يتزايد عدد الناجحين في شهادات البكالوريا سنويا بولاية تيزي وزو، حيث تستقبل جامعات تامدة، مولود معمري ، بوخالفة، باسطوس، لابيطا وكلية الطب، أزيد من ١١ ألف طالب جامعي جديد. وقد شهدت السنة الجامعية ٢٠١٢ / ٢٠١٣، جملة من الاحتجاجات عكرت صفو المسار الدراسي. وعبر الطلبة عن مشاكلهم بمختلف الطرق، مطالبين بتحسين أوضاعهم الاجتماعية منها النقل، الإطعام إلى جانب الأمن .
من أسباب تدني الأوضاع حسب ما رصدته «الشعب» في عين المكان مشكل الاكتظاظ، حيث لا تتسع الجامعة لاستقبال عدد المسجلين الجدد بالنظر إلى نقص المرافق البيداغوجية، ويخشى أن تكون السنة الجامعية المقبلة أكثر تأزما وتعقيدا في حال عدم استلام مشروع إنجاز ١٧ ألف مقعد بيداغوجي الذي برمج منذ سنة ٢٠٠٤ ولم تصل نسبة تقدم الأشغال به إلا ٦٠ ٪ .
أزيد من٧٥ ٪ من الطلبة الجدد بتيزي وزو، يسجلون سنويا بجامعات الولاية، فيما ٣٠٪ منهم يسجلون بجامعات أخرى من الوطن، فجامعة مولود معمري لوحدها حسب رئيس الجامعة احمد زايد، تستقبل سنويا ٨٥٠٠ طالب جديد، ومعدل الطلبة الجدد يزداد سنويا بالولاية فلكل ٦٠ ألف ساكن هناك ١٥٠٠ طالب، وهي نسبة تضاعفت مقارنة بالسنوات الماضية من ١ إلى ١٥ .
ويعد مشكل الإطعام والإقامة من أكبر العراقيل التي تصادف الجامعات التي لاتتسع لاستقبال هذا الكم الهائل من الطلبة حسب ذات المتحدث.
ولتدارك الوضع استفادت الولاية من إنجاز مشروع بناء ١٧ ألف مقعد بيداغوجي ١٠ الاف منها في البرنامج الخماسي الجديد ٢٠١٠ / ٢٠١٤ ، و٧ الاف في برنامج ٢٠٠٤ / ٢٠٠٩، كما تمت برمجة إنجاز ١٥٥٠٠ سرير، لكن تأخر استلام هذا المشروع ولد اكتظاظا رهيبا بالمدرجات والاقامات، والمطاعم التي تتسع لاستقبال ١٠٠٠ طالب فقط،في حين تقدم أزيد من ٧٠٠٠ وجبة غذائية يوميا .
منحرفون يرتادونالجامعات يوميا بسبب غياب الأمن
معاناة الطلبة بجامعات تيزي وزو لا تتوقف عند هذا الحد، بل إن غياب الأمن يعد مشكلا آخرا، وأحد العراقيل التي أججت الاحتجاجات والمسيرات، خاصة بجامعة تامدة التي شيدت بمنطقة منعزلة وأصبحت عرضة لكل المنحرفين و العصابات الذين يستغلون الظلام ليلا للتهجم على الاقامات، إلى جانب الاعتداءات المستمرة التي يمارسها هؤلاء أمام مدخل الجامعة في وضح النهار.
يحدث هذا رغم توظيف أعوان أمن داخل الجامعة إلا أن الخطر يحدق بالجامعيين داخليا وخارجيا، حيث يدخل الغرباء يوميا إلى داخل الجامعات، ما عكر صفو المسار الدراسي للطلبة الذين يطالبون بتشديد الأمن بالحرم الجامعي.
المؤسف من جهة أخرى، انعدام النظافة داخل الجامعات وداخل الاقامات على غرار ما استوقفنا بالإقامة الجامعية بوخالفة للذكور حيث لاحظنا كميات الأوساخ المتراكمة أمام المطعم، تنبعث منها روائح كريهة، ناهيك عن انتشار الحشرات الضارة خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، كما أن هذه القمامات لا يتم جمعها لا بعد أزيد من أسبوعين ما جعلها مرتعا للحيوانات الضالة خصوصا الكلاب، وحسب ما أكده الطلبة فإن رائحة تعفن النفايات تصل إلى المطعم.
ورغم أن الطلبة رفعوا شكاويهم للإدارة بهدف إيجاد حلول ناجعة لاحتواء المشكل قبل تفاقمه أكثر لاسيما أمام الارتفاع اليومي الذي تشهده درجات الحرارة، إلا أنه لا حياة لمن تنادي حسب تعبير أحد الطلبة.
ونتيجة عدم إسماع أصواتهم والنظر في مطالبهم، قرروا اللجوء إلى والي الولاية لإيجاد سبل أخرى، إلا أن رئيس ديوان الوالي أكد لهم «أن الأمر يتجاوزهم» ولأن ترمي هذه النفايات في المفرغات العمومية يتطلب الأمر أولا الحصول على ترخيص، ما أثار استغراب الطلبة الذين أكدوا أنه لم يبق لهم حل آخر .
حسناوة ٢ من أقدم الإقامات المهددة بالانهيار
مشكل آخر يستدعي دق ناقوس الخطر يتمثل في الوضع الكارثي الذي تتواجد عليه أجنحة بعض الأحياء الجامعية و التي تصدر منها روائح كريهة من دوريات المياه، ناهيك عن تسرب المياه إلى الغرف، كلها مواصفات صنعت نكبة الطلبة وترجمت كبر حجم معاناتهم بهذه الإقامات .
هذا ما رصدناه بحسناوة ٢ التي تعد من أقدم الإقامات ،والأمر الذي تأسف له الطلبة هو سياسة التسيير العشوائية المنتهجة من إدارة شؤون الإقامة، حيث أكد الطلبة أن الحي الجامعي وقبل نهاية الموسم الدراسي المنصرم ٢٠١٠ / ٢٠١٢ استفاد من مبلغ مالي لإعادة ترميم بعض أجزائه الداخلية مسّ بالخصوص المراحيض والحمامات، والشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى إعادة ترميم أسقف البنايات لمنع تسرب مياه الأمطار إلى الغرف.
إلا أن الأمطار والثلوج الأخيرة كشفت عيوب نوعية الأشغال، حيث كشف الطلبة أن المياه تتسرب إلى داخل غرفهم كل مرة تتساقط فيها الأمطار، خصوصا الواقعة منها في الطوابق العلوية، مؤكدين لـ «الشعب» أنهم كثيرا ما يمتنعون عن النوم لقوة تدفق المياه ما يثير خوفهم من انهيارها عليهم في أية لحظة.
غياب الطبيب المداوم وسيارة الإسعاف..
وحافلات عمرها ٣٠ سنة
بالإقامة الجامعية واد عيسي توقفنا عند ظاهرة خطيرة تتمثل في غياب سيارة إسعاف، لنقل الطلبة أثناء مرض مفاجئ إضافة إلى عدم توفر أدنى الضروريات الصحية، فالعيادة المتواجدة بها حسب الطلبة عبارة عن هيكل دون روح، نظرا لعدم توفرها على أية أدوية، وكذا عدم وجود طبيب مداوم ليلا، مشيرين إلى أن المتواجدين منهم في النهار لا يحضرون بصفة دائمة إلى الإقامة.
وكشف الطلبة في شهاداتهم أن كثيرا ما يتعرّض المرضى منهم إلى مضاعفات صحية بسبب عدم وجود سيارة إسعاف، مؤكدين أنهم في أغلب الأحيان يلجؤون لسيارات «الكلونديستان» لنقل مرضى منهم إلى المستشفى.
وعلى صعيد آخر، فإن النقل الجامعي مشكل لا يمكن تجاوزه، طرحه الطلبة منذ سنوات لمسؤول الخدمات الجامعية إلا أن طلبهم لم يأخذ بعين الاعتبار على حد تصريحاتهم لنا. فالطلبة يتفاجؤون سنويا بذات الحافلات التي أغلبها يزيد عمرها عن ٣٠ سنة، وهي في وضعية جد مهترئة وفي الكثير من الأحيان يتخوف الطلبة من استقالتها، خاصة تلك المعنية بالنقل بين الجامعات و بلديات الولايةالتي تبعد ٤٥ كلم أو أقل على غرار بلدية الأربعاء ناث يراثن ومعاتقة وبلديات أخرى .
النقل الجامعي حسب تعبير أحد الطلبة حدث ولا حرج ، وحافلاته تصلح لكل شئ سوى للنقل خاصة أنها تهدد حياتهم بسبب فراملها غير صالحة ناهيك عن اهتراء مقاعدها، وتظهر على الحافلات إعطاب متكررة تؤدي إلى توقف الطلبة وسط الطريق لاصلاحها من طرف السائق الذي يستغرق وقتا طويلا يجبر الطلبة على إستقالة وسيلة نقل أخرى للاتحاق بالمدرجات أو العودة إلى إقاماتهم .
٢٠٠٠ غريب يزاحمون
الطلبة في حقوقهم
رئيس جامعات تيزي وزو أحمد زايد أرجع جل المشاكل التي تتخبط فيها جامعات تيزي وزو، إلى ميزانية الجامعة حيث قال أن٩٩,٩٩ ٪ من ميزانية الجامعة هي من الدولة. ولا يوجد أي مدخول خاص بالجامعة وما عدده ٢٠ ٪ يصرف للاستجابة لكل طلبات الجامعة فيما ٨٠ ٪ المتبقية تدفع رواتب الأساتذة .
وقال رئيس الجامعات أن ١٢ إلى ١٤ ٪ من مصاريف الجامعة غير كافي، فهو يستجيب لمستلزمات شراء الكتب أي المكتبات فقط ،أما بخصوص المخابر ومستلزماتها فهذا غير ممكن، حيث دعا إلى خلق نظام خاص للجامعات ، مضيفا أنه في بعض الأحيان يجب الاستعانة بمصاريف الدولة حتى لشراء مستلزمات صغيرة .
كما أرجع ذات المتحدث غياب الأمن واكتظاظ المطاعم الجامعية، إلى العدد الكبير من الغرباء الذين يتوافدون على الجامعة يوميا والمقدر عددهم بـ ٢٠٠٠ غريب، ما حال دون التمكن من تحسين نوعية الخدمات المقدمة للطلبة، خاصة فيما يتعلق بالإطعام والإيواء والنقل.
وقال رئيس الجامعات أن هؤلاء الغرباء هم حالات اجتماعية من الذين ليس لديهم مكان يلجؤون إليه، من بينهم المتربصون بمراكز التكوين المهني، والمواظبون على تربص في شهادة المحاماة، والذين لا يتمتعون بأي حق في الإيواء بعد حصولهم على شهادة ليسانس كونهم تابعين لوزارة العدل. والإدارة وجدت نفسها مرغمة على التعامل برفق مع هذه الحالات الاجتماعية وفتح أبواب الإقامات في وجوههم خاصة الفتيات منهن.
استعمال البطاقات
الإلكترونية هو الحل
ومن أجل معالجة الوضع دعا مسؤول الجامعات أحمد زايد الطلبة إلى تكثيف الجهود مع السلطات المعنية واعتماد البطاقات الإلكترونية المستحدثة للدخول إلى الإقامات الجامعية، خاصة إقامة باستوس، وتامدة للتخلص نهائيا من الغرباء الذين يزاحمون الطلبة في حقوقهم، ناهيك عن الأضرار التي يلحقونها بسمعة الحرم الجامعي.
اعترف المسؤول أنه في العديد من المرات يتردد أشخاص غرباء إلى الإقامات الجامعية بسياراتهم الفخمة دون أن يتمكن أعوان الأمن من إيقافهم، مستدلا بالتسيير الأمثل للإقامة الجامعية للبنات ذراع بن خدة، بعد اعتماد هذه التقنية الجديدة لفرض النظام، حيث استطاعت السلطة أن تفرض تواجدها بهذا الحي مقارنة بالأحياء الأخرى التي ما تزال تعيش أوضاعا حرجة كانعدام الأمن، خاصة بالحيين الجامعيين تامدة ، وباستوس اللذان يشهدان اعتداءات يومية متكررة بسبب المنحرفين الذين جعلوا منهما ملاذا لإزعاج الطلبة بتصرفاتهم التي تؤثر بطريقة سلبية على تحصيلهم العلمي كونهم يفتقدون للراحة والأمان.
وبخصوص النقل الجامعي أكد ذات المتحدث أن الجامعة تطالب كل سنة من مديرية القطاع بضرورة فتح مناقصة واستحضار حافلات جديدة كون التي تستعمل حاليا جد مهترئة وتهدد حياة الطلبة، الا أن ذلك لم يتم أخذه بعين الاعتبار مضيفا أن معالجة المشكل خارج مسؤولية الجامعة.
وعن الإقامة الجامعية بوخالفة التي تفتقر للشروط الضرورية، قال ذات المسؤول أن هذه الإقامة أنجزت على أساس أنها مركز للتكوين المهني، لكن فيما بعد قررت السلطات المعنية تحويلها إلى إقامة جامعية، ومنذ ذلك الوقت لم تشهد أية عملية توسيع لتدعيمها بالمرافق الضرورية للتحسين من وضعية المقيمين بها، داعـــيا إلى تكثيف عدد الأعوان لاسترجاع الأمن بها قائلا أن ٢٣ عون أمن لا يمكن أن يحرصوا على سلامة ٣٠٠٠ طالب.
استلام المشاريع المبرمجة
للقضاء على الاكتظاظ
قطاع التعليم العالي بعاصمة جرجرة، بالرغم من استفادته من العديد من المشاريع ما يزال يعيش تذبذبات حادة، نظرا للتأخر في الإنجاز بدليل عدم جاهزية حتى المشاريع المسجلة في إطار المخطط الخماسي٢٠٠٥ - ٢٠٠٩ ، حيث لا تتعدى نسبة الإنجاز ٦٠ ٪، فما بالك بالمشاريع التي سجلت خلال المخطط الخماسي الجاري، والتي لم تنطلق معظمها لأسباب غياب المتابعة والمعاينة والتماطل .
ولهذا يتوجب على مؤسسة كوسيدار المكلفة بإنجاز أشغال مشروع ٧ آلاف مقعد بيداغوجي، ومؤسسة اوروكازا الإسبانية المكلفة بإنجاز أشغال ١٠ آلاف مقعد بيداغوجي على مستوى تامدة، تكثيف الجهود لغرض الدفع بوتيرة الأشغال، كون المشروع عرف تأخرا ملحوظا. كان من المقرر استــــلامه في غضــون ٣٠ شهرا، المشــــاريع المدرجة في إطار المخطط الخماسي ٢٠١٠٢٠١٤ بغلاف مالي قدر بحوالي ٤ ملايير دينار، لغرض تحسين الظروف البيداغوجية للطلبة، لاسيما تلك التي تتعلق بالإيواء وغيرها.
كما أن المؤسسات المكلفة بإنجاز أشغال مشــروع ما لا يقل عن ٦ آلاف سرير للإقامة الجامعية تامدة ٢ ، يستوجب عليها ضرورة العمل ومضاعفة اليد العاملة والوسائل الضرورية لتسليم المشروع مع الدخول الجامعي القادم، وهـــذا ما سيمكنهم من تحسين الظروف التي يتخبط فيها الطالب الجامعي.
وهناك مشاريع أخرى تعرف إنجازا بطيئ الوتيرة تتعلق بإيواء الطلبة، ونذكر منها مشروع إنجاز ٤ آلاف سرير والتي سيتم تسليم ألف سرير منها شهر سبتمبر المقبل، إلى جانب المشروع الذي تتكفل به شركة صينية المتمثل في إنجاز ٣ آلاف سرير وقدرت مدة الإنجاز بـ ٢٤ شهرا، إضافة لمشروع ٤ آلاف سرير سيتم إنجازه من طرف نفس الشركة شهدت تأخرا فادحا ما جعل الطلبة يتخبطون في مشاكل عدة كل سنة .