أحاط الأستاذ عبد القادر شربال بكل الجوانب المتعلقة بتعديل الدستور.. وبخاصة المحاور الكبرى التي هي محل نقاشات ثرية وحتى تجاذبات في كثير من الأحيان من قبل الفاعلين في الحقل الحزبي.
وعلى غرار ما يقال عن المسائل التقنية التي هي من إختصاص الخبراء فإن الدستور مهما كان مرنا أو جامدا فإن مواده لها تلك الأبعاد السياسية التي تترجم في بنود.. لكن الأصل هي الفكرة القوية التي يطرحها كل واحد من الجزائريين الذين أستشيروا في مبادرة الإصلاحات مهما كان الإطار المنضوي تحته.
وهذا التعديل الدستوري الحالي هو محطة من محطات بناء المؤسسات الجزائرية تتمتع بكل الصلاحيات المخول لها حاول الجزائريون في كل مرة سد كل الثغرات التي يرونها غير لائقة في هذه الوثيقة.. فقد قرروا الإنتقال من «دستور البرنامج» إلى «دستور المؤسسات» ونعني بذلك كيفية تحديد العلاقات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية حتى يتم تفادي كل تأويل خاطئ.
لذلك فإن الجزائيين أرادوا من خلال دستور ١٩٩٦ إبعاد الفراغ السياسي، وإيجاد الآليات التي بإمكانها ملء أي موقف صعب قد تتعرض له الأمة.
مباشرة كان الشغل الشاغل ما بعد هذه المرحلة وفي التعديلات المتتالية في ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ هو إدراج مباديء أساسية كانت مطروحة على المجتمع.. أدخلت على الدستور قصد منحها طابعها الإلزامي منها احترام الرموز الوطنية، والمرأة، كما أن هناك توجها قائما على التدقيق في طبيعة النظام السياسي في الجزائر، (رئاسي، شبه رئاسي، برلماني) كل هذه المسائل وجدت فضاء مرحبا بها في الدستور، وهي الآن سارية المفعول في الواقع، لكن لابد من التأكيد هنا بأن الهدف من كل هذا هو الإرتقاء بالفعل السياسي في الجزائر إلى المستوى المأمول.. وهذه الوثيقة هي التي يسعى المشرع لاعتبارها مرجعية في منحها الطابع الحيوي من أجل تأكيد الموقع الحقيقي للجزائر.. وقدرتها على مسايرة العلم.
والسياق الذي تقف عليه الجزائر اليوم يختلف إختلافا عن سابقيه وكل ما يحدث اليوم من رغبة جامحة من أجل تقوية التعاضد الإجتماعي يجب أن يترجم في الدستور مهما يكن الأمر حتى يكون له الخصوصية الجزائرية خاصة التضامن بين الشعب الواحد والتطور الملحوظ الذي عرفته الجزائر منذ فترة طويلة، خاصة ما بعد الأزمة الأمنية يجب أن ينظر له بواقعية وموضوعية ولابد من ذكر المصالحة الوطنية التي كانت حقا المفتاح الذي سوى المأساة الوطنية بشكل كبير وما يزال الأمر يسير في هذا الإتجاه، فمن الضروري أن يكون تفكيرا معمقا حول قيم التسامح والإحترام والتقدير بين الجزائريين.. كونهم يتمتعون بقدرة فائقة في حل مشاكلهم مهما كانت حدتها واليوم نعيش هذه الحقائق في الميدان كونها أصبحت من التعاملات اليومية.. لأن الإستقرار هو منطلق للتنمية..