ديمقراطية المرأة غاية أم وسيلة؟

بلقالم أمينة

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ضرورة مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وكثرت العناوين والمسميات التي تهتم بشؤونها. الأحزاب السياسية لم تهمل ذكر المرأة ولم تعف نفسها من مهمة الدفاع عنها، لكن الملفت للنظر أن أغلب ذلك كان يتم من باب سد الذرائع وإسقاط الفرض أو من باب التزويقات الكلامية لأجل تجميل الصورة في أعين الآخرين أو في أحسن الأحوال مسايرة التيار الهائج الذي جاء ملوّحا بضرورة التغير وحتمية التجديد ولإلزامية ركوب الموجة الجديدة.
الدليل على صورية ما يجري وشكلية الأطروحات التي تتناول هذا الموضوع، هو: خواء المنظمات والجمعيات التي تهتم بشؤون المرأة وعدم الجدية في اشتراكها الفعلي في صنع واتخاذ القرار، اللهم إلا النية و(المشروعية) في تكثير السواد وتجييش العباد سعياً لكسب جولة الانتخابات العامة المزمع أجراؤها فيما بعد.
إننا لا نرمي إلى التقليل من شأن ما يجري، لأنه على أقل تقدير يعد خطوة على الطريق، ولأننا حديثو عهد بالممارسات الميدانية، بل نحن نرمي إلى توجيه هذه (الخطوة) نحو مساراتها الصائبة. ونرمي إلى التنبيه إلى أهمية دور المرأة في الحياة بوجه عام وفي الحياة السياسية بوجه خاص، نتبنى الديمقراطية كمبدإ نظري فكري شيء، وأن نتخذه منهجاً عملياً حياتياً شيء آخر، وأن نطلق الديمقراطيات لشعارات وهتافات لا تتجاوز الحناجر شيء، وأن نسعى إلى تكريسها وتسويدها شيء آخر.
ولعل أفضل ما يمكن عمله في هذا الشأن، أي في صدق النوايا وإثبات العزائم على ابتلاع الديمقراطية وهضمها وإعادة تثمينها، هو أن نبدأ بتطبيقها على مفرداتنا الاجتماعية التي تبدأ من الأسرة، والأسرة ترتكز على المرأة، والمرأة - كما يقال - “أساس المجتمع”.
إذن، فالتعامل مع المرأة وفق الأسس الديمقراطية يعني الجدية في العمل على إنجاح هذا المبدأ الذي تتنافس على مدحه وتمجيده كافة التيارات السياسية.
التعامل الديمقراطي مع المرأة يعني معاملتها كفرد إنساني كامل الحقوق وكامل الملكات ومالك لإرادته ومستقل في اتخاذ خياراته وحر في ترجيح خياراته .
أرجو من الإخوة القراء ألا يستعجلوا بمواجهتي بعلامات التعجب والاستفهام، لأني في كل ما قلت لم أخرج عن حدود الدين ومتطلبات الشريعة، لأن الجميع يعلم أنه لا يوجد أمر إلهي واحد يعطي الأحقية للرجل على استبعاد المرأة أو إجبارها على تقبل أمر لا تريده هي أو أكل أموالها بالغصب أو التوكل عنها إذا أبت هي ذلك.
نعم منحت الأفضلية للرجل على المرأة في قيادة الأمور العائلية العامة وفي الدفاع وتحمل المخاطر وأما فيما يخص المرأة ويقترب من شؤونها فلها الأحقية المطلقة في ذلك، أو أن تريد هي العكس بمحض رغبتها.
إن تعاملنا مع المرأة وفق (شريعة) الديمقراطية يعني تخلصنا من كثير من العقد النفسية والأوهام الاجتماعية التي عششت في دواخلنا من دون أن يكون لها أساس علمي أو ديني صحيح. ويعني أيضا، وهذا يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، أننا سنعلم أجيالنا القادمة مبادئ الديمقراطية بشكل تلقائي وعفوي وأن نعدهم لشغل المناصب والوظائف الاجتماعية التي لا توجد منها أية واحدة لا تحتاج إلى روح الديمقراطية أو تستغني عن خدماتها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024