الإطار الـقــانـوني لـلصحـافة الإلكترونـــية والاشهار الالـــكـتروني في الجـزائــر

  ناجم شريفة أستاذة مساعدة
 بكلية الحقوق سعيد حمدين (جامعة الجزائر)

 تطورت الصحافة عبر العصور من ورقية الى رقمية إلكترونية عبر النت من مهنة المتاعب وسبق الصحفي في الحروب والازمات الى مهنة ترفيه والمكاتب المغلقة، كما انتقلت حالة البحث عن الخبر الموثوق الى جمع الكم الهائل من المعلومات وان كانت في معظمها اخبار كاذبة.
فإذاعة الاخبار عبر التطبيقات الرقمية ووسائل الاتصال الحديثة والذكاء الاصطناعي والتواصل الاجتماعي بما ساهم في تقليل من معاناة الصحافيين عبر العالم خاصة مع انتشار جائحة كورونا مما أدى الى تفعيل العمل عبر شبكة الانترنت من التسويق والتجارة الالكترونية والاشهار الالكتروني والصحافة الالكترونية.
مع ضمان حرية التعبير وحرية الصحافة و احترام أخلاقيات مهنة الصحافة الرسمية والحرة والسبق الصحفي والاخبار الحصرية و الاخبار الاحتكارية للقناة التي ينتمي إليها الصحفي أما اذا كان صحفيا حرا فتعود حقوق المؤلف طبعا إليه.
إذا لم تكن اخبار يومية بل فيه جهد فكري ومادة اعلامية منها الريبورتاجات المكتوبة أو الاذاعية أو التليفزيونية والفيديوهات عبر منصات الانترنت أو مقالات موضوعية أو مقالات الافتتاحية مما أدى الى سرعة انتشار الاخبار عبر عالم اليوم.
فلا يوجد قانون مباشر يحمي الصحفي في حالة ارتكابه بعض الجرائم السياسية عند القيام بمهامه لمكافحة الفساد بترصد ممتلكات المسؤولين.
بدأت مواقع الصحف الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعية ووسائل الاتصال الحديثة وتطبيقات المجلات الرقمية الى ظهور صحف إلكترونية في العالم وفي الجزائر تنتشر منذ مطلع الألفية، حيث ظهرت العديد من الصحف الإخبارية المتخصصة، مع ظهور صحف إلكترونية متخصّصة في عدة من المجالات الثقافية والأدبية والرياضية والفنية.
إلا أنّ نشاطها لم يكن مقنّنا ولم يكن قانون الإعلام لعام 1990 قادرا على احتوائها وتنظيمها أو التّحكم في ما ينشر من خلالها بل كان ذلك القانون جد قاصرا في مواجهة ذلك التطور التكنولوجي الهائل.
خاصة إذا تعلّق الأمر بالتجاوزات القانونية أو بتجاوز أخلاقيات مهنة الصحافة بجميع اشكالها إلى أن حاول قانون الإعلام المطبّق حاليا الى إنهاء ذلك الفراغ القانوني الذي طفى على نشاط الصحافة عامة والصحافة الإلكترونية خاصة.
بحيث تطرّق القانون العضوي للإعلام رقم 12/05 للصحافة الإلكترونية في باب مستقل لأول مرة، حيث ورد في المادة 67 أنه « يقصد بالصحافة الإلكترونية كل خدمة اتصال مكتوب عبر الإنترنت موجهة لعامة الجمهور أو فئة معينة منه، وينشر بصفة مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي يخضع للقانون الجزائري .
 يتحكم في محتواها المواضيعي أو ألافتتاحي. أما المادة 68 فأوضحت أن «نشاط الصحافة المكتوبة عبر الإنترنيت يتمثل في إنتاج مضمون أصلي موجه للصالح العام، ويجدّد بصفة منتظمة ويتكوّن من أخبار لها صلة بالأحداث وتكون موضوع معالجة ذات طابع صحفي».  لا تتدخل المطبوعات الورقية ضمن هذا الصنف عندما تكون النسخة عبر الانترنت والنسخة الأصلية مطابقتين، أما المادة 71 فتنص أنه «يمارس نشاط الصحافة الإلكترونية والسمعي البصري عبر الإنترنيت مع احترام أحكام المادة 2 من القانون العضوي للإعلام.
وتشير المعلومات الواردة عن وزارة الاتصال، نهاية العام 2020، أنّ الفضاء الإلكتروني الجزائري يحصي 150 موقعا إلكترونيا، تعاني من عدة صعوبات قانونية ومالية وحتى تقنية.
 أولا: اللّوائح التنظّيمة للصحافة الإلكترونية في الجزائر:
 
كشفت الحكومة الجزائرية خلال نصف الثاني من سنة 2020 عن المرسوم التنفيذي رقم 20/332 المتعلّق بكيفية ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت وحق الرد والتصحيح عبر الموقع الالكتروني.
يحدّد المرسوم كيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت ونشر الرد أو التّصحيح عبر الموقع الإلكتروني. وصدر المرسوم يوم 1 ديسمبر 2020 في العدد رقم 70 من الجريدة الرسمية، حيث يتكون من فصلين يشملان 8 مواد حدّد خلالها شروط والتزامات ممارسة هذا النشاط.
ويهدف المرسوم التنفيذي إلى تطبيق الأحكام التّشريعية الصادرة في القانون العضوي للإعلام 12/05 المؤرخ في 12/01/2012 لتأطير الصحافة المكتوبة الإلكترونية وتوطين استفادتها على الصعيد القانوني، وذلك بغرض مواكبة التطور السريع الذي يشهده هذا الجانب الهام من الصحافة الوطنية.
ويأتي هذا النص التنظيمي الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية امتدادا للمادتين 66 و113 من القانون العضوي المتعلق بالإعلام، إذ يهدف خاصة إلى وضع الصحافة الالكترونية المكتوبة في مسار يتوافق وأهداف القانون.
ويحدد النص القواعد التي تنظم الإجراء التصريحي للتأسيس ويؤكد في هذا الشأن على أنّ نشاط الإعلام عبر الانترنت هو نشاط حر. كما يوضح كيفيات ممارسة حقوق التصحيح والرد كما تنص عليها المادتان 100 و101 من قانون الإعلام.
كما يؤكد مشروع المرسوم التنفيذي اللاحق ، أنّ حرية التعبير مبدأ لا يمكن أن يكون مطلقا كيفما كانت طريقة السير المنتهجة وأن التقدم التكنولوجي يوفر للناشرين الإعلاميين سبل ووسائل متميّزة للتعبير. وورد أيضا في النص أنّ «الصحافة الالكترونية تتميّز بإمكانية الوصول إليها بشكل متواصل، وهو الأمر الذي لم يتمكن القانون من التحكم في آثاره ونتائجه على النظام العام».
ويشير مشروع المرسوم التنفيذي إلى أنّ الصحافة الالكترونية تعزّز من إمكانيات نشر المعلومة بحيث يمكنها المساهمة بشكل نشط في المجهود الجماعي الرامي إلى دمقرطة وأخلقة الحياة العامة.
وأشار النص كذلك إلى أنه «يمكن للناشرين الصحفيين، الذين أضحوا مُؤطرين بشكل أفضل من الجانب القانوني، المشاركة بشكل فعال في تحقيق وظائف وأهداف المادتين 2 و 5 من القانون العضوي 12-05 المتعلق بالإعلام».

ثانيا: أهم الشروط التي حدّدها المرسوم التنفيذي رقم 20/332 الصادر في 1 ديسمبر 2020 المتعلق بكيفيات تنظيم الصحافة الالكترونية بالجزائر:

من أهم الشروط التي حدّدها المرسوم التنفيذي لممارسة الإعلام الرقمي أو إنشاء مواقع إلكترونية، أن يحوز المسؤول على وسيلة الإعلام عبر الإنترنيت على شهادة جامعية أو شهادة أخرى تعادلها وأن لا تقلّ خبرته على 3 سنوات في مجال الإعلام.
كما اشترط التصريح بمصدر الأموال المكونة لرأس المال وأموال التسيير وتبريرها، إلى جانب تبرير كل دعم مادي من أي هيئة مانحة وتبيان العلاقة العضوية مع منع تلقي تمويلات من أي جهة أجنبية، وكذا يمنع مساهمة أي شخص معنوي أو طبيعي في أكثر من جهاز واحد للإعلام عبر الإنترنت.
ويخضع نشاط الإعلام عبر الانترنت «إلى النشر عبر موقع إلكتروني موطَن حصريا من الناحية المادية والمنطقية بالجزائر ومسجلا في اسماء النطاق «.dz» بنص المادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 20/332 المؤرخ في 6 ربيع الثاني عام 1442 الموافق لـ 22 نوفمبر 2020 يحدد كيفيات ممارسة نشاط الاعلام عبر الانترنت ونشر الرد والتصحيح عبر الموقع الالكتروني الجريدة الرسمية رقم 70 .
ويقصد بالتوطين المادي والمنطقي «أن تكون كل الموارد (معدات وبرامج ويد عاملة وإبداع واستغلال) اللازمة لإيواء موقع، بالجزائر» والذي يجب أن يسجل ضمن اسماء النطاق «.dz» وأن يحمل إجباريا لاحقة «.dz»،  وهو ما يعني أن الحصول على النطاق يكون في الجزائر عن طريق الدولة مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني».
وبحسب ذات النص «يمكن أن يكون الآوي مؤسسة عمومية أو خاصة أو صاحب الموقع ذاته من خلال اقتناء المعدات اللازمة».
وبخصوص أنواع الإيواء الواجب توطينها في الجزائر يوضح النص أنه «سيخصص خادم مادي للإيواء بما فيها جزء النظام المنطق في حين سيأوي خادم كبير العديد من المواقع التي ستتقاسم كل موارده في الداعمات المادية المختلفة، منها الأقراص المضغوطة، أو مسجلة في الذاكرة الحية لجهاز الكمبيوتر بما فيها جزء النظام» .
 وأنه «سيتم تخصيص جزء منطقي من خادم مادي كبير يخصص للموقع الالكتروني للصحيفة أو القناة الاذاعية أو التلفزية»، مبرزا أن هذا «النوع مطلوب جدا نظرا لسهولة تنصيبه من الناحية التقنية بواسطة منصات خدمة ذاتية».
ويجب أن يكون تسيير الموقع «من الجزائر» مع ضمان تسيير محتوى الموقع فما يخص إضافة وتغيير وحذف المقالات الصحفية والتسيير التقني المتمثل في الصيانة تصميم، إضافة أقسام تحديثات الامان وأرشفة السجلات مصورة في شكل logs ، بحسب ما جاء في النص الذي أكد أنه «يمكن للمسير أو الآوي أن يشرف على تسييرها».
ويعني توطين المواقع الالكترونية في الجزائر، «جزأرة « مواقع البث والنشر لجعلها جزائرية، على غرار القنوات التلفزيونية الخاصة، كما أنّ المواقع الإلكترونية «من المفروض أن يكون منطلق نشاطها من الجزائر، طبقا للقوانين المحددة لنشاط المؤسسات الإعلامية في الجزائر الناشطة عبر الأنترنت».
ويهدف «التوطين» إلى «ضبط نشاط هذه المواقع طبقا للقانون الجزائري»، الأمر الذي سيمكن الناشرين وأصحاب المواقع من «تفادي اللهث وراء الأموال أو تحويلها بصيغ وطرق غير مشروعة».
وبخصوص الآليات التي ستستفيد منها الصحف الإلكترونية من الإشهار العمومي، قال فإنه من منظور السلطات العمومية «بعد صدور النص القانوني للصحافة الإلكترونية، سيتم تحديد المعايير الخاصة بالإشهار الإلكتروني، كما يظل القانون رقم 18/05 المؤرخ في 24 شعبان عام 1439 الموافق لـ 10 ماي، سنة 2018 المتعلق بالتجارة الالكترونية وكذا الاشهار الالكتروني الجريدة الرسمية رقم 28.
بحيث يظل الاشهار التجاري جد قاصرا فيما يخص عدم وجود قانون خاص ينظم هذا النشاط مما ادى الى ظهور فراغ قانوني  سواء كانت في القطاع العام أو القطاع الخاص أما الاشهار في ظل هذا القانون التجارة الالكترونية فهو على سبيل الداعية والترويج للتعاقد على المنتجات التي تباع على تلك المواقع الالكترونية لصفحات ومواقع الرسمية للشركات التجارية التي نصت عليه نصوص المواد من المادة 30 الى غاية نص المادة 34 منه .
 أما بما يخص تنظيم الاطار القانوني للإعلام العلمي للمواد الصيدلانية و الاشهار لها فانه قصد بيع المنتجات الصيدلانية فهو ممنوع في ظل هذا القانون المتعلق بالتجارة الالكترونية فما بالكم بالإشهار للمنتجات الصيدلانية والمواد الصيدلانية الذي تخضع الى قانون الصحة العمومية رقم 18/11 قانون الصحة العمومية الجديد رقم 18/11 المؤرخ في 18 شوال عام 1439 والموافق لـ 2 يوليو 2018 ، عدد الجريدة الرسمية 46 الصادرة بتاريخ 16 ذو القعدة 1439 الموافق لـ 29 يوليو سنة 2018 الذي نظمه بنصوص المواد الاتية : من المادة 235 الى غاية المادة 240 من ذات قانون الصحة .
 حتى وإن كانت من حيث المرجعية والمبادئ العامة لا تختلف كثيرا عن المعايير التي ضبطت للصحافة المكتوبة الورقية»، وهو الشق الذي سيحدده بصفة « قطعية « قانون الإشهار الذي يعد من  «أحد أبرز ورشات قطاع الاتصال».
وبخصوص تمويل ودعم الإعلام الإلكتروني، بحسب ما ورد في المادة السابعة من المرسوم التنفيذي فإنّ المؤسّسة المالكة لجهاز الإعلام عبر الإنترنت ملزمة بأن تبرر مصدر الأموال المكونة لرأسمالها والأموال الضرورية لتسييرها وهو وضع طبيعي لكنه يحتاج إلى تفصيل أكبر وتحديد لماهية تلك المصادر. كما أنها لم تفصّل في قضية الدعم وحدوده فيما كانت واضحة تماما في رفض أي دعم أجنبي».
وقد تحفّظ بعض الصحفيين حول عدم اشتراط المرسوم للأقدمية والخبرة اللازمة للمسؤول الأوّل على المؤسسة الإعلامية الإلكترونية، كونه يمكن لأيّ صحفي يحوز على خبرة 3 سنوات فقط من الحصول على الاعتماد، عكس ما هو معمول به في الجرائد الورقية التي يشترط فيها الحصول على 10 سنوات أقدمية لمدير النشر.
 فقد أعطى المرسوم التنفيذي بذلك، لقليل الخبرة إمكانية الإشراف على صنع الرأي العام؛ لأنّ ثلاث سنوات قليلة جدا لاكتساب الخبرة اللازمة، خاصة مع واقع ضعف تكوين الصحفيين، وغياب التدريب والمتابعة في الميدان.
فثلاث سنوات لا يمكن لها أن تصنع صحافيا مسؤولا للنشر قادرا على الإلمام بمختلف جوانب التقنية والقانونية والاخلاقية لمهنة الصحافة ليكون صحافيا كفئا في هذا المنصب الحساس.

للمساهمة مراجع
 قائمة قانونية:

-1 القانون العضوي رقم 12/05 المؤرخ في 18 صفر عام 1433 الموافق ل 12 يناير سنة 2012 المتعلق بالإعلام في الجزائر ج ر4.
-2 القانون رقم 18/05 المؤرخ في 24 شعبان عام 1439 الموافق ل 10 مايو سنة 2018 المتعلق بالتجارة الالكترونية وكذا الاشهار الالكتروني الجريدة الرسمية رقم 28 .
-3 قانون الصحة العمومية الجديد رقم 18/11 المؤرخ في 18 شوال عام 1439 والموافق ل2 يوليو 2018 ، عدد الجريدة الرسمية 46 الصادرة بتاريخ 16 ذو القعدة 1439 الموافق ل 29 يوليو 2018 ليصدر تقنين عربي فرنسي لدار بلقيس لنشر والتوزيع بالدار البيضاء بالجمهورية الجزائرية سنة 2018 .
-4 القانون رقم 04/02 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ج ر عدد41.
-5 القانون رقم 04/08 المنظم لشروط ممارسة الانشطة التجارية.
-6 القانون 04/64 المتعلق بالتقييس القانوني ج ر 41.
-7 المرسوم التنفيذي رقم 20/332 المؤرخ في 6 ربيع الثاني عام 1442 الموافق ل 22 نوفمبر 2020 يحدد كيفيات ممارسة نشاط الاعلام عبر الانترنت و كيفيات النشر الرد والتصحيح عبر الموقع الالكتروني الجريدة الرسمية رقم 70 .
-8 الامر رقم 03/05 المؤرخ في 19 يوليو 2003 المتعلق بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة عدد الجريدة الرسمية رقم 44 .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024