اخترت جريدة «الشعب» منبرا لأتحدث فيه عن الشعب الجزائري، كيف لا وهي جريدته ومنبره الذي يحمل أسمه. هذا الشعب الأبي الذي رسم بالأمس القريب أعظم صور الكفاح والنضال ويرسم اليوم أعظم صور السلمية والديمقراطية، كان ولازال صامدا في وجه كل الظروف عازما على المضي قدما نحو جزائر أفضل.
سنوات الاستعمار
عانى الشعب الجزائري ويلات الاستعمار 132 سنة، كافح فيها بدون هوادة حتى نال استقلاله بكل جدارة، جاعلا فرنسا إحدى أكبر القوى الاستعمارية في التاريخ، تخضع لرغبته في نيل استقلاله. فمن الثورات الشعبية بقيادة الشيخ بوعمامة والأمير عبد القادر وغيرهما من أبناء هذا الشعب، إلى الحركة السياسية إلى ثورة نوفمبر الخالدة، رسم هذا الشعب الأبي أعظم صور الكفاح والصمود في وجه الاستعمار، محافظا على هويته العربية الأمازيغية الإسلامية في وجه كل عواصف التغيير والطمس التي واجهها، ليكون الخامس من شهر جويلية سنة 1962 محطة النهاية لاستعمار دام قرنا و32 سنة مكرسا لمقولة: «un seul héros le peuple»، معلنا انتصار الشعب الجزائري وميلاد الجمهورية الجزائرية المستقلة.
تحدي بناء الدولة
خرج الشعب الجزائري إلى تحدّ أخر في تاريخه المجيد وهو تحدي بناء الجزائر الحبيبة وأمامه بلد مدمر من كل الجوانب الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية وغيرها، إلا أن ذلك لم ينقص من عزيمته شيئا، فهذا الشعب يعشق التحدي، فتم ميلاد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بمؤسساتها المستقلة لتسود فيها ديمقراطية أن لا سيّد في هذه البلاد وأن الشعب هو السيد.
حركات التحرر
يعد الشعب الجزائري من أكثر الشعوب دعما لحركات التحرر عبر كل الأزمنة، فقد كان ولا يزال يدعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، لأنه يدرك تمام الإدراك معنى الاستعمار والاضطهاد. فقد عاش ذلك وأدرك الحرية بمعناها الحقيقي، وخير دليل على ذلك دعمه للصحراء الغربية في حق تقرير مصيرها وموقفه تجاه فلسطين في حركتها التحررية الذي لم يتغير يوما حتى صار أحد ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية وأصبح شعار «فلسطين الشهداء» لا يفارق الجزائري أينما حل وارتحل وفي كل المناسبات.
سنون الجمر
لم يخطئ من قال إن الشعب الجزائري ولد من رحم المعاناة، فبعد كل ما عاناه من ويلات الإستعمار، دخلت الجزائر نفقا مظلما مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي؛ نفق لم يخرج منه الشعب الجزائري إلا بعد أن دفع فاتورة غالية، كان الثمن فيها دمه الذي استبيح، فخرجت الجزائر إلى القرن الواحد والعشرين منهكة وقد فقدت الكثير من أبنائها وبناتها في سبيل أن يعمّ السلم والأمان فيها.
الحراك الشعبي
تاريخ الجزائر حافل بالمحطات التاريخية عبر كل الأزمنة وفي كل مرة يخرج الشعب الجزائري صانعا تاريخا جديدا، هذه المرة 22 فيفري 2019، كل الشعب الجزائري يخرج إلى الشوارع ملتحما بجيشه الوطني الشعبي، راسما صورا سلمية وتحضرا كبيرين، مبهرا بها العالم أجمع، معلنا أن الشعب الجزائري لايزال قويا وصامدا وأن مصدر قوته هو وحدته، لتكون بذلك الحلقة الأخيرة لحكم ما عرف بالعصابة وميلاد جمهورية جديدة، القرار الأول والأخير فيها للشعب، دون سواه. ويتم فيما بعد إعلان هذا التاريخ يوما وطنيا لتلاحم الشعب مع جيشه من أجل الديمقراطية، كمحطة أخرى من محطات تاريخ هذا الشعب العظيم.
كورونا محطة أخيرة
من يتصفح مواقع التواصل الإجتماعي، يرى حجم الاستصغار الذي طال هذا الوباء من قبل الشعب الجزائري، العالم كله مرعوب منه إلا الجزائريين وكأن بهم يقولون للعالم أجمع، لم تخفنا لا فرنسا ولا سنون الدم ولن يخيفنا هذا الفيروس، فنحن رمز التحدي والصمود وسنتجاوز هذه المحنة، كما تجاوزنا غيرها، بإذن الله العلي القدير.