وصفت الباحثة في علم الأركيولوجيا، فايزة رياش، نفسها بالشخص الذي لا يتوقف عن النشاط والعمل، وكونها أستاذة جامعية، ومنتجة لبرامج التراث بالإذاعة الوطنية، ورئيسة جمعية وطنية للتراث، تساهم في التحسيس بخطورة الوضع الصحي، إضافة إلى تفكيرها المنصب على التراث والآثار، لكن اليوم وأمام جائحة عجز الاطباء عن ايجاد دواء لها، كان من الضروري التفكير خارج المألوف في كيفية استغلال هذا الوقت، ومد يد المساعدة إن أمكن لمن هم في حاجة إليها، خاصة في ظل الانتشار السريع لفيروس كورونا.
تقول أستاذة الآثار، بجامعة الجزائر 3 «في البداية قررت عدم الخروج من البيت إلا للعمل في الإذاعة، لأن برامجي لم تتوقف خلال الجائحة، حيث كنت أذهب إلى العمل مرة إلى مرتين في الاسبوع من أجل إعداد وتقديم برنامجي الاسبوعي «تراثنا هويتنا» و
«»مواقع « وبعدها برنامج «هويتنا في أطباقنا « ثم « طقوس صيفية «، مع اتخاذ كل تدابير الوقاية «حيث أصبح المعقم بكل أنواعه رفيقها الدائم، لكن القرار الصعب هو عدم مقدرتها على زيارة والدتها وأهلها التي اعتدت على زيارتهم باستمرار، إلا إنها التزمت بشروط الوقاية لحمايتهم من انتقال المرض في حالة وجوده وتجنّب كلّ خطر ممكن عليهم.
أضافت في ذات الصدد، «المرحلة الأولى عشتها بكثير من الصفاء والهدوء ممزوجة ببعض الخوف من الوباء، لكن بحكم أنني، منذ سنوات، لم أستفد من فترة راحة، أحسست أنها قد تكون استراحة محارب، لنعود بعدها لنشاطنا المعتاد، لكن الوباء بدأ في الانتشار أكثر، ولأن الحسّ التضامني الذي أتمتع به تعاظم أكثر، خلال هذه الفترة وبتمديد فترة الحجر الصحي»، حيث قررت العودة إلى نشاطها العلمي والاكاديمي والتركيز أكثر على العمل التطوّعي، فقررت بعد التشاور مع أعضاء الجمعية المساهمة ولو بالقليل في مساعدة العائلات المتضررة من الحجر الصحي، إضافة إلى مساعدة المستشفيات، حيث قاموا بالتنسيق مع جمعية تاقرارت، بتلمسان، وبإشراف من المركب الرياضي الجواري شتوان، من مساعدة الكثير من العائلات المتضررة، إضافة إلى قيام الجمعية بخياطة أكثر من 4 آلاف قناع واق وأغطية أسرة بالتعاون مع مركز التكوين المهني مغنية 2 ومركز التكوين المهني صبرة، سلمت لمستشفى الرمشي الذي قام بتعقيمها، حيث أكدت الأستاذة رياش أن المساعدات كانت بأموالهم الخاصة، لأن الدعم الوحيد الذي استفادت منه الجمعية كان مخصصا للنشاطات الجامعية، إضافة إلى أعمال تطوّعية أخرى في سطيف والجزائر العاصمة.
في السياق ذاته، أوضحت رياش أنه وبعد قرار غلق المؤسسات المتحفية والمواقع الأثرية، قامت وبالتنسيق مع أعضاء الجمعية بتسطير برنامج يتماشى والظروف الاجتماعية الجديدة التي تعيشها البلاد، فاستعانت بأرشيف صور وفيديوهات المواقع الأثرية والمتاحف كانت تحتفظ به لنشره في أعمال علمية، لكن اليوم هم في حاجة إليه لمرافقة الجزائريين في بيوتهم واطلاعهم على ما تكتنزه الجزائر، إضافة إلى نصوص تعريفية كنت حضرتها من قبل، تم نشرها في صفحة الجمعية والتي لاقت استحسانا كبيرا، خاصة الفيديوهات من داخل قاعات المتاحف كمتحف المنيعة، تيوت، ومغرار التحتاني وغيرها، وتقول في ذات الشأن «لمسنا تعطش الجزائري لمعرفة تراثه وثقافته، فقررنا بعد ذلك القيام بنشاط افتراضي عبر منصة زووم أطلقنا عليه اسم ويكاند المتاحف، الهدف منه الترويج لموروثنا الثقافي المنقول والتشجيع أكثر للثقافة المتحفية، لتحفيزهم على زيارة المتاحف، بعد نهاية هذا الوباء، وكان ذلك بالتنسيق مع مديرية التراث بوزارة الثقافة، كل سبت نتعرف على متحف أو موقع أثري» وبهذه المبادرة، تضيف « تم اكتشاف أنه حتى أشقائنا وزملاءنا العرب كانوا متعطشين لمعرفة الموروث الثقافي الجزائري، حيث نجحت التظاهرة من جهة في الجمع وتبادل التجارب والخبرات بين الجزائريين والزملاء العرب العاملين بقطاع المتاحف، ومن جهة أخرى الترويج لتراثنا الثقافي الجزائري.
لم تكتف ضيفة ركن مثقفون في الحجر بهذه النشاطات، بل شاركت في عدة ندوات ومؤتمرات علمية وأكاديمية، قدمت من خلالها محاضرات عن التراث الثقافي غير المادي الجزائري مع منظمة ايكوم العرب، والتي لاقت نجاحا كبيرا، كما شاركت في اليوم العالمي للمتاحف بمحاضرة عن كيفية الترويج للثقافة المتحفية، من خلال النشاطات التي قامت بها، منذ سنوات، كما قدمت عدة مساهمات عن تاريخ الطبخ التقليدي وعن المتاحف، نشرت في مواقع إلكترونية عديدة.