نحتاج إلى مقر لتعزيز إنتاجنا الثقافي
«أينما وطئت قدمَاك، كُن سفيراً للقراءة» هو ما اختاره مجموعة من الشباب المبدع والمثقف كشعار لنادي عين «تموشنت تقرأ»، الذي تكشف لنا عن إنجازاته ومشاريعه الثقافية وطموحات أعضائه رئيسته الكاتبة سارة بودلال من خلال هذا الحوار.
-«الشعب»: كيف جاءت فكرة إنشاء نادي «عين تموشنت تقرأ»؟
سارة بودلال : بحكم حبّي للأطفال، فإنني وفي مرات عديدة أساعد أبناء الحي الذي أقطن فيه على حل واجباتهم المدرسية، كنت ألاحظ ضعفهم في مادة اللغة العربية وعدم قدرتهم على إنشاء جمل صحيحة وكذا ركاكة تعبيرهم وحتى مستوى وعيهم بالنسبة لسنهم منخفض جدا، ذلك ما أثار حفيظتي ووددت أن أفعل شيئا يغير ذلك الواقع المؤسف. جاءتني في تلك اللحظة فكرة فتح نادي للقراءة لأنني كنت أعلم يقينا أن هذا المشكل لا يقتصر على الحي أوالمدينة بل الوطن ككلّ. كما أنه بصفتي كاتبة لم أتلق الدعم سواء المعنوي أوالفكري من أحد، لم يكن هناك مرجع لأعود إليه أووسط يضمّ موهبتي وميولي للقراءة هذا ما دعّم الفكرة أيضا. ولانعدام المرافق الأدبية والنوادي طبّقت الفكرة على الفور لوعيي التام أنه لو لم تجدني الفكرة أهلا لها لما زارتني.
لذلك قمت بدعوة بعض الأصدقاء الذين يتشاركون وإياي نفس الميول وآخرين جمعتنا الصدف لدى مناقشاتنا للكتب في مكتبات المدينة. وكفريق قررنا أن نشد الكف على الكف لخوض معركة مع هذه الفئة من المجتمع التي تعد ركيزة وذخيرة الوطن ... ..
- متى تم تجسيد فكرة إنشاء النادي؟
تم تطبيق الفكرة يوم 07 أكتوبر 2019 تحديداً. يعتبر نادي «عين تيموشنت تقرأ» ناديا ثقافيا يسعى إلى توعية الجيل الصاعد أطفالا وشبانا، لكننا لسنا كغيرنا من النوادي، نحن لا نحاول تغيير سلوكيات محددة أوتحقيق أهداف مسطرة فقط، نحن نسعى لإحداث ثورة ثقافية وفكرية في المجتمع، فوحدها الأفكار التي لا تموت.
-ما هي الإنجازات التي حققها النادي؟
أنجزنا «حدث ويكي ستايج « في 9 من نوفمبر 2019، استفاد منه 200 طالب وحاضر فيه 6 من ألمع الدكاترة حول «فن النجاح». وتلته مبادرة «طفلك يقرأ» التي هي مستمرة منذ انطلاقتها في ديسمبر 2019، وهدفها غرس ثقافة القراءة في الطفل وتطويره من كل النواحي سواء المعرفية أوالسلوكية الشخصية، وقد استفاد منها ما يفوق 100 طفل من مختلف أنحاء الولاية ولدينا الآن 20 سفيرا من مختلف الولايات نحاول إرشادهم وتدريبهم على الورشة.
ينظم النادي تظاهرة مناقشة «كتاب الشهر» في مختلف المكتبات منذ أكتوبر 2019 إلى غاية تطبيق الحجر المنزلي، شارك فيها حوالي 60 شخص.
أطلقنا أيضا، تحديات قراءة الكتب خلال أربعة أيام في الحجر المنزلي، فاق عدد الكتب 40 كتابا أما المشاركون فقرابة 100 من داخل وخارج الجزائر، حيث قدمنا شهادات وهدايا للمشاركين في التحديات تشجيعا وتحفيزا لهم.
ومن مشاريعنا الناجحة للحيازة على ليسانس تنظيم «الهالت برايز العالمية «، في جامعة عين تموشنت التي سيستفيد منها كل الطلبة من جميع التخصصات والمستويات.
كما يقوم أعضاء النادي كل نهاية أسبوع ببث مباشر عبر صفحتنا لمناقشة أجود وأروع الكتب التي تنمي وعي وثقافة متابعينا حيث وصل عدد المشاهدات إلى 7000 مشاهدة.
وفي ظل روح المواطنة قام النادي بحملات تطوعية، شملت غرس 60 شجرة بجامعة الولاية، وحملات تنظيف، تحت شعار « ندفيهم – قاع»، شارك فيها معظم سكان المدينة واستفاد منها الأطفال اليتامى ببعض مدارس الولاية، ناهيك عن حملات تحسيسية للوقاية من مخاطر فيروس كوفيد 19 في الأحياء والمحلات ومواقع التواصل الاجتماعي.
- ما هي القيمة المضافة التي جاء بها نادي «عين تموشنت تقرأ» في المشهد الثقافي بالولاية؟
على الرغم من أن نادينا حديث النشأة، أي منذ 09 أشهر تقريبا إلا أنه لم يبخل بتاتا على المشهد الثقافي بالولاية، حيث أنه وبنشاطاته القليلة العدد التي تزامنت مع ظهور الجائحة التي هي بدورها كانت لنا سورا فاصلا بين أفكارنا وتطبيقها على أرض الواقع، إلا أن نادينا أضاف قيمة لهذا الأخير بالأحداث التي نظمناها مثل «الويكي ستايج» التي كانت الأولى من نوعها في الولاية والتي منحت الفرصة لمختلف الشباب للإدلاء بآرائهم وتطلعاتهم ومشاكلهم أمام نخبة من الدكاترة، ناهيك عن المساحة التي عملنا على توسيعها لنخلق جوا مناسبا للمناقشات التي تجمع قراء مميزين وحوارات أكثر من رائعة التي لطالما افتقدناها في زمننا هذا، وأخذنا نرسخ فكرة حبّ القراءة لدى الكبار والصغار بأي طريقة لنجعلها أسلوب حياة ولازلنا نبذل ما في وسعنا لصقل مواهب هذه الشريحة العمرية الأخيرة.
- من هي الشريحة التي يستثمر فيها النادي جهوده أكثر وكيف هو التواصل مع المواطن؟
الشريحة التي نوجه لها برامجنا ونسعى إلى الاستثمار فيها هي فئة الأطفال وفئة الشباب بدورهم ذخيرة ومستقبل الوطن، أما بالنسبة للتواصل مع المواطن فحاليا عبر مواقع التواصل الاجتماعي كونها الرابط الوحيد بيننا وبينهم في ظل الحجر الصحي.
لقد تم تكريم النادي بوسام تميز من قبل وزارة الثقافة والفنون بمناسبة يوم الفنان في 8 جوان 2020. عرفانا لما نفعله من أجل رفع المقروئية في المجتمع.
- كيف كان التكيف مع الأزمة الصحية التي فرضها انتشار فيروس كورونا؟
على الرغم من أنه لم يكن بالأمر الهين في هذه الظروف الصعبة، إلا أننا لم نقف مكتوفي الأيدي وقمنا باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي لصالحنا ولصالح المجتمع وقمنا بفتح صفحة عبر الفايسبوك والانستغرام وأخذنا نبرمج بثا مباشرا كل أسبوع نناقش فيه الكتب والأفكار وتحديات لقراءة كتب في وقت وجيز وفقرات توعوية وتحسيسية وأخرى تنموية ودينية من فيديوهات ومقالات ومسابقات دينية وأدبية مع تقديم هدايا وشهادات تحفيزية للمشاركين والفائزين، استفاد منها العديد ولاقت استحسانا مبهرا لكمية المعلومات القيمة التي قدمناها رغم الظروف، وعملنا على بناء مجتمع مثقف وقارئ ولو خلف الشاشة .. لأنه لا خير في أمة لا تقرأ.
- هل من انشغالات أومشاريع في حاجة إلى دعم ؟
في الوقت الراهن نحبذ لو يكون لدينا مقر نجتمع فيه نتبادل أفكارنا ومشاريعنا فيه، ونرجو أن يحقق هذا المطلب، وأن نتمكن من برمجة مسابقات قراءة داخل المدارس، مدمجة بحفلات ترفيهية للأطفال وهدايا قيمة، لتشجيعهم على خوض المسابقة والتحدي وذلك بالسماح لنا من طرف الأكاديمية لنتمكن من تطبيقها مع المدارس قانونيا. نحتاج من السلطات أيضا المساعدة في مبادرة «طفلك يقرأ» بدعمنا بالقصص أو بالكتب كأبسط مساعدة وحتى سبل التواصل مع أطفال القرى المنعزلة لدمجهم ضمن الجيل الذي نسعى لتكوينه وتحضيره لحمل الراية، ويبقى هدفنا أن تعمّ المبادرة الوطن ثم المغرب العربي . .
- ما هي المشاريع المستقبلية لنادي «عين تموشنت تقرأ «؟
أول مشروع نعمل عليه حاليا هو «الهالت برايز» بجامعة عين تموشنت والذي يعتبر انطلاقة ودعما للشباب وفرصة للتعبير عن ميولهم وإبداعاتهم، إضافة إلى مخيم ثقافي للأطفال يدمج بين الورشات الأدبية والثقافية والفنية وحتى النفسية وكذا الجانب الترفيهي والسياحي لأكثر من ولاية. كما ستكون لنا مبادرات للطلبة خاصة لمنحهم الفرصة للإبداع وفتح فرص التدريب والتكوين بمعية نخبة من الدكاترة والمختصين. ويسعى النادي أيضا، إلى أن تعمم مبادرة «طفلك يقرأ» في جميع أرجاء الوطن ثم بالمغرب العربي، وإقامة مسابقات بين الدول لتشجيع مقروئية الأطفال. توجيه، توعية وإرشاد الطلبة خاصة في الطور الثانوي وتحضيرهم للنجاح الأكاديمي. وفي الأخير نشكر جريدة «الشعب» على تسليط الضوء على نادينا، ونقول إن شعارنا أينما وطأت قدماك كن سفيرا للقراءة ونهجنا: «أن لا مستحيلا».