تتفق العديد من التشكيلات السياسية، على أهمية تعديل الدستور كونه المرجع الأساسي لبناء الدولة واحترام القوانين، غير أن البعض يختلف في المواد التي ينبغي أن تعدل فمن الأحزاب من ترى في النظام البرلماني نظام الحكم الأنسب للجزائر ومنها من ترى عكس ذلك. فيه من يطالب بالعودة إلى تسمية رئيس الحكومة وتعيينه من الأغلبية بدل الوزير الأول، وتكريس استقلالية أو التوازن بين السلطات الثلاث. كما تختلف وجهة نظرها حول مسألة تمرير التعديلات على استفتاء شعبي أو الاكتفاء بالبرلمان حيث يرى البعض أن البرلمان يكفي كون النواب منتخبين من كل ولايات الوطن وهم ممثلون للشعب، في حين ترى المجموعة الأخرى ضرورة تمرير التعديلات على استفتاء شعبي ولم لا الذهاب قبل ذلك إلى مؤتمر وطني توافقي يجمع مختلف التشكيلات وممثلي المجتمع المدني للاتفاق على الخطوط العريضة لمسودة تعديل الدستور.
محمود قمامة:
الحفاظ على وحدة الجزائر
سألناه والجزائر تحيي اليوم العالمي لحرية التعبير المصادف لـ٣ ماي من كل سنة، قال محمود قمامة نائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حزب جبهة التحرير الوطني، أننا نأمل أن توسع تعديلات الدستور المرتقبة من حرية الإعلام وتعطي ثقة لقنواتنا، لصحفنا ولمراسلينا، لإعطاء الصورة الحقيقية لما تعيشه الجزائر اليوم ولما عاشته في الثورة التحريرية ولما عاشته في ثورة البناء والتشييد.
وأكد قمامة أن الدستور يعتبر المرجع الأساسي لبناء الدولة واحترام القوانين لأن كل القوانين ترجع إليه، وعليه لابد أن يكون أي تعديل من تأسيس وإنشاء ومصادقة الشعب الجزائري، مشيرا إلى أن حزبه ساهم من خلال اللجنة المركزية في تعديل الدستور وقدم ملاحظاته إلى رئاسة الجمهورية بهذا الشأن، أهم ما جاء فيها الحفاظ على الوحدة الوطنية ووحدة التراب الجزائري «فنحن لا نؤمن بأي تقسيمات جهوية أو إقليمية»، وأن تبقى الجزائر مسلمة والدين الإسلامي هو دين الدولة، وأن تكون كل هيئاتها الرسمية منتخبة من طرف الشعب.
أما بالنسبة لطبيعة الحكم، فذكر ذات المتحدث أن فيه أراء كثيرة «منه من يريد الحكم البرلماني، ومنه من يريد شبه الرئاسي ولكن نحن نؤمن بحكم الأغلبية، ونحن جزء من هذه الأغلبية وسنقول كلمتنا لما يأتي الدستور للبرلمان».
ويرى قمامة أنه ليس من التضييق تمرير تعديلات الدستور على البرلمان فقط، لأن البرلمان في الكثير من دول العالم هو ممثل للشعب، كما أن النواب هم منتخبون في كل مناطق الوطن بطريقة ديمقراطية فضلا على أن تمرير مشروع تعديل الدستور على البرلمان بغرفتيه مجتمعة يسمح بمناقشة ما ورد في التعديلات، ولا «يعني هذا أن الشعب لا يعرف مصلحته أو يوجه من طرف جهة أخرى ولكن نفضل أن يعرض على غرفتي البرلمان».
حملاوي عكوشي:
خلق آليات لحماية الحريات
الفردية والجماعية
بالنسبة لحركة الإصلاح الوطني، فقد شاركت في المشاورات السياسية التي ترأسها عبد القادر بن صالح، وتلك التي أشرف عليها الوزير الأول عبد المالك سلال، ورفعت العديد من المقترحات التي تدعم اختيار النظام البرلماني، وتكرس التوازن بين السلطات الثلاث، كما طالبت في مقترحاتها مثلما أبرزه رئيسها السابق حملاوي عكوشي لـ«الشعب» بخلق آليات لحماية الحريات الجماعية والفردية .
ويرى عكوشي، ضرورة إعادة النظر في الإصلاحات من خلال إشراك جميع التشكيلات السياسية بكل شفافية في عملية تعديل الدستور وكذا إشراك الإعلام «لأنه العيون التي نرى بها»، فقد كان الأولى حسبه أن تنصب لجنة تتكون من الأحزاب بدل لجنة تقنية تتكون من خمسة أشخاص، معتبرا هذه اللجنة لا تلبي الطموحات التي التزم بها رئيس الجمهورية في خطابه الموجه للأمة في افريل ٢٠١١.
حمانة بوشرمة:
تكريس دولة المؤسسات التي تقوم على الكفاءة والنزاهة
أما بالنسبة لحزب الشباب فيعتبر رئيسه حمانة بوشرمة تعديل الدستور بـ«المحطة المصيرية» لكل أمة ودولة، وبالتالي حان الوقت بعد ٥٠ سنة من الاستقلال لمراجعة منظومة الحكم ومنظومة تسيير مؤسسات الجمهورية، موضحا أن حزب الشباب يرى أنه من الضروري أن يقوم مسار الدولة الوطنية من خلال تكريس دولة المؤسسات التي تقوم على الكفاءة ونزاهة إطاراتها وتكريس تشبيب مؤسسات الجمهورية، «فإذا كان دستور ٨٩ قد كرس التعددية الديمقراطية فنحن سنناضل من أجل أن يكرس هذا الدستور دولة المؤسسات التي تقوم على الكفاءة والنزاهة وتشبيب مؤسسات الجمهورية».
ويقترح حزب الشباب الفصل التام بين السلطات الثلاث التشريعية القضائية والتنفيذية واستحداث هيئة دستورية مستقلة بشريا تنظيميا ماليا لتحقيق سلطة ضبط وتحكيم بين السلطات الثلاث، فإذا وقع تصادم أو خلاف منوط بهذه الهيئة وهي المحكمة الدستورية أن تحافظ على الدستور وتحرص على تطبيق أحكامه وتحكم بين السلطات الثلاث.
ويرافع حزب الشباب لعودة منصب رئيس الحكومة وتعيينه من كتلة الأغلبية أما باقي الأعضاء فنحن ـ يقول بوشرمة ـ نفضل ألا يكونوا كلهم من النواب فبإمكان الرئيس تعيين بعض الإطارات المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة في الوزارات السيادية والتقنية، كما يطالب بجعل صلاحيات التشريع في يد البرلمان وحده، ومنحه صلاحية مراقبة الحكومة، أما مجلس الأمة «فنطالب بحله أو إزالة الثلث الرئاسي».
وفي باب السلطة القضائية، يقترح ذات الحزب إنشاء هيئة دستورية مستقلة تسمى المجلس الأعلى للقضاء تتكون من قضاة فقط لا يرأسها رئيس الجمهورية ولا يعين أعضاءها على أن يتكفل المجلس بتعيين القضاة ومعاقبتهم والتكفل بحقوقهم المدنية، كما يقترح إنشاء المجلس الأعلى للإعلام يكون هيئة مستقلة تشرف على تنظيم القطاع مع توفير الحقوق للإعلاميين وتحريرهم من الضغوطات، ومجلس آخر للشباب والمرأة والتربية.
ويطالب بمنح صلاحيات أوسع للمجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الأعلى للغة العربية للحفاظ على دين الدولة ولغتها، كما لا يرى مانعا في دسترة اللغة الأمازيغية ولكن من الضروري تحديد مراحل دسترتها الفعلية.
ويرى حزب الشباب انه من الضروري أن تمر تعديلات الدستور على الاستفتاء ولكن بعد فتح نقاش وطني توافقي يجمع بين كل التشكيلات السياسية وجمعيات المجتمع المدني لمناقشة مسودة التعديلات المتمخضة عن لجنة المشاورات التي ترأسها عبد القادر بن صالح للخروج بخطوط عريضة ومن ثمة الذهاب إلى لجنة خبراء لصياغة القانون من الناحية الشكلية.