^ فلسطين والصحراء الغربية مثالان جديران بالاهتمام
إن السياسة الخارجية لأي دولة هي أحد الجوانب الرئيسية في نشاطها وهي تعبر عن الاتجاهات العامة التي تتبنّاها في علاقاتها مع الدول الأخرى والمنظمات؛ بمعنى آخر كل أشخاص القانون الدولي العام من منظور مصالحها الوطنية وأهدافها القومية المحددة والأدوار التي تتصورها لنفسها في محيطها الإقليمي والدولي، وبالتالي فأنه يمكن القول إن السياسة الخارجية هي جملة الأهداف الوطنية التي تسعى أي دولة لتحقيقها أو المبادئ العامة التي تتحكم في ردود أفعال الدولة على الظروف الدولية أو هي النشاط السياسي لصانع القرار الرامي إلى التعاون مع البيئة الخارجية بما يخدم المصالح الوطنية ويترجم ذلك في مجموعة من الاستراتيجيات والقرارات التي تشكل سلوك الدولة مع محيطها الخارجي والخلاصة أنه ليس هناك اتفاق على تعريف محدد للسياسة الخارجية، وهناك فرق بين صناعة السياسة الخارجية التي هي مجمل النشاطات والجهود التي تفضي لوضع التصور أو الإطار العام لتحرك الدولة والمجتمع على الصعيد الخارجي من حيث الأهداف والمبادئ والتوجهات العامة، أما اتخاذ القرار فهو يعني المفاضلة أو الاختيار بين عدة بدائل متاحة في ضوء تقدير الإيجابيات والسلبيات لكل بديل ومدى ملاءمة البديل المختار للظروف الداخلية والخارجية، ولكل دولة منطلقات ومبادئ تحكم توجهات سياستها الخارجية تحددها عادة دساتيرها ووثائقها الرسمية فما هي مبادئ ومنطلقات سياسة الجزائر الخارجية؟
إن السياسة الخارجية لأي دولة هي أحد الجوانب الرئيسية في نشاطها وهي تعبر عن الاتجاهات العامة التي تتبنّاها في علاقاتها مع الدول الأخرى والمنظمات؛ بمعنى آخر كل أشخاص القانون الدولي العام من منظور مصالحها الوطنية وأهدافها القومية المحددة والأدوار التي تتصورها لنفسها في محيطها الإقليمي والدولي، وبالتالي فأنه يمكن القول إن السياسة الخارجية هي جملة الأهداف الوطنية التي تسعى أي دولة لتحقيقها أو المبادئ العامة التي تتحكم في ردود أفعال الدولة على الظروف الدولية أو هي النشاط السياسي لصانع القرار الرامي إلى التعاون مع البيئة الخارجية بما يخدم المصالح الوطنية ويترجم ذلك في مجموعة من الاستراتيجيات والقرارات التي تشكل سلوك الدولة مع محيطها الخارجي والخلاصة أنه ليس هناك اتفاق على تعريف محدد للسياسة الخارجية، وهناك فرق بين صناعة السياسة الخارجية التي هي مجمل النشاطات والجهود التي تفضي لوضع التصور أو الإطار العام لتحرك الدولة والمجتمع على الصعيد الخارجي من حيث الأهداف والمبادئ والتوجهات العامة، أما اتخاذ القرار فهو يعني المفاضلة أو الاختيار بين عدة بدائل متاحة في ضوء تقدير الإيجابيات والسلبيات لكل بديل ومدى ملاءمة البديل المختار للظروف الداخلية والخارجية، ولكل دولة منطلقات ومبادئ تحكم توجهات سياستها الخارجية تحددها عادة دساتيرها ووثائقها الرسمية فما هي مبادئ ومنطلقات سياسة الجزائر الخارجية؟
إن مرجعيات الجزائر التي ترسم سياستها العامة والخارجية بصورة خاصة، هي مجمل البيانات والمواثيق والدساتير من بيان أول نوفمبر 1954 وحتى الدستور الحالي 2008، مرورا بمقررات مؤتمر الصومام أوت 1956، مؤتمر طرابلس جوان 1962، ميثاق الجزائر 1964، الميثاق الوطني 1976 ونسخته المعدلة عام 1986ومختلف الدساتير. والدارس للوثائق المرجعية المشار إليها يصل إلى خلاصة مفادها، جملة من المبادئ الأساسية يمكن ذكر أهمها في الآتي:
- حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال
- حق الشعوب والأمم في السيطرة على مقدراتها وثرواتها الوطنية
- مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول
- رفض استخدام القوة أو التهديد بها لحل النزاعات الدولية والاعتماد على الحلول السلمية بالطرق الدبلوماسية
-التأكيد على أهمية التعاون الدولي بكل أشكاله بصورة أكثر عدلا وتكافؤا.
فإلى أي مدى انسجمت ممارسات الدبلوماسية الجزائرية مع مبادئ السياسة الخارجية؟ وبمعنى آخر، هل اقترن القول بالعمل وأوفى بمضمون المبدأ؟ ونظرا لصعوبة التعرض للتفاصيل في محاضرة محدودة الزمن سنكتفي بالتطرق لنقاط رئيسية فقط لها دلالتها.
أولا: على مستوى حق الشعوب في تقرير المصير
من البداية نشير إلى أن مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير يحتل مكانة كبيرة في سياسة الجزائر الخارجية وهو غير قابل للتصرف، لأن الثورة الجزائرية قد ساهمت في إصدار القرار الأممي رقم 1514 المتصل بحق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال يوم 14 ديسمبر 1960 وذلك بفضل عاملين أساسيين هما، جهود دبلوماسية مناضلي الخارج الذين خاضوا معارك كبيرة كان لها صداها على مستوى اجتماعات اللجنة السياسية للأمم المتحدة في دورتها الخامسة عشرة التي تزامنت على صعيد النضال الداخلي مع مظاهرات 11 ديسمبر التي أكدت للعالم إصرار الشعب الجزائري على حقه في تقرير المصير واستعادة سيادته وقد وصل وقع هذا الإصرار إلى أروقة الأمم المتحدة وكان له تأثيره الإيجابي لإصدار القرار المذكور الذي وظفته دبلوماسية الجزائر المكافحة لاسترجاع السيادة وتقرير المصير الذي أعلن رسميا كما هو معروف يوم 5 جويليه 1962 وشرعت الجزائر الدولة في ممارسة سياستها الخارجية وهي تقدر تمام التقدير معاناة الشعوب المستعمَرة وتدرك أهمية حقها في تقرير المصير. وفي ضوء هذا التصور المبدئي، تعاملت الجزائر مع حركات التحرر العالمية كلها دون تفرقة ولا تمييز. وقد قال عنها الزعيم الإفريقي الثائر أميلكال كابرال: «إذا كانت مكة قبلة المسلمين والفاتيكان قبلة المسيحيين، فإن الجزائر تبقى قبلة الأحرار والثوار».
ونظرا لصعوبة التطرق لكل مواقف الجزائر إزاء مختلف حركات التحرر في العالم، في محاضرة وقتها محدد، فسنكتفي بقضيتين على سبيل المثال لا الحصر وهما فلسطين والصحراء الغربية، لأن مواقف الجزائر كانت ومازالت وهي باقية إلى حين تحقيق تقرير المصير للشعبين في فلسطين والصحراء الغربية.
ـ قضية فلسطين
ــ الصحراء الغربية
1 - قضية فلسطين
إن العلاقات الجزائرية الفلسطينية ليست وليدة مرحلة ما بعد استقلال، بل ترجع على الأقل إلى بدايات القرن العشرين وهذا ما تؤكده أدبيات الحركة الوطنية الجزائرية بكل تياراتها الفكرية والسياسية المجمعة على مساندة قضية فلسطين، ومكانة ثورة أول نوفمبر المجيدة لدى الشباب الفلسطيني منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، الذي رأى فيها النموذج الأمثل للاقتداء به في سبيل التحرر والانعتاق من نير الاستعمار. وعلى هذه الخلفية والأرضية النضالية، تواصلت العلاقة مع الجزائر الدولة المستقلة بالدعم التام لقضية شعب فلسطين. وللدلالة على ذلك، نشير إلى بعض المنعطفات المفصلية ذات الدلالات الواضحة والساطعة على النحو التالي:
أ - احتضان الجزائر لأول مكتب لفلسطين في العالم
- افتتاح مكتب لفلسطين عام 1963 بالجزائر باسم حركة فتح وهو الأول من نوعه في العالم كله وقد كان نافذة مهمة ومنطلقا للتعريف بالقضية الفلسطينية بدعم تام من الجزائر.
ب - دور الجزائر في تشكيل كيان فلسطيني مستقل
- رافعت الجزائر بوهج الثورة المنتصرة ومن منظور تجربتها النضالية في القمة العربية الأولى التي حضرتها بالقاهرة في شهر جانفي 1964 لصالح التوجه الداعي إلى تمكين الفلسطينيين من كيان يمثلهم وهذا ما توج بموافقة القمة العربية الثانية في شهر ديسمبر من العام ذاته على إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة أحمد الشقيري الذي دافع عن الثورة الجزائرية باستماتة في الأمم المتحدة بصفته ممثلا للمملكة العربية السعودية في خمسينيات القرن الماضي، وفي الاتجاه ذاته قامت الجزائر بدور حاسم في القمة العربية السادسة المنعقدة بالجزائر شهر سبتمبر 1973 أثمرت القمة على قرار اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني رغم تحفظ الأردن وقتها.
ج - الدعم الكبير الذي قدمته الجزائر التي لم تقبل بالهزيمة النكراء عام 1967 وظلت القوات الجزائرية مرابطة بمصر وأدت دورا مهما في حرب الاستنزاف التي توجت بحرب 10 رمضان 6 أكتوبر 1973.
د - تمكين منظمة التحرير الفلسطينية من دخول المنتظم الأممي
- التذكير هنا بالدور الكبير والحاسم الذي قام به الرئيس عبد العزيز بوتفليقه بصفته وزيرا للشؤون لخارجية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين لتمكين الراحل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية من المشاركة في الدورة 29 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 وإلقاء كلمته المشهورة التي جاء فيها قوله: لقد جئت حاملا في يد بندقية الثائر وفي اليد الأخرى غصن الزيتون الأخضر، فلا تتركوا غصن الزيتون يسقط من يدي، وهو الذي قال إنه لولا الجزائر ما كنت قد تمكنت من إلقاء خطابي في الأمم المتحدة، ويعود الفضل في ذلك إلى الرئيس بومدين صاحب القول المشهور «نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة» ورئيس الدورة السيد عبد العزيز بوتفليقة، كما ذكرنا سابقا.
هـ - دور الجزائر في معالجة الانشقاق الفلسطيني وإنهاء حرب المخيمات في لبنان
في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف 1982 وما ترتب عنه من اتهامات متبادلة بين سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية وانعكاس هذا الخلاف على قضية فلسطين، بحدوث انشقاق كبير في صفوف حركة فتح ومنظمة التحرير بدعم من سوريا وصل إلى حد إنشاء تنظيم بديل تحت مسمى جبهة الإنقاذ الوطني الفلسطيني برئاسة خالد الفاهوم، وهو الأمر الذي رفضته الجزائر واعتبرته ضربا للمكاسب التي حققتها الثورة الفلسطينية، وقادت الجزائر مشوارا طويلا ومهمّة عسيرة من الحوارات متعددة الأطراف بأبعادها الإقليمية والدولية لرأب الصدع وإصلاح ذات البين بين الفلسطينيين وذلك طيلة 4 سنوات توجت باحتضانها اجتماعات الدورة 18 للمجلس الوطني الفلسطيني تحت شعار «الوحدة الوطنية» في شهر أفريل 1987 التي أسست نتائجها لمرحلة جديدة من النضال وأعادت المنظمة قوية على المستويين الفلسطيني والعربي، وفي الوقت ذاته خاضت الجزائر معركة دبلوماسية مريرة مع القيادة السورية والأطراف اللبنانية المتورطة (85 - 1987) لإيقاف نزيف الحرب المدمرة على المخيمات الفلسطينية في بيروت وجنوب لبنان وقد توجت باتفاقات تضمنت مرتكزات المبادرات الجزائرية المستندة إلى حماية الثورة الفلسطينية وتعزيز العلاقات النضالية الفلسطينية - اللبنانية.
و - احتضان الجزائر اجتماعات المجالس الوطنية الفلسطينية (1983 ــ 1988) عندما ضاقت بالفلسطينيين السبل، بما فيها الدورة التي أعلن خلالها عن تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة يوم 15 نوفمبر 1988 وقبلها احتضان القمة العربية الاستثنائية في شهر جوان 1988 لدعم الانتفاضة الفلسطينية بمبادرة ودعوة من الجزائر.
ز - استمرار الدبلوماسية الجزائرية بتوجيه من فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى غاية الآن، على العهد في بذل كل الجهود الممكنة على كل الجبهات بالتمسك بتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير واسترجاع أراضيه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهذا ما شددت عليه رسالة الرئيس بوتفليقه التي وجهها إلى الأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر 2014 بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر من كل عام) ويمكن الإشارة إلى بعض ما جاء فيها في الآتي:
- تجديد التأكيد على موقف الجزائر الثابت والمتمثل في نصرة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.
- اعتبار سياسة الاستيطان وتهويد القدس الشريف والحصار الجائر المفروض على قطاع غزة عقبة أساسية أمام المساعي الرامية إلى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
- تثمين مبادرة الأمم المتحدة في جعل سنة 2014 سنة للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتذكيرها بمسؤولياتها التاريخية لإنصاف هذا الشعب.
- الدعوة إلى تكثيف الجهود على كل المستويات، بما في ذلك الدبلوماسية متعددة الأطراف، لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
ح - وفي الأخير يمكن القول إن زيارة الدولة التي قام بها الرئيس محمود عباس إلى الجزائر بدعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (21 - 23 ديسمبر 2014) خير دليل على ما توليه الجزائر من أهمية ومكانة متميزة لقضية فلسطين، التي أسدى رئيسها وسام نجمة فلسطين الدرجة العليا لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتصدير جاء فيه:
تقديرا للقيادة الحكيمة للرئيس بوتفليقة ولدوره الريادي على المستويين الإقليمي والدولي، وكذا تثمينا لمواقفه القومية ودعمه لحقوق الشعب الفلسطيني في الحصول على حريته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
يتبع