عنابة

العزلة تقضي على طموحات المواهب

هدى بوعطيح

كما تخفي مناطق الظل، بعنابة، وراء جدرانها معاناة سكان يبحثون عن حياة اجتماعية لائقة، فإنها في المقابل تخفي وراءها مثقفين، مبدعين وموهوبين يبحثون بدورهم عما يلبي نهمهم، كل في مجاله، وذلك في ظل انعدام مرافق ثقافية وفنية، في أغلب البلديات النائية والمهمشة، والتي إن لقيت الاهتمام يوما ما قد تكشف عن أسماء سيكون لها باع في المجال الثقافي والفني..
كثرت زيارات السلطات المحلية لولاية عنابة إلى مناطق الظل، وكثر الحديث عن مشاريع تنموية تخص عديد المرافق التربوية والصحية، تهيئة الطرقات وتعبيدها وإنشاء ملاعب جوارية وغيرها.. لكن قلّ الحديث عن إنشاء مراكز ثقافية أو دور ثقافة تكون بمثابة المتنفس لهؤلاء المثقفين وفضاء تلتقي فيه النخبة، ويلتقي فيه على وجه الخصوص مبدعو مناطق الظل الذين قضت العزلة والتهميش على طموحاتهم.  
هؤلاء يمكن أن يطلق عليهم تسمية «مبدعو الظل» والذين لم يجدوا من يأخذ بيدهم نحو عالمهم الذي يحلمون به، ويمنون أنفسهم بالتفاتة من السلطات المحلية لبناء مراكز ثقافية تسهم في اكتشاف مواهب في مختلف المجالات على غرار الموسيقى، الرسم، التمثيل المسرحي والسينمائي.. قد تكون يوما ما اسما بارزا تعمل على تمثيل الجزائر في المحافل الدولية، لا سيما وأنهم يعتبرون الثقافة جزء مهم في التنمية المحلية، على أساس ما جاءت به اتفاقية حماية ودعم التنوع الثقافي التي صادقت عليها منظمة اليونسكو، سنة 2005، والتي تشير إلى أن «إدماج الثقافة في سياسات التنمية على كافة المستويات يمثل هدفا يجب متابعته من أجل خلق شروط التنمية المستدامة».
مبدعو»مناطق الظل» يرون بأن هذه الأماكن النائية، مثلما هي بحاجة إلى تنمية اجتماعية واقتصادية، هي بحاجة أيضا إلى تنمية ثقافية تخرجها من عزلتها، حيث يحّج إليها المثقفون من كتّاب وأدباء ومبدعون من مختلف أنحاء الولاية ومن خارجها ليخلقوا بها حركية دءوبة..
«فمريم نور الإيمان» صاحبة 16 سنة واحدة من المبدعات اللواتي ينحدرن من بلدية وادي العنب، المصنفة مؤخرا من قبل والي ولاية عنابة جمال الدين بريمي ضمن «مناطق الظل»، تعشق الموسيقى حيث تعزف على آلة الكمنجة، كما أنها موهوبة في مجال التمثيل المسرحي، تقول لـ «الشعب» بأن ظروفها الصعبة تحول دون تنقلها يوميا نحو البلديات التي تتوفر على دور الثقافة أو مسرح لتنمية مواهبها التي بقيت حبيسة جدران بيتها، مشيرة إلى أنها تعلمت العزف على الكمنجة من خلال صديقتها والتي تقطن ببلدية عنابة، حيث كانت تزورها في بيت والديها في بعض الأحيان لمشاركتها العزف.
كما أكدت لنا أن لديها موهبة أيضا في التمثيل، حيث تعشق الركح، وبحكم سنها الصغير، فإن والديها لا يسمحان لها بالتنقل إلى المسرح الجهوي بمفردها، وهو ما جعلها تتحسر على موهبتها التي وئدت بسبب غياب مراكز تُعنى بهم، حيث طالبت من السلطات المحلية بضرورة الالتفاف إلى المواهب الصاعدة التي تزخر بهم ولاية عنابة، ولا سيما المتواجدة بالمناطق النائية ومساعدتها على تجسيد طموحاتها..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024