شهد مطلع التسعينيات حركة ثقافية ونهضة أدبية، زيّنت المشهد الثقافي ومنحته شعلة متوّهجة خلال هذه الفترة، تأسست رابطة إبداع الثقافية الوطنية، حملت مشروعا ثقافيا ضخما لم تحلم به الساحة الثقافية برمتها ولم تشهده في سابق عهدها أية حركة ثقافية أخرى. لم يستطع من تعاقب على هضبة العناصر من وزراء للثقافة استقدام مشروع مثل ما جاءت به الرابطة، من مبادرات محمودة كانت تمثل سياسة ثقافية بامتياز، من خلال الأعمال الجليلة التي قدمتها للمشهد الثقافي بصفة خاصة وللوطن بصفة عامة، ولعلّ أهمها الاهتمام بإصدارات الأدباء الشباب الذين توقفت أحلامهم، بمجرد التفكير في عملية النشر، لأنها كانت حكرا على فئة الكبار من الأدباء فقط، ناهيك عن الملتقيات والندوات الفكرية الأدبية، وهنا أضع نقطة وأعود للسطر.
تعتبر رابطة إبداع أول جمعية ثقافية في الجزائر منذ الاستقلال، سنّت سنة حميدة في النشر وتشجيع جيل الأدباء الشباب في الكتابة والإبداع والوقوف إلى جنبهم.
وثمار التجربة، اليوم بادية للعيان لا غبار عليها.. فأغلب المعاهد والجامعات الجزائرية يسيرها ويدرس بها أبناء هذه الجمعية الفتية التي رافعت من أجل الأصالة ودافعت عن اللغة العربية والاختلاف، ولم يتوقف نشاطها عند هذا الحد فقط، بل وصل الى تكريم الكتاب والنقاد والأدباء، وكانت هذه الميزة خاصة بالرابطة وحدها دون غيرها، في ظل الفراغ الثقافي الذي تركه اتحاد الكتاب الجزائريين، وعزوف انخراط أدباء الجيل الجديد في الالتحاق بهياكله، ساهم هو الآخر في تكريس شرخ معضلة المجايلة، الأمر الذي جعل جيل الثمانينيات وبعض الكتاب من جيل السبعينيات ينظمون فرادى وجماعات تحت لواء رابطة إبداع، هروبا من الإقصاء الذي فرضته إحدى مواد القانون الأساسي لاتحاد الكتاب بمنع أي شخص يريد الانضمام إلى قواعده ما لم يكن له إصدار مطبوع، وساهم هذا الإجحاف القانوني في إصابتهم بخيبة كبيرة بعد قرار لجنة العضوية منعهم من المشاركة في مؤتمر تيبازة سنة 1989.
الحلقة الأولى
يتبع...