بقلم: نور الدين لعراجي
في هذه الزاوية من ركن «الطواهر الثلاث.. وأنا» نسلط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر الثقافي والأدبي، مطلع التسعينيات، سنذكر بعض المحطات الفاصلة في صناعة الفعل الثقافي، أبطالها أسماء أدبية وفكرية كانت لكل واحد منهم مساهمته المتواضعة في بعث الفعاليات والأنشطة الأدبية في الجزائر، بعدما ترك البعض الوطن وامتطوا سفن النجاة وطائرات الأمان إلى وجهات مختلفة من وراء الضفة الأخرى، تاركين الجمل بما حمل..
في المقابل رفض هؤلاء المغادرة وأصرّوا على مرافقة أنشطتهم والحركة الأدبية رغم ما لحق بهم من تهديدات إرهابية وصلت إلى حد التصفية الجسدية.
كان الكاتب مولود قاسم نايت بلقاسم وزيرا ومترجما عصاميا، إضافة إلى اشتغاله كعضو فاعل في قيادة الاتحاد السابقة، حيث كان يشرف على النشاطات الثقافية داخل قاعة مالك حداد، وجعلها مشرعة أمام النشاطات والأمسيات الأدبية الجادة، يرعى الأجيال الأدبية الشبابية وحاضنا لها في كتاباتها وإبداعاتها، كلما سمحت مشاركتهم في الأمسيات التي ظلت تقام هناك إلى أن حدث الذي حدث.
غير بعيد عن تلك «المؤامرة»، التي دبرت بليل، التحق الكاتب والأديب الدكتور المؤرخ احمد بن نعمان، الطاهر بن عيشة، عز الدين ميهوبي، بالمعارضين، ليشتد الخناق على قيادة المؤتمر من كل الجبهات، وبدأ يفقد السيطرة والتحكم في أشغاله، إلا أنهم تفطنوا إلى فكرة اللجوء إلى شخصية إجماع من الوجوه التي حضرت، وكان اسم الدكتور أبو القاسم سعد الله، باعتباره رجلا وطنيا ويحظى باحترام كل الفعاليات والحساسيات، مهما كان توجهها، كما انه معروف بالصرامة فاختاروه ليكون رئيسا للمؤتمر، والمعروف ان الشخص الذي يترأس لجنة أشغال المؤتمر لا يحق له الترشح لقيادة الاتحاد مهما كانت مكانته، وهذا بند متعارف عليه في أشغال المؤتمرات، وهكذا كان الهدف المسطر ووقع أنصار الدكتور سعد الله، أستاذ تاريخ الجزائر، بجامعة بوزريعة في فخ.
حتى وإن لم تكن لديه أية نية في الترشح لأي منصب بهياكل الاتحاد، لأنه يرفضها مسبقا، فمعروف عنه انشغاله بالبحث العلمي والأكاديمي، حقل البحث والتأليف الذي أخذ كل وقته، لكنه استجاب تحت إلحاح مجموعة من الأسماء الأخرى الكبيرة في بيت الاتحاد فقرر تأجيل المؤتمر إلى أيام ويعاد عقده من جديد، فتفرق الجمع وعادوا إلى منازلهم وولاياتهم، بعدها بأسابيع ودون سابق إنذار ودون دعوة للمندوبين من الأسماء الأدبية التي حضرت الأشغال الأولى، أقاموا المؤتمر سرا في بلدية القبة بالعاصمة، وفي مكان غير معروف، حتى لا يتسنى للمدعوين الحضور، ولا يمكن للمحافظين والمعارضة من إفساد عرس الكتاب.
الحلقة الثالثة
.... /.... يتبع