استفـادة أزيد من 2.8 موظـّف من زيادات متتالية في الأجر
يشكّل ملف التشغيل لدى الحكومة خلال السنوات الأخيرة أولوية قصوى بالنظر إلى تلك الآيات والميكانيزمات المستحدثة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وجهودها الرامية إلى تخفيض مستويات البطالة، لاسيما لدى فئة الشباب عبر تعزيز آليات الاقلاع الاقتصادي بما يضمن توفير مناصب الشغل وخلق الثروة، تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية الرامية إلى إعادة النظر في سياسة الوطنية للتشغيل.
السّياسة الجديدة تعتمد على مقاربة اقتصادية ومعالجة ظاهرة البطالة، وتمكين الشباب من مناصب عمل قارة وفق احتياجات سوق العمل، مع تكييف المنظومة التشريعية والتنظيمية للاستثمار والعقار الاقتصادي، وتسهيل الفعل الاستثماري عبر وضع القانون الأساسي للمقاول الذاتي، وتحيين الأحكام الضريبية من أجل إرساء دعائم للتنمية الشاملة، وإطلاق المشاريع المهيكلة مع إعطاء الأفضلية للمنتوج الوطني وبعث اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، وقد تعزّز ذلك من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية والعمل على تحقيق التحول الرقمي بغرض عصرنة الخدمة العمومية ورفع العراقيل، إلى جانب إعادة تنظيم آليات التشغيل.
إدماج أكثر من نصف مليون مستفيد
كشف وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فيصل بن طالب، خلال عرضه لحصيلة قطاع العمل والتشغيل بولاية برج بوعريريج، عن إدماج أزيد من نصف مليون مستفيد من الأجهزة العمومية للإدماج المهني والاجتماعي في مناصب عمل قارة تمكّنهم من الاستفادة من التغطية الاجتماعية، لاسيما الحق في التقاعد، حيث شكّل ملفُ حاملي عقود ما قبل التشغيل اهتماما بالغا لدى السلطات العليا في البلاد، فقد عرفت سنة 2023 طي هذا الملف نهائيا، بعد التزام رئيس الجمهورية بالتكفل بهذه الفئة الهامة من المجتمع، وإدماجهم في مناصب عمل قارة.
جهــاز منحــة البطالـــة..المكســــب
ونوّه وزير العمل والتشغيل بالمناسبة بتلك الجهود والآليات المبذولة في مجال مكافحة ظاهرة البطالة، منها استحداث رئيس الجمهورية في مارس 2022 جهاز، لأول مرة في تاريخ الجزائر، يعدّ بمثابة آلية لصون كرامة الشباب ومرافقتهم في العثور على منصب عمل دائم، من خلال ضمان مورد مالي يكفل لطالبي العمل الحاجيات الأساسية للعيش الكريم، مع توفير التغطية الاجتماعية لهم ولذوي حقوقهم بهدف تحسين قابليتهم للتشغيل عبر دورات تكوينية قصيرة المدة.
مبرزا في ذات السياق، عن استفادة أزيد من 2 مليون من هذه المنحة شهرياً، كما تم توجيه أزيد من 368 ألف مستفيد من جهاز البطالة إلى عملية التكوين منذ استحداث جهاز منحة البطالة في شهر مارس 2022، من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حيث مكنت هذه الآلية إلى حد الآن من تكوين أكثر من 177 ألف مستفيد أنهوا فترة تكوينهم، وتحصّلوا على شهادات تضمن لهم تحسين حظوظهم للظفر بمنصب عمل.
كما استعرض في ذات السياق، الآليات والمنصّات الرقمية المعتمدة في تسيير هذا الجهاز لاسيما تلك المنصات الأخرى المعتمدة في تسيير مختلف العمليات الخاصة بمنحة البطالة على غرار متابعة عملية التكوين، وهو ما يعد بحسبه واحدة من أبرز المكاسب الهامة التي تعزّز السياسة الاجتماعية للدولة الجزائرية.
بالإضافة إلى آليات تمكين الشباب العاطل عن العمل، وفئة خرّيجي الجامعات، فضلاَ عن شريحة “عديمي التأهيل” المستفيدين من جهاز البطالة، نظراً للامتيازات العديدة التي تتيحها هذه المنحة، وتمكين المستفيدين من الحق في التكوين، استحداث الحق في عطلة من أجل إنشاء مؤسسة من خلال توحيد الأجهزة العمومية للدعم وإحداث النشاطات في إطار إنشاء الحاضنات والمسرعات وتمويلها، عبر استحداث آلية جديدة لتموين المشاريع الناشئة والمصغرة، منها استحداث القانون الأساسي للمقاول الذاتي ووضع تسهيلات خاصة بفئة المقاول الذاتي، وتمكينه من خفض استثنائي في قيمة الاشتراكات الاختيارية تقدر بـ 24000 دج، مع وضع تسهيلات للمؤسسات المصغرة المستحدثة لمناصب شغل خاصة في المناطق المستهدفة بالتنمية.
ارتفاع في عدد التّنصيبات الكلاسيكية إلى 27 % خلال العام الجاري على المستوى الوطني
خلص وزير العمل والتشغيل إلى أنّ كل هذه الإجراءات مكّنت بحسبه في تنشيط الديناميكية الاقتصادية، خاصة على مستوى المؤسسات الاقتصادية التي مكّنت من رفع عدد التنصيب الكلاسيكية على مستوى هذه المؤسسات إلى 229902، وفق الاحصائيات الأخيرة المتعلقة بالسداسي الأول من العام الجاري 2024، مقارنة بالسداسي الثاني للعام الماضي 2023 الذي سجلت فيه عدد التنصيبات 19218، أي بنسبة ارتفاع تقدر بـ 27 % على المستوى الوطني.
مشيدا في ذات السياق، بالجهود المبذولة من طرف المؤسسات الاقتصادية لولاية برج بوعريريج، التي تعتبر نموذجا- حسبه - يتحدى به في مجال الديناميكية الاقتصادية، باعتباره أحد أبرز الأقطاب الاقتصادية على المستوى الوطني، حيث شهدت الولاية ارتفاعاً في عدد التنصيبات الكلاسيكية من 8,915 خلال شهر جويلية 2023 إلى 11,310 شهر جويلية 2024، بمعدل ارتفاع قدره 27 % أيضا في عدد التنصيبات، وهذا بفضل جهد المؤسسات الاقتصادية لخلق الثروة ومناصب الشغل، ومساهمتهم الفعّالة في حفظ وامتصاص البطالة، وحرصهم على تنميه وترقيه الاقتصاد الوطني.
30 خدمــة رقميــة
كما استعرض الوزير مدى التزام قطاعه في تجسيد التزامات رئيس الجمهورية في عصرنة المرفق العمومي للوساطة في سوق الشغل، حيث شكّلت رقمنة الخدمات العمومية في مجال التشغيل تحديا جوهريا للقطاع أين تمّ تطوير أزيد من 30 خدمة رقمية عن بعد موجهة لفائدة المرتفقين بهدف الرفع من آليات التغطية والتشغيل، حيث تم في هذا الإطار تأسيس المدونة الجزائرية للمهن والوظائف التي تسمح بالتحكم أكثر في احتياجات سوق الشغل من خلال المساهمة في مواءمة برامج التعليم والتكوين مع متطلبات سوق الشغل والمهن والوظائف.
زيـادات متتالية في الأجر
كما نوهّ فيصل بن طالب بالإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية الرامية إلى تعزيز القدرة الشرائية خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى غاية 2024، منها إقرار أربع زيادات متتالية للأجور خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى غاية 2024، استفادت منها شريحة واسعة من الموظفين تجاوزت 2.8 مليون موظف متعاقد في الوظيف العمومي، إلى جانب إقرار 5 تثمينات سنوية خاصة بمعاشات ومنح التقاعد خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى غاية 2024، ناهيك عن تلك الزيادة الاستثنائية التي تمت في شهر جانفي 2023.
مستعرضا في ذات السياق، المكاسب والتعزيزات المتخذة في مجال الضمان الاجتماعي، أبرزها رفع قيمة التعويضات بالنسبة لبطاقة الشفاء للمؤمن لهم اجتماعيا من غير المصابين بالأمراض المزمنة من 3 آلاف دينار جزائري إلى 5 آلاف دينار جزائري، مع تمكين الأشخاص المصابين بالأمراض السرطانية غير المؤمن لهم اجتماعيا من بطاقة الشفاء، والاستفادة من الأدوية دون دفع التكاليف، أي بتكلفة على عاتق الدولة، تضاف إليها الإجراءات المتخذة في مجال التكفل بعملية التوليد على مستوى المؤسسات الخاصة بالنسبة لفائدة المؤمن لهم اجتماعيا والنساء وذوي الحقوق على مستوى العيادات الخاصة المتعاقدة، إلى جانب استحداث آلية الانتساب الإداري بالنسبة لأفراد الجالية الجزائرية في الخارج ممّن يمارسون نشاطا مهنيا خارج التراب الوطني لنظام التقاعد، وكلها إجراءات تصب في إطار حرص رئيس الجمهورية على الحفاظ على كرامة الجزائريين.
60 ألف إعانة خاصّة بالبناء الرّيفي
أردف بن طالب في إطار متصل بالزيارة، بأنّ الأهداف الرئيسية لدائرته الوزارية باعتبارها قطاعا مسؤولا عن التشغيل، يعمل على تجسيد الحماية الاجتماعية للمواطنين، تندرج في إطار تجسيد تعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتكريس البعد الاجتماعي للدولة، ويبرز ذلك من خلال استحداث آليات جديدة تساهم في الجهد الوطني لتوفير السكن للمواطنين، عبر إطلاق القطاع برنامج الإعانة الخاص ببناء السكن الريفي لفائدة العمال الأجراء والمتقاعدين يتضمن منح 60 ألف إعانة بعنوان سنة 2024، وهي منحة غير قابلة للاسترداد الممنوحة للمستفيدين من العمال أو متقاعدين عن طريق معادلة الخدمات الاجتماعية، حيث خصّص لهذه العملية غلاف إجمالي قدره 30 مليار دينار جزائري.
تحقيق التّوازن في صناديق الضّمان الاجتماعي
وأكّد فيصل بن طالب في نهاية الزيارة التي قادته إلى ولاية برج بوعريريج، عن تسجيل أرقام مشجّعة في نسبة تراجع العجز المسجل خلال سنة 2019 أين كانت تتجاوز قيمة العجز بـ 680 مليار دينار جزائري، لتتقلص إلى أزيد من 320 مليار دينار جزائري خلال العام الجاري 2024، بتراجع سنوي يقدر بـ 100 مليار سنتيم سنويا، مستشهدا بتلك الأرقام والمؤشرات المسجلة في مجال الانتساب إلى صناديق الضمان الاجتماعي التي ارتفعت من 1068 مليار دينار إلى 1168 مليار دينار بالنسبة للصندوق الوطني للعمال غير الأجراء، وهذه الزيادة المعتبرة هي دليل أن الجزائر في الطريق الصحيح وفي الطريق الصائب في سبيل بناء اقتصاد وطني متنوع يعمل على تسديد الاحتياجات الخارجية، وكذا اقتصاد يطمح إلى التنافسية والتنافس خارج الوطن.
وهذا دليل على أن بلادنا تسير في مرحلة بناء اقتصاد وطني، واقتصاد جديد في جزائر جديدة، تتسم بمرتكزات أساسية متمثلة في إعادة قوانين الاستثمار، وإعادة الاعتبار للتسهيلات في مجال الاستثمار، ووضع الميكانيزمات لدفع المؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة، وكل هذه الإجراءات التي قامت بها السلطات العمومية وعلى رأسها رئيس الجمهورية هي في إطار البعث الاقتصادي والدفع بعجلة التنمية، حيث ستمكّن هذه الديناميكية الاقتصادية من توسيع دائرة الاشتراكات في صناديق الضمان الاجتماعي، ومن تجاوز ذلك العجز الذي كان مسجلا في وقت سابق، والوصول إلى توازنات في آفاق 2027، لاسيما في ظل انطلاق المشاريع المهيكلة الكبرى على غرار مشروع غارا جبيلات، وغيرها من المشاريع المرتبطة بهذه المشاريع العملاقة.
مع الأخذ بعين الاعتبار الكثير من القرارات المتخذة في الجانب الاجتماعي لاسيما تلك المتعلقة برفع الأجور والزيادات التي تجاوزت 47 بالمائة، والزيادة في منحة التقاعد التي وصلت إلى حدود 48 بالمائة، إضافة إلى تلك القرارات المتخذة في عملية التوظيف، وإدماج أكثر من نصف مليون في عمل قار يستفيد منه الجميع من تغطية المخاطر التي تحتويها منظومة الضمان الاجتماعي عوض الحق في التقاعد، وبالرغم من جميع هذه القرارات والإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية في الجانب الاجتماعي، إلاّ أنّها شكّلت حافزا لتطوير العملية الاقتصادية ودفع عجلة التنمية إلى جانب تثمين معاشات التقاعد.
فعندما نلاحظ رصد أزيد من 800 مليار دينار خلال هذه الخماسية، موجهة لتثمين منح ومعاشات التقاعد نستطيع القول أن صناديق الضمان الاجتماعي تسير نحو التوازنات المالية، تدعمه تلك الارقام والمؤشرات التي تؤكد على تسجيل نسبة انخفاض حجم العجز يقدر بـ 100 مليار سنويا، حيث يمكن القول أنّنا نسير إلى التوازنات في ظل انطلاق المشاريع المهيكلة الكبرى لغارا جبيلات، وغيرها من المشاريع الإستراتيجية ذات الصلة التي من شأنها أن تساهم - حسب وزير التشغيل والعمل - لا محالة في إعادة توازن صناديق الضمان الاجتماعي، والذي سيكون عاملا أساسيا في جلب الاستثمار، فالقاعدة تقول كلما كانت منظومة الضمان الاجتماعي قوية ومستقرة، كلّما انعكس ذلك على حجم الاستثمارات من حيث المحفزات وزيادة حجم الاستقطاب بالنسبة للمستثمر الأجنبي، كون أن البيئة الاجتماعية المستقرة تضاف إليها بيئة الأعمال الاجتماعية المواتية للاستثمار، من حيث التكفل الاجتماعي للأفراد والعاملين من الدولة، وهذه هي الغاية المنشودة ولهذا الجزائر في الطريق الصحيح.