الإستقواء بالتدخل الأجنبي ... والوجه الآخر للفشل السياسي

بقلم: أحمد بن السائح

يبدو أن الطبقة السياسية عندنا لَمْ تعد قادرة على النظر جيدًا في مرآة واقعها الحقيقي، أو مراجعة وضعها بما يتوافق وراهن المعطيات والتفاعلات السياسية المتجددة، ومن ثمة لم تستطع تقييم مركزها الحقيقي حق التقييم، أو تحاول إنصاف نفسها بالتعرف على حقيقة حجمها وسط هذا الموج الجارف الذي كان من الأليق أن يتنافس فيه المتنافسون من رَادَةِ النضال وأقطاب السياسة، ودعاة التغيير الإيجابي المثمر، الذي يُعَمِّرُ ولا يُدَمر، وَيُصْلِحُ ولا يُفْسِدُ، ويعمل من أجل المساهمة الحقيقية في ترقية الحِسِّ المدني، والنهوض بمهمة نشر الوعي السياسي والحقوقي الذي من شأنه ترسيخ أبجديات المواطنة الصحيحة التي تؤسس لمشترك عام يَجْمَعُ ولا يُفَرِّقُ، ويكون بمثابة ماسكة الرحم بين السلطة الحاكمة والمعارضة التي تسعى وتتطلع إلى التغيير والتصحيح .


تجرد من الأخلاق السياسية

 وإذا كانت المعارضة ـ بنفاقها وانهزاماتها وفشلها ـ تَدَّعِى أن النظام مُتَسَلِّطٌ عندنا وينهجُ نهج الخطأ، ويتعسَّفُ في الإستمساك بالسلطة، ويَعَضُّ بالنواجد للإنفراد بالحكم ـ كما يتهمونه ـ فإن المعارضة هي الأخرى على شاكلة النظام الذي تتهمه وتَتَزَيَّدُ عليه، وجعلت من طرائقه ومساراته عِلْكًا ـ يشغل فراغاتها ـ لا تَمَلُّ من مضغه للتنديد به بشكل مبالغ فيه، ومسرف في الإفتراء واختلاق التلفيقات المغرضة لتسويد صحائف نظام تَتَتَلْمَذُ على يديه، وتنهل من معينه، وتأخذ منه ، وتنقلب عليه  دون خجل ، بل تشترك معه في الكثير من المواصفات التي تُنَاكِرُهَا وتَشْجِبُهَا، وتَتَعلَّمُ منه كل السوءات التي ظلت تلصقها به، وخلاصة القول أنها معارضة منافقة، وليس لها من نتاج سوى التشويش على المسار الطبيعي للحياة العامة، وعدم القدرة على تقديم البديل، ولا جدوى من تواجدها في الساحة السياسية، لأنها معارضة مَرَدَتْ على تشويه الواقع بوساطة الدعاية الفَجَّة، وقلب الحقائق على حساب تقديم الوجه الحقيقي للمصداقية التي تخدم الوطن، ولا شيء آخر سوى الوطن، وهي في النهاية معارضة فاشلة سياسيًا، لا هَمَّ لها إلا الوصول إلى السلطة بشتى الطرق، وبأية وسيلة كانت، حتى ولو تَطَلَّبَ الوصول إلى الحكم التجرد من الأخلاق السياسية، واستخدام الطرق التي نَصَّ عليها كتاب : (( الأمير )) نيقولا ميكيافيلي، وهذا ما ذهب إليه أدعياء السياسة من بعض معارضتنا التي تزحف على بطنها، وتتعثر في متاهات اللعب القاتل الذي لا تتقنه، وحقيقة وضعها ليست بأحسن من ذبابة وقعت في مصيدة نسج العنكبوت ..
حسابـــــــات خاطئـــــــة
  ولنا أن نتساءل عن هذا اللون من المعارضة التي راحت تستنجد بالخارج !!! وتطالب بالتدخل الأجنبي في الشأن الجزائري !!! وتتواصل مع من تراه قوى عظمى ومنتظمات دولية للإسقواء على السلطة في الجزائر !!! وترجو منها التصدى للنظام الجزائري وإيقافه عند حده !!!. فمن يكون هؤلاء ياترى ؟ !! وماذا يريدون بالضبط ؟ !! ومن يكون هذا الذي لا يزال يعيش في سويسرا بتقاعد مريح، وامتيازات خاصة ـ يجنيها من خزينة الدولة ـ لا يحلم بها سواه من طبقات الشعب المغبونة ؟ !! فالرجل كان وزيرًا للمالية منذ أكثر من عقدين من الزمن، والبطالة السياسية وحدها هي التي جعلت منه هاويًا يمتهن لعبة المعارضة .. معارضة ارتجالية بدون حزب أَوْ سند، هكذا يكون الدخول لعالم السياسة وإلا فلا لا !!! ويا سعد الساسة بزمالة هذا المعارض الذي لا يمتلك من المؤهلات السياسية سوى الجراءة والإرتجال، وما أصدق قول العامة : (( وجه بارد خير من مالية ))، ألا يخجل من نفسه هذا المتطاول الذي استقوى بالتدخل الأجنبي على أمته ومجتمعه ووطنه ؟ ألَمْ ينظر ويتأَمَّلْ جَيِّدًا وجهه في مرآة الوطنية ؟ ويقرأ صورة تجاعيده وما تنطوي عليه من إِثْمٍ وفُسُوقٍ وخيانة عظمى تهدد سيادتنا الوطنية الممهورة بدماء الشهداء ، أَلَمْ يستح هذا المسكين من دناءة سلوكه وسوء تطلعه، وشناعة طموحه على حساب الوطن وسيادة الشعب ؟...
  الأمانــــة إذا لم تحفـــــظ
    ثم من يكون هذا الشخص الآخر الذي نترفع عن ذكر إسمه ليضيع في غيابات التاريخ، هذا الضابط السامي المتقاعد الذي تَدَرَّجَ في مساره، وأحرز على أعلى الرتب العسكرية، وكان قائدًا للبحرية الجزائرية، وكان يحفظ ويسمع أثناء تخرج الدفعات المتعاقبة تحت رعايته وإشرافه صيغة القسم العسكري المقدس : (( هذا عَلَمُ مدرستنا نضعه أمانة في أعناقكم، فصونوا الوديعة واحفظوا الأمانة، وقاتلوا عنها حتى آخر قطرة من دمائكم . )) . فما بال هذا العسكري الذي كان مثالا يحتذى، ونموذجا يقتدى به في الصرامة والإنضباط، ينزلق إلى الحضيض، ويسحره بريق السياسة، فيرتمي في أحضانها، وتغريه مفاتنها بمكرها وأحابيلها، فلا يتوانى في الإستعجال والتشمير على ساعده، ويباشر على الفور السباحة في بحر السياسة، ظَنًّا منه أن السباحة في المجال السياسي كالسباحة في مجال مهنته وتخصصه؛ والفرق بين المجالين (( السياسي )) و (( البحري )) كالفرق بين ((الخيانة العظمى )) و (( الوفاء للوطن )) . وانقلبت حسابات الجنرال من النقيض إلى النقيض، وتدحرجت من أعلى مقامات الوطنية ـ بفعلته وتَوسُّلِه للأجنبي ـ إلى الدرك الأسفل من مقاعد التزلف والإستجداء للإستعانة بالأجنبي، وخسر وطنيته وتجربته السياسية الفاشلة مَعًا، وجون كيري لا يلتفت لأمثالك، فهو يشتغل ويتعامل مع رجالات الدولة من الدبلوماسيين الْمُحَنَّكِينَ، والأمين العام للأمم المتحدة لا ينزل بمستواه ومسؤولياته ليزيد من أعباء أجندته، ويثقلها بقضايا الضالعين في الفساد السياسي، والإستقواء بالأجنبي من صميم الفساد السياسي . وإذا كانت التبعية للأجنبي لا يقبلها الدستور، فإن هذا الأخير يقررفي المادة (42) : (( حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون)) .
     (( ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية ، والقيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية، والوحدة الوطنية، وأمن التراب الوطني وسلامته، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب، وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة . ))، والإتصال بالأجنبي (( ضرب لسيادة الشعب ))، ومراسلة المنتظمات الدولية من طرف الأحزاب والأشخاص الطبيعيين مساس بـِ : (( أمن التراب الوطني وسلامته واستقلال البلاد )). والحظر المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة (42) لا لبس فيه : (( يحظر على الأحزاب السياسية كل شكل من أشكال التبعية للمصالح أو الجهات الأجنبية )) . أ . هـ . أما المادة (28) من الدستور فتنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول : (( تعمل الجزائر من أجل دعم التعاون الدولي، وتنمية العلاقات الودية بين الدول، على أساس المساواة، والمصلحة المتبادلة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وتتبنى مبادئ وميثاق الأمم المتحدة وأهدافه )) . أ . هـ .  ومضامين المادة المذكورة آنفا لاتختلف مع ثوابت الأمم المتحدة ولا تحيد عنها، ومن أهم تلك الثوابت : (( عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول )) .
عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول
      ومبدأ (( عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول )) هو الذي يحتاج إلى توضيح ، طالما أن أغلب ساستنا ـ ومنهم من استقوى بالأجنبي ـ لا يهمهم إلا الترشح لرئاسة الجمهورية، والتطلع لحكم البلاد، ولا تعنيهم بعد ذلك ثقافة الدولة في قليل أو كثير، ولا صِلَةَ تربطهم بالأبجديات الأساسية المتعلقة بحقائق وطوايا المجتمع الدولي، فضلا عن الخبرة الواسعة في مجال العلاقات الدولية؛ ولسنا هنا بصدد إعطاء الدروس لأحد، لَكِنْ شَجْبًا وتَنْدِيدًا، بَلْ فَضْحًا ـ على الأصح ـ لِعَوَارِ هذا الضرب من أقزام السياسة التهريجية، وقد اتصل بعضهم بالأمين العام للأمم المتحدة وبمنتظمات دولية، بَلْهَ رئيس دولة عظمى، تحت مبرر الخوف من التزوير !!! واستنجادهم بالخارج هو فضيحة علمية، وجهل بمبادئ القانون الدولي، وافتقار فاضح للضروري من علوم الثقافة السياسية وفقه العلاقات الدولية، قبل تصنيف هذا السلوك في خانة (( الخيانة العظمى )).
     و(( عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ))، معناه أن كل دولة لها السيادة الكاملة والمطلقة فيما يتعلق بشأنها الداخلي، وهو ما تؤكد عليه كالتزام الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة : (( ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون الداخلية التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي للأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع ))، وهذا النص صريح لا غبار عليه .
     والفضيحة العلمية التي أشرنا إليها قبل قليل، تترجم مدى الجهل التام الذي يرتع فيه هؤلاء الذين اتصلوا بالخارج، وتعكس تصرفهم المشين الذي يَنِمُّ عن ضحالة بضاعتهم، وانعدام إحاطتهم بالثقافة القانونية الشاملة التي تكون بمثابة الذخيرة العلمية للسياسي المحترف والدبلوماسي الخبير بمهارته وتصديه للقضايا الشائكة. ولو كانت هذه المعارضة المتصلة بالخارج مُسَلَّحة بالعلم والمعرفة، لعرفت أن منظمة الأمم المتحدة ليست لها أية سلطة على الدول إذا تعلق الأمر بشؤونها الداخلية، وهي ـ الأمم المتحدة ـ لا تتناقض مع ما ورد في صُلْبِ ميثاقها، ولو لا الجهل المطلق بتعقيدات قضايا العلاقات الدولية، لكانت المعارضة ـ عندنا ـ  مُسْتيقنة من فهم وتفسير فحوى نص مبدأ : ((عدم التدخل ... )) الوارد في الميثاق الذي يؤكد على أن استقلال الشأن الداخلي للدول ليس من اختصاص المنظمة، وليس لهذه الأخيرة حق التدخل إلا في حالتين اثنتين فقط وهما :
    1 ـ إذا كان التدخل من أجل وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تهدد السلم والأمن الدوليين، والحيلولة دون اندلاع حرب عالمية .
    2 ـ إذا تدخلت الأمم المتحدة بناءً على طلب الدولة المعنية، إذا عجزت هذه الأخيرة على فرض هيبة القانون .
     وإزالةً لأي لبس أوْ تأويل خاطئ أَوْ مسرف في الجنوح إلى التفسيرات الواهية لتبرير إكراهنا وإلزامنا بفرض فكرة ما يسمى بـِ : (( التدخل الإنساني )) التي لا تتساوق ولا تتقاطع ـ بالنسبة للحالة الجزائرية ـ مع أصول ومرجعيات القانون الدولي، مهما حاول المتطرفون تسليعها وإعطائها الطابع (( الإنساني )) ـ المفترى عليه ـ بتعلة تزوير الإنتخابات، فعملية الإنتخاب في حَدِّ ذاتها ـ في تاريخ المجتمع الدولي ـ لَمْ تكن دافعًا أوْ مبعثًا على (( التدخل الإنساني ))، والقانون الدولي بإنصافه وموضوعيته لا يساير هذا الطرح المؤدلج، ولا يخلط بين القضايا الإنسانية المتعلقة بحقوق الإنسان ومصاير الشعوب واستقرار الدول، وبين التسويقات التي يعمل على ترويجها والتمكين لدمارها الذين لا هَمَّ لهم إلا إشعال فتيل الدمار الذي لا يبقي ولا يذر .
كلام الفصل عند فقهاء القانون
    ونعود إلى فكرة (( التدخل الإنساني )) كما يطرحها المختصون من جهابذة القانون الدولي، يقول أستاذ القانون الدولي بجامعة الجزائر البروفيسور عمر سعد الله في كتابه : ( معجم في القانون الدولي المعاصر ) (( ويفترض التدخل الإنساني وقوع انتهاكات متعلقة بحزمة حقوق الفرد المنسوبة لصفته كمدني معولم غير معروف بهويته القومية، كأن يتعرض أفراد أية دولة إلى إبادة عنصرية أو دينية أو حملات تمييز عنصري واسعة . أما إذا حرموا من حق التصويت أو الإنتخاب، أو تعرضوا لنظام استبداد سياسي فإن ذلك لا يبرر تمامًا التدخل الإنساني، لأن ذلك يدخل في نطاق سيادة الدولة على مواطنيها))؛ ويضيف موضحًا : (( أما الإنتهكات التي تمس حزمة حقوق الفرد كمواطن تابع قانونيا لدولة فلا تستوجب أي تدخل إنساني خارجي . وتتضمن حزمة الحقوق الأخيرة امتيازات الفرد القانونية التي ينص عليها دستور الدولة التابع لها، ومن ضمن ذلك حقه في التصويت والإنتخاب، وحقه في الوصول إلى المعلومات  )) .
 أ . هـ . ؛ ص ، ص : ( 115 / 116 ) .         
   ولو كان هذا الغثاء الراكض وراء سراب السياسة يعرف حجمه، ويقف على أرض صلبة، ويقدر مسؤولية موقع رجل الدولة، لَمَا أقدمَ على ما أقدم عليه من استغباء مُرَكَّبٍ، حين سَوَّلَتْ له نفسه المتطوحة في جهالاتها السياسوية مراسلة الرئيس الأمريكي والأمين العام للأمم المتحدة، تنديدًا باحتمال ما سيقع في الجزائر قبل أن يقع، وهذا استباق للأحداث، ونية مبيتة تنطوى على الكيد والأحقاد تجاه أمن واستقرار الوطن، وتحرُّشٌ صارخ بمؤسسات الجمهورية الجزائرية أمام هيئات المنتظم الدولي، ودعوتها للتدخل لحماية المسار الإنتخابي حسب زعمهم، والإدعاء الزائف بأن الإنتخابات في الجزائر محسومة وعلى المقاس، إلى غير ذلك من سيل التهم التي لا أول لها ولا آخر . وإذا كانت الإعاقة السياسية قد أفرزت لنا طبقة من الجهلة بثقافة الدولة، فلا ضير ـ بعد ذلك ـ أن يتنافس هذا اللون من الزعانف على حكم الجزائر، للظفر بمنصب القاضي الأول في البلاد !!!              
      والزاحفون في المعترك السياسي كُثْرٌ، وقد ضجت الحياة العامة من ظاهرة ذوي الحاجات الخاصة في مجال السياسة، لجهلهم وبُعْدِهِمْ عن قضايا ونوازل المنتظم الدولي، ودعنى أقرر أن تواجدهم اللافت هو من أسوأ نوازل المنتظم الدولي، فمنهم من رَحَّبَ وهَلَّلَ على مدى السنوات الثلاث الماضية بـ : (( الحريق العربي )) على حد تعبير صديقنا الإعلامي الأستاذ محمد لواتي، وعقدوا خناصرهم على أن يكون الدمار وقلب الحكم هناك ورجع الصدى هنا، وكادوا يغامرون بمستقبل السيادة الجزائرية، وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ، وباءت في نهاية المطاف مساعيهم ومخططهم التدميري بالفشل، ونقول لهؤلاء ولغيرهم أن مرجعيتنا ستبقى نوفمبرية بفرادتها الجزائرية، لا نُصَدِّرَهَا ولا نستورد سواها من البدائل، فهي الثابت المقدس الذي لا يتبدل ولا يتغير، ولن نقبل بغيرها شريعة ومنهاجًا، والجزائر سيدة في كل شؤونها الداخلية والخارجية، ومواقفها السياسية والدبلوماسية نابعة من صميم القيم والمصلحة التي تخدم الشعب، وراهن السيادة الوطنية التي لا تقبل الإملاءات، وترفض التوجيه والوصاية، ولا تَقْبَلُ أن تكون مخبرًا يُعاد فيه إسقاط وتحليل التجارب الإسلاموية للآخرين .
استنساخ ما حصل في دول الجوار
     واليوم نرى طوائف التخلف السياسي ـ عندنا ـ تَحَنُّ إلى استنساخ ما حصل في دول الجوار من فوضى وثورات وتخريب، وهو ضرب من الإنضباع جعل المناوئين للعهدة الرابعة على اختلاف مشاربهم وحساسياتهم يتخندقون في معسكر
(( المقاطعة )) لتفعيل فراغات السياسة السياسوية لإفساد الإستحقاقات الرئاسية، والإبقاء على استمرارية الأزمة، وإدخال المصلحة العليا للوطن في نفق مسدود، وراحوا يُجَنِّدُونَ التفاهات من كل فج، ويساندون حركات عميلة للخارج، ليس لها من غاية سوى ضرب الجزائر وتركيع الدولة، وفق مخطط مدروس وأجندة جاهزة منذ زمن، ظل منفذوها ينتظرون الفرصة الملائمة لتعفين الوضع، وترقب التوقيت المناسب لزرع الفتن وتهديد الإستقرار. وطفت على السطح ـ قبل وأثناء وبعد الحملة الإنتخابية ـ دعوات غريبة تدعو إلى العنف، واحتلال الشوارع العامة، بإقحام مليشيات الإرهاب المدني الذي توجهه قذارات شاذة تحت عناوين : (( رفض )) و (( بركات )) و (( إرشاد )) بالتنسيق مع تنظيم (( الماك )) من متطرفي دعاة الإنفصال وأعداء الوحدة الوطنية الذين صنعوا لأنفسهم راية ـ قبل سنوات ـ لمستقبل أحلامهم التي لَنْ تتحقق ((... حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ . )) ، ولا تزال مكبرات الصوت تهدد وتستثمر في الوضع القائم لِجَرِّ الدهماء للإنزلاق. والواقع أن هذا الفشل السياسي الذي يرقص على غير إيقاع، يعمل على إغراق الساحة الوطنية بمصطلحات غريبة ومخترعة، لتثوير الرأي العام وحَثِّهِ على التمرد، ومواصلة الإحتجاجات، والمؤسف أن يصدر هذا التحريض الخطير من بعض النخب السياسية والثقافية على حَدٍّ سواء ، فضلا عن مسايرة بعض المترشحين لهذا الطرح، وتغذيتهم لتعميم الفتنة، قبل أيام ثلاثة من الموعد الحاسم للإستحقاقات الرئاسية، مما حَدَا بالرئيس الأسبق اليامين زروال أن (( يتبرَّأ من تعاطفه .. )) مع أحد المترشحين بعد تصريحه .
      والواقع البئيس الذي تَمُرُّ به الجزائر، هو الذي مَكَّنَ لهؤلاء ولوج ميادين السياسة لعرض بضاعتهم المؤسسة على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ ، فكان أول الغيث الذى قدمه هذا الرهط  هو ضرب الوطن من الخلف، والإستقواء بالخارج أَوْ (( الإستعانة بالكافر )) حسب مصطلح الفقه الإسلامي، وهذا معناه وضع السيادة الجزائرية برمتها في محل الرهان، وعلى المحك الصعب ، الذي أراده الخونة والمجرمون وأبناء الحركى، للإنتقام من ميراث الشهداء الذي فضح الوجه الآخر للفشل السياسي الذي تتعاطاه معارضة عميلة للخارج بأفعالها السوداء وسلوكاتها الفاجرة، ولا تعنيها مصلحة الجزائر بقدر ما يعنيها الإخلاص والوفاء للأجنبي، وعلينا أن نقف وقفة رجل واحد لمواجهة مخطط العملاء والقتلة، المتربصين بسلامة الشعب والوطن .  
                                                                                  

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024