“الشعب” في رحلة البحث عما تبقى من تقاليد العائلات الدفلاوية

طقوس الاختتان ورقصة العجائز عـادة راسخـة يكرسها الأبناء

استطلاع من عين الدفلى/ و.ي. عرايبي

تحمل طقوس الإختتان عند سكان تاشتة بمنطقة سوق الاثنين  خلال رمضان  دلالات اجتماعية ورمزيات خاصة بالعائلات المحافظة بهذه البلدية الواقعة بين سفوح غابات فرينة من الناحية الغربية لولاية عين الدفلى، في وقت تحرص الجمعيات الناشطة في مجال التضامن والتكافل الاجتماعي على عمليات مماثلة تستهدف الفئات المحرومة والمعوزة والأيتام بمداشر الولاية.
يقول قويدر.س و هو رب أسرة 71 سنة يقطن بهذه المنطقة المعروفة  بالفلاحة الزراعية البلاستيكية،صادفناه بمحاذاة المقهى الوحيدة بذات الناحية التي عبث بها الإرهاب  خلال العشرية السوداء قبل أن تستعيد عافيتها واستقرارها يحمل في يده ما يسمى قضيان الحنة على لهجة سكان لخميس : « إن الشتويين لايزالون يحتفظون بنفس العادات والتقاليد ،حيث توارثها الأجيال أبا عن جد لأنها حقا ترسخت لديهم  وإقدامنا عليها في المناسبات السارة له أكثر من معنى»
 “العريس” الصغير و طقوس الحناء:.
من بين التقاليد التي تشتهر بها المنطقة ، اقتناء صاحب العرس 3 وحدات من علب الحنة ، الأولى تخضب بها يدي الطفل الذي سيخضع لعملية الختان ،أما الثانية فتخصص للأطفال الأقل سنا منه، أما الثالثة فهي “مبروكة الجدة “ و تخصص للجدة باعتبارها العمود الفقري للبيت . و من العادات أيضا أن يشتري الجد ألبسة جديدة للطفل من مصروفه الخاص وهي عادة تشير إلى النظام العائلي والسلطة الأبوية التي لها مقدار من الإحترام والقدسية لايمكن تجاوزه .
و تقام بالمناسبة لمة العائلة وهي فال خير فيه يتم جس النبض حول شعبية الطفل عندما يصير رجلا ويقبل على الزواج” إن العرس في منظور هذا الاعتقاد الشعبي تسعى إليه العائلات التاشتوية لترسيخه ضمن ما يصطلح عليه “بالفال” على حد قوله.
“ الشريفة” وطقوس الحنة تحت أنظار “الكنة الجديدة”
إن تخضيب اليدين على مستوى الراحة ووضع خاتم من فضة  في أصبع  “الطفل العريس” ووضع طابع الخامسة (اليد بأصابها المفتوحة) على ظهر قميص الطفل العريس أهم التقاليد أيضا لأنها بمثابة وقاية له من المكروه ودرأ ضرر المرض عنه، في وقت يتحلق الأطفال الأقل سنا من العريس حول” الشريفة” وهو اللقب الذي يمنح للعجوز المشرفة على عملية الحنة فتتكفل بتخضيب أيدي الأطفال المدعوين للعرس ، التي لا تتوانى عن إطلاق الزغاريد ذات الرنة الأمازيغية المعروفة بالناحية، ليحمل العريس الطفل  فوق ظهرها حيث تباشر في عملية الرقص الدائري بمفردها وهي تحمله ، فيما تلتزم النساء الأخريات مكانهن تحت أهازيج الأغاني الشعبية والدينية ، ليسمح للحاضرات حمل الطفل والرقص على طريقة الشريفة، على أن يمنح الدورالأول للعروسة الجديدة التي تطير فرحا وكأنها تحمل ولدها الذي تحلم بأن يرزقها الله  مثله، وفي غمرة المحفل العائلي يطلق البارود وتتعالى صيحات الرجال معلنين ميلاد رجل .
 “طهار القرية” في قاموس الذكريات الأليمة.
هذا التقليد المتواتر في مرحلته الأولى من عملية الاختتان وطقوسها ينتهي بين يدي الطبيب المختص في الجراحة بمستشفى سدي بوعبيدة حيث تجرى العملية تفاديا لأي أخطار و في هذا الصدد يقول رب الأسرة قويدر الذي مازال يذكر مأساة أحد الأطفال ممن وقعوا ضحية الختان التقليدي حيث بتر جزء من عضوه التناسلي أيام طفولته دون أن يجدوا علاجا لما اقترفه “ طهار” الناحية الذي كان يحضر إلى القرية على ظهر بغلته يشير محدثنا.
والعائلات المتوسطة تسير فلك هذا التقليد مع اختلافات بسيطة تقول الشريفة كما هو حال أولاد باسة وتاشتة بسوق الإثنين.وهو ما يجعل حفل الاختتان مناسبة اجتماعية بأتم معنى الكلمة ، توثق الصلة بين الأفراد والعائلات وتبعث في النفوس روح الأمل في إنجاب الأطفال الذين تقام لهم الذبائح من لحم المعز وخاصة العتروس “القاطع” الذي دار عليه حول كامل يقول محدثونا ممن تحلقوا حولنا.
إذا كانت أفراح الاختتان  تقيمها العائلات بشكل فردي وينتظرها سكان الناحية كلما حلّ الصيف الذي يتزامن مع إقامة الأفراح  ، فإن المبادرات التي تقوم بها الجمعيات الخيرية لفائدة المحرومين والفقراء والأيتام بتراب الولاية لاتقل شأنا عن تلك التي تعرفها العائلات الدفلاوية، حيث اعتادت جمعية الرائد والبسمة ضمن عمليات استباقية المشاركة في هذا العمل التضامني الهادف ، بتوفير كسوة الاختتان بالتنسيق مع مديرية النشاط الاجتماعي ، بالإضافة إلى مباشرة عملية الاختتان كلما سنحت الظروف بذلك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024