كيف السبيل لبناء صرح مغاربي فاعل في محيط جيواستراتيجي مضطرب يحتم التكامل والاندماج ولا يقبل بالانفراد؟ ولماذا لم يعرف الاتحاد المغاربي الوتيرة السريعة وهو من أعرق التنظيمات الوحدوية والتجمعات الأقليمية وكان يحتل الأولوية في النضال السياسي منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
تأخر الاتحاد عن الركب وتقدمت تجمعات جهوية كثيرة تأسست بعده ولم تكن لوحداتها السياسية القواسم المشتركة والمؤهلات المتوفرة عند أعضائه 5.
إنه ملف شائك فتحه منبر ضيف «الشعب» مثيرا النقاش حول الصرح المغاربي… الواقع والآمال، معيدا إلى الأذهان ضرورة توحيد الخيارات التنموية من قبل الدول الأعضاء الذين لهم قواسم كثيرة تجمعهم ولا تفرقهم. هذه الخيارات تحتل الأولوية في تظاهرة مغاربية تنظم بتونس من قبل جمعية يوغرطة للاندماج المغاربي برعاية وزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق ومشاركة ممثلي تنظيمات مهنية وجمعيات مغاربية تتقدمها الجزائرية.
وذكر مقداد اسعاد، رئيس «جمعية يوغرطة» من منبر ضيف «الشعب»، بأهمية التظاهرة التي يعرض من خلالها ممثلو هياكل الاتحاد المغاربي ومؤسساته، منها الشوري المغاربي، مقومات التكامل والاندماج ويعرفون بالإمكانات المتوفرة للبناء والإقلاع بعيدا عن البقاء أسر التردد والشك.
وقال مقداد، الذي يرى في جريدة «الشعب» منبرا إعلاميا ورافدا يساهم في تحريك الاندماج المغاربي، خاصة وقد رافع من أجله لسنوات وعقود، إن تظاهرة تونس تعيد إلى الأذهان حتمية التحرك الجاد لإصلاح وضع مختل وتجيب على الإشكال ما العمل لإعطاء نفس جديد للصرح الإقليمي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول ببقائه على هذه الشاكلة لا يقوى على الانطلاق.
وبحسب مقداد، فإن المجتمع المدني يبقى الرهان الكبير في إعطاء الديناميكية للصرح المغاربي وتجاوز الخطب والشعارات. ويبقى المجتمع المدني في ظل الحالة الستاتيكية مخرج النجاة لمغرب عربي في حاجة إلى روح ودم جديدين، ويتطلع إلى مشاريع تكاملية جادة تنطلق من القاعدة، يتولاها رجال الأعمال والاستثمار، جاعلين من الحدود محطات اتصال وتواصل وليس تنافر وانقسام.
من جهتهم رافع أعضاء المنظمة الوطنية لتطوير الفلاحة، من أجل إعطاء كلمة الفصل للمجتمع المدني في العمل المشرك والتعبئة لبناء صرح متكامل ينطلق من القاعدة. وقالوا إن هذا الخيار سيكون محور مداخلاتهم ومشاوراتهم في تظاهرة تونس. وقال براهيم بن ثليجان، رئيس المنظمة، إن المشاريع المشتركة هي التي تقرب المسافات وتكرس الثقة في التقارب، مبرزا دور المنظمات الجزائرية في تأدية مهامهما على أكمل وجه.
وقال مصطفى بن علي، وهو عضو المنظمة الوطنية لتطوير الزراعة، إن التكامل الفلاحي بإمكانه بناء صرح مغاربي صلب لا تهزه العواصف يعزز استقلالية القرار والسيادة ويحرر البلدان من التبعية إلى الخارج.
وذكر مصطفى أيضا، بأهمية المجتمع المدني في المرافعة لهذه المعادلة وتكريسها التكامل الثنائي أو الجماعي.
وبحسب عبد الله بن عبد العزيز، رئيس جمعية إزلوان بني يزقن، في غرداية، فإن الثقافة بإمكانها أن تكون محركا للتكامل المغاربي من خلال التعريف بموروث المنطقة الثقافي والسياحي، لاسيما ما تزخر به الجزائر التي رافع شاعر ثورتها منذ زمان في إلياته لبناء صرح مغاربي. وهذه الأنشودة ستكون ضمن مداخلة بتظاهرة تونس.
وذهب في هذا الاتجاه عصيص السبتي وبوعبد الله الوليد، عضوا منظمة تطوير الفلاحة قائلين، إن التنسيق بين المتعاملين المغاربة الجزائريين منهم والتونسين قد يعيد الأمل في وضع قطار المغرب العربي على السكة وإعطائه السرعة التي يفرضها الظرف ويطالب بها التحول.