يكفل الدستور الجزائري حق المواطنين في الثقافة دون استثناء أو إقصاء، لكن الواقع يظهر اليوم فرقا كبيرا في نسبة الاستفادة من الفعل الثقافي بين المدن الكبرى ومناطق الظل. غالبا ما تدور مطالب سكان مناطق الظل حول غياب مشاريع التنمية والربط بشبكة الماء الشروب أوالغاز الطبيعي وأيضا تهيئة الطرق والبنية التحتية والإنارة ومناصب الشغل وغيرها، وقليلا ما تتطرق الانشغالات إلى نقص المؤسسات الثقافية وانعدام البرامج التثقيفية والفكرية والفنية والتي إن وجدت تكون مناسباتية فقط.
ساهم الحجر المنزلي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا في انتعاش الفعل الثقافي افتراضيا الأمر الذي فتح المجال أمام الكثير من المثقفين والفنانين لطرح انشغالاتهم ومشاكلهم علانية على صفحات التواصل الاجتماعي، فمنهم من يشتكو من الانعكاسات السلبية للحجر ماديا ومعنويا عليه، ومنهم من يطالب الوزارة الوصية بالاهتمام أكثر به وإدراجه ضمن الأنشطة والبرامج الافتراضية، في حين انتهز البعض الآخر الفرصة للمطالبة بإنشاء المؤسسات الثقافية كدور الثقافة والمسارح ودور السينما وغيرها، شأنها شأن كبريات المدن الجزائرية الأخرى، هذا ويطالبوا آخرون بمكاتب محلية للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، أو ببطاقة الفنان.
«ادريس بن حديد» مؤلف ومخرج مسرحي بتندوف، يكشف في تصريح لـ «الشعب» أن للفنانين والأدباء والممثلين والجمعيات الثقافية، بالمنطقة نداءات متواصلة ومتكررة للمطالبة بتجسيد مشروع المسرح الجهوي، الذي تم الإعلان عن استفادة الولاية منه، سنة 2013، شأنها شأن ولاية بشار، لكن بقي مجرد قرار في خانة الوعود إلى أن تم تجميده، سنة 2017 ، بسبب تطبيق سياسة التقشف، في حين أنجز مسرح بشار الجهوي ودخل حيز الخدمة».
وتأسف بن حديد لهذا الوضع الذي يعاني منه فنانو المنطقة الذين وبالرغم من انعدام صرح للفن الرابع، إلا أنهم استطاعوا أن يفرضوا مواهبهم ويحققّوا انجازات سجلها المشهد الثقافي الوطني.
الوضع نفسه بتمنراست، وأدرار، يضيف بن حديد، فهاتان الولايتان تفتقران أيضا لمسارح جهوية، مشيرا أن الفنانين والجمعيات الثقافية مجندين اليوم أكثر من ذي قبل للمطالبة بحق مواطني الجنوب في الثقافة.
المطالب ذاتها، نجدها في ولاية خنشلة، إذ سبق لجريدة «الشعب» أن نشرت انشغالات جمعيات ثقافية وممثلين و مثقفين حول تجميد مشروع المسرح الجهوي، الذي جمد بعد أن أجريت له الدراسة واختير الموقع سنة 2015.
يتضح من عديد المطالب المتعلقة بالمؤسسات الثقافية من مسارح جهوية ودور ثقافة ومكتبات أو ملحقات لها، أن الأمر يتعلق إما بمشاريع مبرمجة، لكن مجمدة وبمؤسسات تم انجازها، لكن بقيت موصدة لأسباب بيروقراطية أو لغياب قوانين الإنشاء.. كلها مشاكل مطروحة اليوم، ومرفوعة لوزارة الثقافة والفنون للنظر فيها وإيجاد حلول لها.