حـرية الإعـلام

^ بقلم: س. شيباح

كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول حرية الإعلام، وهل وصل الإعلام في الجزائر الى المستوى المطلوب في تحقيق هذه الحرية في الإعلام التي كرسها الدستور والنصوص القانونية، أم هي مجرد أقاويل تعصف بها وتسيرها الأحداث متى وكيفما شاءت.

الحقيقة أن قوانين البلاد كفلت حرية التعبير الى جانب حق المواطن في الإعلام، وبالمقابل لم تترك هذه الحرية على اطلاقها، بل وضعت لها ضوابط وحدودا حتى لا تكون هذه الحرية وبالا على مستغليها أو من استغلت بشأنهم مهما كانت مكانتهم أفرادا كانوا أو جماعات.
والمعلوم أن كل تصرف أو فعل، إلا وتجد له ما يحكمه وينظمه من النصوص سواء كانت وضعية أو شرعية، إلا أن  السؤال الذي يطرح نفسه، هل بلغ الإعلامي درجة تجعله يقوم بعمله الإعلامي بكل حرية وحياد حسب ما يقتضيه القانون، أم أنه لا يزال تحت طائلة من يسيره، صحيح أن الإعلامي يعمل لدى جهاز إعلام لكنه يعمل لصالح المتلقي دون غيره، كما انه معلوم أيضا، لكل جهاز إعلامي خطه الإفتتاحي لكن هذا لا يعني بالضرورة ان يكون الإعلامي موجها حسب ما يريده صاحب العنوان أو الجهاز، و يتمتع بالحرية في اختيار الموضوع الذي يريد أو يرى انه أوجب بالدراسة من غيره من المواضيع.
من هنا وجب التمييز بين الإعلامي الناقل للخبر، والإعلامي الذي يتحسس قضايا المجتمع ويقوم بدراستها وتحليلها ثم معالجتها واقتراح البدائل التي تعود على الأمة بالخير حاكما ومحكوما، وبذلك نصل إلى وضع منظومة إعلامية راشدة تكون بمثابة المرآة العاكسة لواقع الأمة تمكننا من تصحيح الوضع السائد.
لكن يبدو أن فهمنا لحرية الإعلام لا تتعدى فكرة إنشاء المؤسسات الإعلامية بمختلف وسائطها دون التفكير في ترقية العمل الإعلامي الهادف والبناء، الذي يرتقي بالإعلام الوطني من إعلام موجه (بضم الميم وفتح الجيم) إلى إعلام موجه (بضم الميم وكسر الجيم) يؤدي دوره في تغيير الوضع إلى الأحسن في جميع المجالات، التربوي، السياسي، الاقتصادي، الثقافي...الخ.
وإلى حين بلوغنا الإعلام المتحرر من القيود المفروضة على الإعلامي أو ما يعرف بالإعلام الموجه يبقى الأمل قائما في مستقبل واعد ما دامت الأرضية القانونية في بلادنا رغم ما يشوبها من نقائص إلا أنها تمكن الإعلامي من المساهمة في  دعم الإعلام الحر ، وتتيح لكل فرد مهما ضعفت قدرته المساهمة في عمل ايجابي وخلاق بدون التعرض الي مجازفة شخصية كبيرة. وهي عمل ميسر ومتاح (او من الممكن ان يصبح كذلك) لكل من شاء.
 هناك إذن مسؤولية تضامنية باتجاه إرساء أسس منظومة الإعلام الحر والمبدئي والملتزم أخلاقيا، تبدأ من إنشاء المؤسسات والوسائل الإعلامية الحرة،(لا أعني بالحرة، المستقلة) ثم إتاحة المجال للقراء بالمساهمة فيها بالدعم والكتابة والتقييم والتقويم. ثم تأتي بعد ذلك مسؤولية القراء وقادة المجتمع المدني من ناشطين ورجال أعمال وغيرهم للاستفادة الكاملة من فرص المشاركة والمساهمة المتاحة هذه. واذا قام كل بمسؤوليته فلن يطول بنا الوقت لنشهد انقلابا طال انتظاره في أوضاعنا.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024