عرفت الجزائر ميلاد عشرات الأحزاب بعد ١٥ أفريل ٢٠١١ تاريخ إطلاق، حزمة من مشاريع قوانين الإصلاحات التي استهدفت الكثير من المجالات، في سياق تدارك التأخر وتصحيح الإختلالات التي ظهرت نتيجة الفراغ القانوني، وتطور الكثير من العوامل للوصول إلى أرضية جديدة تراعي التحولات الوطنية والدولية .
لم يشفع قانونا الأحزاب والانتخابات، في إعطاء الدفع اللازم للساحة السياسية، حيث زادت متاعب التشكيلات السياسية، ووجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه خاصة بعد استحقاقات ١٠ مايو ٢٠١٢ التشريعية والمحلية التي جرت في ٢٩ نوفمبر الماضي، حيث لم تتعد نسبة المشاركة ٤٥ بالمائة.
واعتبر البعض، أن نسب المشاركة المتدنية للأحزاب تكشف مدى بعدها عن تطلعات المواطنين وتقاليد الممارسة الديمقراطية، واكتفت بالصراعات الداخلية واللجوء للجهوية والمحسوبية.
لم يعرف المشهد السياسي حالة من الانقسام والضعف، مثلما يعيشه اليوم فكبرى الأحزاب الممثلة في البرلمان تعيش بقيادة مؤقتة، عجزت عن إيجاد قيادات تملك الشرعية سواء بالتزكية أو بالانتخابات، على غرار حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم، في صورة تعكس هشاشة أحزابنا وانشغالهم بالصراعات الداخلية.
بينما وجدت الأحزاب الجديدة التي نشأت بعد جانفي ٢٠١٢ تاريخ صدور قانون الأحزاب السياسية، أمام واقع صعب للغاية من خلال غياب الكفاءات اللازمة، وعدم القدرة على مجاراة الأحداث، وخاضت حرب استنزاف للمشاركة في الاستحقاقات التي وجدت نفسها فيها تدعو فقط للمشاركة بقوة ولو بأظرفة فارغة من باب المصلحة العامة، لتنقلب على الجميع من خلال الحديث عن التزوير وقضايا أخرى لتبرير نتائجها الهزيلة.
وما هي إلا أيام حتى انقلب الأعضاء المؤسسون على القيادات، وخاض حزب الكرامة، والجبهة الوطنية الجزائرية والعديد من الأحزاب صراعات داخلية قدمت للمشهد السياسي نموذجا، يقول «لا تنتظروا شيئا من الأحزاب السياسية».
وعكست أزمة مالي، وبعض الاحتجاجات في ولايات الجنوب انعدام أية استراتيجية للمساهمة في الحفاظ على السلم والاستقرار الاجتماعي. وطرح البدائل التي قد تفيد السلطة في تجاوز مثل هذه الوضعيات، أو إثبات وجودها من خلال شرح خلفيات الأزمات الدولية، وتأثيراتها على موقع الجزائر، وكيف نتعامل معها، تاركين المجال للقنوات الفضائية الأجنبية،التي سيطرت على الرأي العام الوطني، وباتت تتحكم فيه بطريقة تطرح الكثير من القلق.
وحيث تنتظر الأحزاب مراحل صعبة، خاصة مع طرح مبادرة تعديل الدستور والعد التنازلي للاستحقاقات الرئاسية، التي لا يفصلنا عنها سوى عام وهي المحطة التي ستكون حاسمة سواء من خلال قدرة الأحزاب على تقديم مرشح واستيفاء الشروط أو الاقتناع بما هي عليه وانتظار مختلف الاستحقاقات الأخرى، لخوض الصراعات الداخلية، والتهجم على الجميع بعد الإعلان عن النتائج.
إن التعددية في الجزائر وبعد مرور ٢٤ سنة من الممارسة السياسية قد تتطلب الحد الأدنى من الأخلاقيات في زمن باتت فيه الرداءة غالبة، على كل شيء ومطية للفوضى والبلبلة وهو ما يجب التفطن له، ففتح المشهد السياسي على مصراعيه ليس بالحل، كما أن الغلق ليس حلا وبين هذا وذاك يجب البحث عن البديل الواقعي.
أغلبيتها تسير بقيادة انتقالية
أحزاب ضحية الانقسامات والصراعات الداخلية
حكيم/ب
شوهد:1554 مرة