تحفيـز وعي الأجيـال الحاليـة واللاّحقـــة مهمّتنا جميعـا
خصّ السّيناريست الجزائري الدكتور سحمدي بركاتي “الشعب” بإعلانه كتابة سيناريو دراما تاريخية اجتماعية، بدأ التحضير له بجمع وقراءة كتب عن مرحلة تاريخية في الجزائر من سنتين.ويعتقد السّيناريست أنّ هذه الدراما تؤسّس لتوجّه حول الحقب في الجزائر بحكم أنّها مغيّبة عن الدراما الجزائرية التي تنهل من التاريخ قصصها وعوالمها وشخوصها، مقارنة مع دول أخرى مثل تركيا وسوريا ومصر والإمارات العربية المتحدة، التي استثمرت في التاريخ دراميا من أجل تأطير وعي الأجيال الحالية واللاحقة، لذلك كان الحجر المنزلي بالنسبة إليه فرصة كبيرة استثمر فيها الوقت للكتابة.
بعد أن فرضت جائحة كورونا سلطتها على المشهدين الثقافي والاجتماعي، يقول أستاذ الاعلام بجامعة المسيلة سحمدي بركاتي، “ربّ ضارّة نافعة، أتاح له الحجر المنزلي الاشتغال على كتابة دراسة تاريخية اجتماعية، كما اشتغل على الفرونكفونية في المغرب العربي ولدي مشاريع أخرى تنتظر الميلاد”.
وفي حديثه عن فيلم “أبحث عن وجه أبي”، قال إنّه فيلم وثائقي يوثّق جريمة إنسانية مازالت آثارها إلى اليوم، يتجرّع مرارتها جيل ما بعد الاستقلال إلى غاية اليوم.
وعن القصّة يقول سحمدي إن بطل الفيلم شخص ستيني ابن شهيد لم تكتحل عيناه برؤية والده ولا بصورة له حتى عاش مرحلة اليتم محروما من كلمة أبي أو “دادا” أو سيدي، كما عاش أيضا محروما من رؤية شكل والده، على الأقل في صورة فوتوغرافية.
هذا الوجع مازال ملازما له إلى غاية اللحظة وهو يدخل مرحلة الجد، في لحظة ما يقرر أن يقوم برحلة أخيرة يبحث عن ذاكرة والده المبثوثة في ذاكرة من تبقى من رفاق السلاح، عساه يجد ذكرى أو صورة أو معلومة عن قبر والده، دون أن يكمل لنا التفاصيل التي يضعها في خانة عنصر مفاجأة مفتوح..
10 أفلام وثائقية تتحدّث عن قيمة الثّورة
أضاف سحمدي أنّ العمل ليس سهلا بالمطلق تقريبا فيما يخص شخوص الفيلم، حيث أنّ بعضهم جاهز يعرف وضعيته الصحية ومكان إقامته والبعض الآخر لا يعلم وهل ستكون رحلة بطل الفيلم في المجهول؟ أم قد يجدهم أحياء وربما لا.
وبالنسبة لظروف العمل يقول سحمدي إن العراقيل أولها كورونا لأن وزارة الثقافة أوقفت تسليم رخصة التصوير، وقد صوّرنا 10 بالمئة فقط من الفيلم، إضافة إلى الخوف من انتقال العدوى للمجاهدين بالنظر لكبر سنهم.
في رصيدي 10 أفلام وثائقية، كلّها تتحدث عن قيمة الثورة، يقول سحمدي، الذي يضيف: لديّ سيناريو فيلم سينمائي تحت عنوان الحوراني، والآن أكتب سيناريو دراما تاريخية.
في السياق ذاته، يقول سحمدي إن وزارة الثقافة رفضت له مشروع فيلم وثائقي بعنوان “إمام الجزائر”، الذي يوثّق سيرة العلاّمة القطب سيدي عبد الرحمن الثعالبي لأسباب واهية، في حين مررت مشاريع شخصيات بسيطة لا ترتقي إلى مستوى العطاء الفكري والعلمي للشيخ الثعالبي.
وذكر المتحدث أنّه تقدّم بملف مكتمل إلى دائرة السينما fdatic وبقي ينتظر دراسة المشروع، وبعد طول انتظار ذهب الى المصلحة المختصة التي سلّمته ردّا بالرفض، بمبرر أنّ الفيلم يحول إلى التلفزيون وليس لوزارة الثقافة، في حين أنّه هو من كتب سيناريو فيلم “القطاطشة” في مرحلة سابقة.
مع حازورلي وفاطمة بلحاج نأمل تحسّن الأوضاع
مع تعيين لجنة جديدة برئاسة المخرج محمد حازورلي رفقة أسماء أخرى مثل فطيمة بلحاج وسعيد مهداوي، يقول المخرج سحمدي بركاتي، إنّه يأمل خيرا في تغيير سياسة معالجة ملفات الأفلام إلى الالتفات إلى الأصوات الشابة الجديدة التي تجتهد في تقديم أفكار ومشاريع قد تكون غير مسبوقة.
وفي انتظار اجتماع اللّجنة، وحسب ما وصله من حديث على الهامش، هناك مراهنة على تطوير صناعة السينما بالمشاريع الجادة من حيث النص أولا، ثم جديّة المنتجين ثانيا، إضافة إلى “أسماء من اللّجنة نتوسّم فيها خيرا بأن تفتح الأبواب للمنتجين الشباب الذين هم رهان السينما الجزائرية مستقبلا”.
الرّئيس تبون أعطى اهتماما للإنتاج السّينمائي
في حديث على السينما، توسّم الكاتب سحمدي خيرا خاصة بعد تصريح رئيس الجمهورية حين ذكر أنّ الدولة ستعطي اهتماما للإنتاج السينمائي بإنتاج عشرين فيلم في السنة.
هذا التوجه من المسؤول الأول في البلاد محفّز، بنظر محدثنا، لذلك يتوجّب على وزارة الثقافة وكتابة الدولة للصناعة السينماتوغرافية بالسينما الدفع نحو الاهتمام الحقيقي بالسينما، لأنّها رافد مهم في تسويق صورة الجزائر للآخر عن طريق الشاشة الفضية.
أما ما تعلّق بوزارة المجاهدين وتشجيعها عن طريق المركز الوطني لكتابة التاريخ، قال إنّه متوقّف، الأمر نفسه بالنسبة للتلفزيون العمومي، ينتظر فتح دورات من حين لآخر لاستقبال المشاريع لكن هذه الفرص ليست متاحة للمنتجين الشباب.
