شرعت مديرية الثقافة لولاية بومرداس في نصب لوحات تذكارية تعريفية لشخصيات تاريخية، فكرية ودينية في الأماكن العامة للتعريف بها وبإسهاماتها في مجال تخصّصها وإخراجها من دائرة النسيان وتقريبها من الجمهور، وخاصة فئة الشباب الذين فكوا الارتباط بماضي أسلافهم ممن ناضلوا وجاهدوا من أجل أن تنعم الجزائر باستقلالها وتصدوا لمختلف محاولات التشويه وطمس الهوية الوطنية وعمقها الثقافي والديني.
تزامنا مع إحياء الذكرى 58 لعيد الاستقلال وتعظيما لمكانة هذه النخبة العلمية، قامت مديرية الثقافة لولاية بومرداس بنصب لوحة تعريفية، بساحة دار الثقافة، رشيد ميموني، حملت اسم الشيخ المجاهد أحمد بن حميدة الزغويني الدلسي، تقديرا لمكانته العلمية ودوره الإصلاحي في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث عمل مدرسا للعلوم الشرعية بمدرسة سيدي عمار، بمدينة دلس، من سنة 1946 الى سنة 1956، بعد أن ازداد الضغط على المدارس الأهلية والكتاتيب من قبل المستعمر الفرنسي بسبب الدور الفاعل لهذه المؤسسات الدينية في دعم الثورة واحتضانها، حيث لعبت هذه المدرسة الحرة منذ تأسيسها قبل دخول المستعمر الفرنسي دورا رياديا في ميدان الإصلاح وتدريس القرآن واللغة العربية، كما ازدادت أهميتها بعد أن تحول تسييرها الى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
وقد لقيت هذه الالتفاتة الطيبة من قبل القائمين على القطاع تجاوبا كبيرا من قبل المهتمين بالتاريخ والتراث الفكري والعلمي للمنطقة التي تحتضن على ترابها الكثير من الأسماء المشهورة محليا ووطنيا، الى جانب أحداث تاريخية هامة ومعارك شهدتها الولاية الرابعة التاريخية لم تنل حظا وافرا من الاهتمام والعناية سواء عن طريق الكتابات التاريخية أو التلقين من قبل مثل هذه المراكز الثقافية وحتى المدارس التعليمية.
ورغم أهمية الخطوة، إلا أنها بحسب المتابعين تبقى بحاجة إلى دعامة فكرية ونشاطات علمية للتعريف بها أكثر وبمآثرها التاريخية عن طريق تنظيم ملتقيات وندوات فكرية يشارك فيها باحثون وأساتذة متخصّصين في الدراسات التاريخية من أجل تقديم أعمال أكاديمية يستفيد منها الطالب وتعينه في تقديم مذكرات وأطروحات في المجال، وأيضا من أجل أن تخرج دور الثقافة ومراكزها الملحقة بالبلديات من عزلتها وتصحيح الصورة النمطية التي ارتسمت في عيون الجمهور التي لا تعدو في نظره مجرد فضاءات للفنتازيا والفولكلور ومجرد هياكل بلا روح.