كنّا نخرج بثيابنا الجديدة مع الأصدقاء ونتوجّه لأقرب مصوّر ليأخذ لنا الصّورة التذكارية الأجمل، لا نبتسم، فالابتسامة في الغالب عيب، نقف وقفة عسكرية، ونجمد للحظة، المصوّر خلف كاميرته مثل الساحر، يقتنص اللحظة التاريخية بكبسة زر، لننتظر أسبوعا قبل استلام الصور..
ضاع ألبوم كامل لي مع أصدقاء الطفولة، ضاع من قلب بيتي، وكأنّ يدا امتدت إليه لتسرق جزءا من طفولتي، تلك الصور بالأبيض والأسود كانت أجمل ما تبقى في ذاكرتي من الأعياد..بعد أكثر من نصف قرن من الأعياد، لا شيء في الذاكرة يمكن الاحتفاء به غير الوجوه التي افتقدها صديقاتي..المصور حفة رحمه الله..زوارنا من كبار العائلة، سيدي عبد الرحمان رحمه الله، عمي لخضر الموشي، عمي المختار أو معاليم..وكل الأقارب...رحمهم الله جميعا، كل سنة يصنعون عيدي بضجتهم الجميلة..أين ذهب ذلك العيد القديم؟ حتما لم يعد متوفرا في الواقع، إنه في الذاكرة وأستحضره بكل تفاصيله، بعد أن أصبح العيد اليوم باهتا....ومختصرا في ذبح خروف!