أعطت الدكتورة فتيحة بن عبو المختصة في القانون الدستوري، أمس، قراءتها في تعديل الدستور الذي تتولاه لجنة الخبراء لإعطاء أسمى قوانين الجمهورية آنية وتكييفا مع المتغيرات التي تعرفها الجزائر.
وقالت السيدة بن عبو حاملة دكتوراء دولة في القانون العام والأستاذة بكلية الحقوق التي كانت «ضيف الشعب» أمس، أن دستور الجزائر الراهن لا يترجم حقيقة ما يعرفه النظام السياسي من تطورات وما يشهده المجتمع من تحول أفرز اختلالات في الممارسة وعمل المؤسسات. وهذا التناقض والتداخل في الصلاحيات يحتم مثل هذا التعديل الدوري للوثيقة حفاظا على الاستقرار.
وعن سبب هذا التعديل الدوري للدستور الجزائري وقصر المدة التي يتطلبها، أجابت الحقوقية أنه أمر طبيعي تفرضه حالة المتغيرات. وتستدعيه المستجدات لأن الجزائر ليست في عزلة عما يجري من حولها، وتطوراتها الداخلية تفرض عملية التعديل من أهل الاختصاص وأصحاب التجارب في الفقه القانوني الدستوري تحديدا.
وانتقدت الخبيرة ما تروجه الطبقة السياسية وتنظيمات وما تشتكي منه، اتخذت منها العناوين الصحفية مادة خام تتصدر أحيانا أولى العناوين الإعلامية. وقالت السيدة بن عبو أن الكلام عن إقصاء تشكيلات وشخصيات من تركيبة اللجنة المنصبة لتعديل الدستور ليس ما يبرره طالما أن العملية جزئية تمس بعض الأحكام والمواد ولا تمتد إلى عمق الوثيقة القانونية وجوهرها. وأن هذا الكلام يكسب قوة الحجة والدليل القاطع لو كان الأمر يتعلق بإعداد دستور جديد مثلما جرى في حقب سابقة حيث فتح النقاش على مصراعيه ومدت قنوات الحوار إلى أبعد مدى مستمعة إلى كل الاقتراحات، آخذة بها في مسألة تحضير وثيقة جامعة صالحة لتسيير شؤون الوطن والرعية لفترة زمنية أطول ودستور ١٩٧٦ المثال الحي.
وعن أي الأحكام معنية بالتعديل استجابة للظرف وتجاوبا والطارئ وسدا للفجوة، أكدت الحقوقية إمكانية اعتماد أحكام انتقالية لتسيير شؤون الدولة في فترات خاصة استثنائية تعيشها رئاسة الجمهورية، وقالت في هذا الشأن أن هناك اتجاه يصب في إنشاء منصب نائب رئيس الجمهورية الذي تسند إليه أمور تسيير الحكم في فترات فراغ وشغور نتيجة مرض أو ظرف طارئ.
وتمنح لنائب الرئيس صلاحيات تقوي سلطته وقراراته في إدارة دواليب الحكم المؤمنة أكبر للاستقرار والمحافظة على النظام العام تلعب فيه المؤسسات دورها وتؤدي وظيفتها في دولة القانون المؤمنة للسيادة والقرار السياسي.
وأعطت الحقوقية بن عبو أمثلة عن تجارب دول كثيرة تولى فيها نائب الرئيس دوره على أكمل وجه في فترات انتقالية وأمن سيرورة التحول والبناء، لكن كيف يمكن تطبيق هذه التجربة في الجزائر التي تحتفظ بالتمايز والخصوصية.
بالنسبة للسيدة بن عبو أن هذه المسألة التي تثار من أهل الاختصاص وتجد مكانتها في التعديل الحالي ممكنة التحقيق في الجزائر التي تعمل جاهدة على ترسيخ الممارسة الديمقراطية ودولة المؤسسات. هي ممكنة إذن، منصب نائب رئيس الجمهورية الذي تسند إليه مهمة تسيير مرحلة انتقالية بصلاحيات موسعة. وقد يتولاها الوزير الأول الذي ينتخب من الأغلبية البرلمانية ولا يعين، ويملك برنامجا يطبق في الميدان عكس ما يجري في الظرف الراهن حيث يعتمد فيه مبدأ التعيين.
وترى القانونية بن عبو أن إسناد مهمة تسيير المرحلة الانتقالية في حالة مرض رئيس الجمهورية إلى نائبه يعطى قوة أكبر للممارسة المؤسساتية ويمنحها صلاحيات في تسيير شؤون الحكم والرعية تؤمنها من أي اضطراب وطارئ.
إنها آلية تصب في مسعى بناء دولة المؤسسات المتمخضة عن الإصلاحات المتعددة الأوجه التي يمثل تعديل الدستور فيها محطة مفصلية.