خاطرة

 أنا...من أنا!
أنا..من أنا!
أنا يا أمّي ابنتك...
أنا يا أمّي واحدة من بناتك...
الهول والويل..السّيوف والعويل..الرّماح والصّراخ...الرّصاص ينهمر والدّماء تنفجر...كيف لك أن تحمّلت هذا يا أمي وكيف لم تنفطري...يا عجبا لقوّتك! لا تثير بسالة أبنائك غرابتي ولا عجب من تحملهم كامل ذلك الكم من الرعب والهلع.
يا أمّي...يا أمّي لا تزال كلماتك ترن بأُذني وأنت تردّدين باكية مبتسمة: «أشهد أنّي رسمت حدودي بدماء أبنائي، أشهد أنّ الجنة ستعتني بكم أفضل منّي، أشهد أنّكم أسعفتموني بدمائكم فمتم أنتم وعشت أنا...
وأنّي أشهد أنّ الأوراس لا تكفيها الكتب والدواوين لتروي مغامرات أبنائي، وإن رمال الصِّحراء تحتاج مليون قلم حبر لتكتب عن صمود أبطالي...ثم دعوا الفرصة...ثم دعوا الفرصة لسطيف لتحكي عن جهاد واستشهاد صقورها بخراطة عموشة وبني عزيز...قبل أن يقاطعها دوي الرشاش القادم من شرشال....
إلى ابني الباديس، أبو معزة وأبي بغلة، إلى فتاتي فاطمة وأميري عبد القادر إلى مدللي ديدوش مراد...إلى قائمة المليون ونصف مليون شهيد اسما باسما...أثبتم لي يا أبطالي أن الحب ليس كلمة تقال بل بانّ الحب يعادل التضحية، وأن ليس كل من يولد على ظهري يستحق كلمة ابني أوان يناديني بأمي..أنتم جعلتم للوطن والوطنية مفهوم، أنتم بدمائكم صنعتم السيادة بعد أن قاومتم شرقا وغربا شمالا وجنوبا..بعد أن ثرتم وجاهدتم وحاربتم...لكم ألف سلام وترحم».
يا أمّي..يا أمّي إنّي أعلم أن بعضهم خان تربتك، بعضهم نهب ممتلكاتك وبعضهم كسر قيد العهد ومنهم من سمع أن الوطن غالي فباعك...أعلم أيضا أنّ فلذة كبدك تحترق ألما وتبكي شوقا على أبنائك المهاجرين..أعلم أنّك تفضّلين احتضان جثثهم بباطن أرضك يوم حتفهم على أن يكونوا من نصيب وحوش البحر...لا تحتاري يا أمي ولا تحزني فنخن من حولك...
وأنا الآن أقف تبجيلا لك ولكل إخوتي لأردّد بفخر...
أنا بنتك
أنا ابنة الجزائر 
أنا الجزائر فؤادي والقصبة حضني
أنا الأبيض والأخضر والأحمر رايتي
أنا ابنة كل شهيد
كان صقرا حاميا ومات أسدا شامخا
أنا العربية الأمازيغية، ابنة الجزائر

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024