرضته الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية المتخذة من أجل تفادي انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 وكيف كان لذلك الأثر في تنويع الأعمال المقدمة وتسهيل وصولها إلى الجمهور.
الشعب: تجربة الفضاء الافتراضي جاءت تكيفا مع واقع فرضه الحجر بسبب فيروس كورونا، كيف تقيم تجربة مسرح بسكرة الجهوي في هذا المجال؟
أحمد خوصة: عملنا في الفضاء الافتراضي بدأ فعليا قبل جائحة كورونا، وهذا إيمانا منا بدور الوسائط الاجتماعية لنقل المعلومة والتقرب أكثر من الجمهور من خلالها، لكن بعد غلق الفضاءات والقاعات، توجب علينا تغيير الإستراتيجية التي كانت تهدف لتحضير الجمهور لافتتاح المسرح الجهوي من خلال مخطط سنوي لتكثيف العروض المسرحية والأنشطة الخاصة بالأطفال إلى التوجه المباشر إلى الفضاء الافتراضي وقناة اليوتيوب ولهذا بدأنا في التفكير في كيفية الوصول بهذه البرامج إلى المشاهد في بيته والعمل على تقديم أعمال تقنعه بالبقاء في البيت ومشاهدة تلك البرامج.
من هنا تم تقسيم النشاطات إلى ثلاث أجزاء منها جزء مخصص للنشاط التوعوي التحسيسي بخطورة الوباء وكيفية الحفاظ على سلامة الفرد والمجتمع بإعداد ومضات إشهارية شارك فيها مجموعة من الشباب المبدع وقدم أعمال كان لها الوقع من خلال عدد المشاهدة.
أما الجزء الثاني فقد كان عبارة عن برامج موجهة للكبار وتمثلت أساسا في عروض مسرحية محلية ووطنية وحتى دولية بالإضافة إلى انطلاق برنامج خاص برجالات المسرح والفن منتدى فضاء الركح وهو اليوم في عدده الـ127 وعدد المنخرطين به يصل إلى 3680 منخرط وقد أسهم في طرح العديد من القضايا المسرحية.
بينما وُجه الجزء الثالث لنشاطات الأطفال وقد كان له حصة الأسد من خلال عدة فقرات وهي عروض مسرحية ومسابقة وطنية للطفل الموهوب وحصة لنتحدث فقط مع الأطفال وقد حصدت نسبا عالية من المشاهدين بلغت أكثر من 20 ألف مشاهدة.
ما تأثير ذلك على الإنتاج المسرحي؟
أعتقد أن البرامج والنشاطات التي أعدها المسرح الجهوي في هذه المرحلة جعلت منه قبلة لكل أطياف المجتمع وهذا ما حتم علينا الانطلاق في مرحلة جديدة، ألا وهي كيفية تنويع الأعمال وتطويرها أكثر وكذا جلب المستثمرين لتمويل نشاطات المسرح والاستفادة من عملية التمويل للبرامج التي تبث على قناة اليوتيوب بدلا من الفضاء الافتراضي والاعتماد أكثر على الموقع الالكتروني الخاص بالمسرح والذي انطلق فعليا في 08 جوان 2020 وهذا بمناسبة اليوم الوطني للفنان وفي هذا الصدد قمنا بإقناع ممولين لتمويل الحصص الخاصة بالأطفال لنتحدث فقط مع الأطفال والحصة الجديدة «كيدز لايف» وسيتم تمويلهما من طرفهم كمرحلة أولى في انتظار الحصول على ممولين آخرين لنشاطات أخرى.
هل انتقال المسرح إلى الفضاء الافتراضي يساهم في توسيع القاعدة الجماهيرية؟ وكيف؟
عملنا في الفضاء الافتراضي وقناة اليوتيوب يعتبر جزء من المخطط الذي رسمناه لعمل المسرح الجهوي بسكرة وهو مكمل لنشاطاته الأخرى والتي تتمثل بالأساس في إنتاج وتوزيع الأعمال الفنية.
وهذا ماردنا أن نقوم به عملا على خلق قاعدة جماهرية كبيرة داخل الولاية وخارجها قصد الترويج لنشاطات المسرح ووصول المعلومة لأكبر عدد من المواطنين في أسرع وقت مع إمكانية إعداد قاعدة جماهرية كبيرة تسهل علينا تسويق أعمالنا الفنية بكل أريحية من جهة وأيضا تشغيل فئة من الفنانين في مجالات أخرى غير الإنتاجات المسرحية وكسب مداخيل إضافية.
الافتراضي يفتح الباب أمام مشاريع أخرى مستقبلا أكثر فعالية، ما الذي تسعون إلى تحقيقه في المرحلة القادمة؟
أكيد أن هذا التوجه لمسرح بسكرة الجهوي يندرج في إطار فتح مجالات تنويع الإيرادات وتقليص عدد المصاريف، حيث وجب علينا إقناع الممولين للدخول كشركاء أساسيين في الأعمال التي ينتجها المسرح وهنا تكون بطريقة تستفيد وتفيد أي بمعنى المصلحة متبادلة بين الطرفين وعدم استغلال طرف لآخر.
وإذا استطعنا أن نصل إلى هذا الهدف أكيد أننا سنفتح المجال لتشغيل عدد كبير من الفنانين الشباب وتفجير طاقاتهم وإبداعاتهم وتنويع أعمال المسرح وألا تقتصر على الإنتاج وتوزيع الأعمال المسرحية إلى مجالات أخرى.
وبشكل عام الوضع الذي عشناه خلال هذه الفترة لم يكن متوقعا وفرض علينا واقعا جديدا علينا التكيف معه ليس فقط بالنسبة للمؤسسات بل حتى على الفنانين وهذا ما جعل الكثير يفكر في طرق جديدة للعمل وتغيير السياسة القديمة بالاعتماد على مصدر واحد للعمل.
وأكيد أن فكرة المؤسسات الفنية الصغيرة التي طرحتها وزارة الثقافة هي بديل فعلي وحل يرفع الغبن على الكثير من الفنانين كما يتيح لهم حرية أكبر في التسيير وتطوير قدراتهم الفنية وكمصدر للدخل وفي شق ثاني فإن مؤسسات الدولة ستكون مضطرة إلى العمل أكثر لتنويع مداخيلها والتي ستسمح لها بالعمل بأريحية.
هل تعتقد أنه من المهم الاستمرار في هذا الطريق بعد كورونا؟
الكثير من المتتبعين يرون أن هذه المرحلة جعلت منا أكثر اقتناعا بالدور الذي تلعبه الوسائط الاجتماعية، وكما قلت سابقا يجب علينا تطوير أساليبنا وتنويعها بما يتماشى وواقعنا.
والكل يتفق مع أن هذه الوسائط لها دور كبير وعلينا أن نعمل بما يضمن لنا الاستمرار ومسايرة متطلبات التطورات الراهنة فالكل يتطور بسرعة فائقة ولا بد لنا أن نستفيد من هذه التجربة.
كلمة أخيرة
إننا نجتهد ونقدم عملا وعملنا قابل للنجاح والفشل، لكن نحن نعمل وفق مخطط مدروس وهذا في ظل ظروف ليست بالسهلة، مع ذلك فإنه لابد من الإشارة إلى أن من أبرز ما حققه مسرح بسكرة الجهوي خلال هذه المرحلة هو النجاح وإلى حد ما في كسب ثقة الكثيرين من أهل الفن، حيث خلق لنفسه قاعدة من المهتمين والمتابعين وهو ما يحتم علينا العمل أكثر للوصول إلى أهدافنا التي سطرناها وبكل موضوعية.
فمسرح بسكرة لم يفتتح بعد وهذا ما زاد من مسؤولياتنا للانطلاق بثبات وجدية سعيا لخلق مكانة وسط مسارح عريقة لها تقاليدها في العمل وكل ما أطلبه الآن هو عدم الحكم علينا من البداية فالبناء يتطلب وقتا وجهدا وتفهم وتريث، إن أخطانا فالأكيد أن النية سليمة.