دفتر شروط صارم للحفاظ على منبع الصونا ببغاي
يكتسي قطاع السياحة والصناعات التقليدية أهمية بالغة في برنامج الحكومة، لما تتوفر عليه الجزائر من مقوّمات سياحية طبيعية تؤهلها لأن تكون مقصدا سياحيا بامتياز، وتصبح موردا اقتصاديا جدّ مهم يدر المداخيل ويقلل من التبعية إلى المحروقات إن استغلت استغلالا جيّدا.
وفي هذا الإطار، خصّصت الحكومة ضمن البرنامج التكميلي للتنمية المخصّص لولاية خنشلة، حيّزا معتبرا لقطاع السياحة والصناعات التقليدية خلال الاجتماع المنعقد، بتاريخ 12 ديسمبر 2021.
وتستطلع «الشعب» خلال هذا الريبورتاج، أهم الخطوات المجسّدة في المشاريع ذات الطابع السياحي الممنوحة للولاية وتبرز العراقيل المسجلة في التنفيذ.
كشف مدير السياحة والصناعات التقليدية، لزهر بوقفة، في لقاء مع «الشعب» تفاصيل البرنامج التنموي المذكور المتضمّن 04 مشاريع تنموية، مشروعين جديدين وهما دراسة وإنجاز وتجهيز مركز دمغ السجاد ببلدية بابار جنوبا وإنجاز ومتابعة أشغال تهيئة محطة مناخية شيليا ببلدية بالمنطقة الجبلية للولاية، إلى جانب رفع التجميد عن مشروع تهيئة منطقة التوسّع السياحي حمام الصالحين بين إقليمي بلديتي الحامة وخنشلة ورفع التجميد عن مشروع دراسة وإعادة الاعتبار للمحطة البخارية حمام لكنيف ببلدية بغاي شمالا.
وأوضح بوقفة، أنّ مشروع إنجاز مركز دمغ السجاد بابار خصّصت له الدولة في إطار البرنامج الحكومي المذكور 40 مليون دينار، أيّ 04 مليار سنتيم وهو في مرحلة الدراسة المنتظر أن تنجز، أواخر شهر ماي الجاري، ثم تليها مرحلة إعلان صفقة التجسيد.
محطة مناخية
أما مشروع تهيئة المحطة المناخية شليا تم الاعتماد في تجسيده على الدراسة القديمة المنجزة، قبل سنوات، في هذا الشأن وهو في مرحلة إعلان الصفقة المتضمّنة تخصيص غلاف مالي للتجسيد يقدر بـ 600 مليون دينار، أيّ ما يعادل 60 مليار سنتيم في إطار البرنامج التنموي الحكومي المذكور بهدف تعزيز السياحة الجبلية بالولاية.
ويتضمّن مشروع تشييد هذه المحطة حسب ذات المصدر، تهيئة المسالك المؤدية إلى ثاني أعلى قمة جبلية في الجزائر «قمة كلتوم» الواقعة على ارتفاع 2381 متر من سطح البحر بجبال بلدية شليا، وإنجاز إقامة سياحية مخصّصة لفائدة المنتخبات الرياضية ومرفق صحي للعلاج والاستجمام وسط جبال شليا الشامخة بقلب الطبيعة العذراء.
ويهدف إنجاز هذا المرفق السياحي الهام والقريب من قمة كلتوم الجبلية، إلى تسهيل التخييم الجبلي هناك ومضاعفة عدد الزوار بإعادة تهيئة وفتح المسالك المؤدية لهذه القمة، إلى جانب فتح مجال الاستثمار أمام الخواص بهذه المنطقة عند تهيئتها لبناء فنادق وتهيئة أماكن للنزهة والترفيه للشباب والعائلات ومرافق لممارسة الرياضة وسط هذه الغابات الشامخة والمساحات الخضراء المتميّزة بهذه المنطقة.
من بين أهم المشاريع السياحية في الولاية التي يعوّل عليها لصناعة الثروة ومناصب الشغل، مشروع تهيئة منطقة التوسّع السياحي «حمام الصالحين «ZET « المحيطة بالمركب الحموي والحاملة لاسمه والمتربعة على مساحة 328 هكتار مترامية بين إقليمي بلديتي الحامة وخنشلة والقريبة من الطريق الوطني رقم 88 الرابط بين ولايتي خنشلة وباتنة وبمحاذاة مرافق سياحية ورياضية متنوّعة كالفندق الجديد عوايجية وحديقة التسلية آيت الحاج ومشروع المركب الوطني لتدريب الفرق الوطنية الجارية الأشغال به.
قرارات مركزية
وكشف بوقفة، في هذا الصدد، أنّ المبلغ المالي المخصّص للمشروع قدر بـ 100 مليون دينار، أيّ ما يعادل 10 ملايين سنتيم لأشغال فتح الطرقات وإنجاز الشبكة الرئيسية للتطهير وتبيان المساحات المخصّصة للاستثمار وتسويتها وغيرها من الأشغال الأولية الأساسية لإنشاء منطقة التوسّع السياحي، غير أنّ هذا المشروع تعترضه عقبة عدم المصادقة، لحدّ الآن، على مخطط التهيئة السياحية «PAT» من طرف اللجنة المختصة المكوّنة من عدة قطاعات على مستوى الوزارة الأولى على الرغم من إعلان الصفقة وتعيين مقاولة الإنجاز، إلا أنّ توطين الأشغال لا يمكن أن يتم دون المصادقة على المخطط المذكور.
ونظرا لأهمية المحطة البخارية حمام لكنيف ببلدية بغاي شمالا، خصّصت لها الحكومة في إطار البرنامج التكميلي للتنمية المذكور، 60 مليون دينار جزائري، أيّ ما يعادل 06 مليار سنتيم للدراسة وإعادة الاعتبار لها بتجديد المبني وتوسيعه وتهيئته مع تجديد شبكة المياه لتحسين ظروف الاستجمام هناك واستقطاب عدد أكبر من الزوار موازاة مع تشجيع الاستثمار السياحي الخاص حول المحطة بما يجعلها قطبا حمويا سياحيا يساهم في خلق اقتصاد محلي يزيد من مداخيل ميزانية بلدية بغاي المصنّفة كبلدية هيدر ومعدنية ويساهم في الرفع من ميزانية الولاية.
وللحفاظ على المنبع البخاري الحموي المحاط بالمبنى والمصنّف صونا طبيعية بخصائص نادرة، تم التنصيص في دفتر شروط مشروع التهيئة أن تكون مقاولة الإنجاز تملك خبرة موثقة في ترميم معلم مصنف أو معلم أو معلم تاريخي لمشروع واحد على الأقل لدرأ أيّ خطر قد ينتج أثناء الأشغال حول صخور منبع البخار الطبيعي المتواجد تحت صخور بتجاويف طبيعية منذ زمن بعيد، تسمح بمرور البخار بدرجة حرارة عالية من عمق مياه المنبع الحموي تحت الأرض.
تسويق المنتوجات
وثمّن، في هذا الإطار، الدكتور فواز بورابحة رئيس جمعية أكسجين لترقية السياحة البيئية لولاية خنشلة هذه البرامج التنموية التي استفاد بها قطاع السياحة بالولاية، داعيا إلى الاهتمام كذلك بالمواقع السياحية الأخرى التي تزخر بها الولاية وجعلها منتوجات سياحية قابلة للتسويق تكون مصدرا للدخل يحرك اقتصاد الولاية وينشئ مناصب الشغل لما لهذه المواقع من أهمية تاريخية وتراثية متعدّدة الأوجه ضاربة في أعماق الأزمنة الغابرة عبر مختلف المراحل التاريخية.
وذكر محدثنا، على سبيل المثال، الموقع التاريخي قصر الملكة ديهيا المعرفة باسم «الكاهنة»، المتواجد ببلدية بغاي شمال عاصمة الولاية على بعد 07 كيلومتر، والذي لا يزال ينتظر عملية إجراء الحفريات وتهيئة المسالك للولوج إليه، موجها نداء إلى السلطات المركزية لقطاع الثقافة من أجل إجراء الحفريات بهذا القصر لما له من أهمية تاريخية جدّ هامة تحكى إحدى أهم مراحل تاريخ الجزائر مشيرا إلى إمكانية إبرام اتفاقيات مع مخابر البحث العلمي في الجامعة في مجال علم الآثار والأنتربولوجيا لمباشرة الحفريات المنتظرة بهذا القصر، منذ سنين.
وأضاف ذات المصدر، أنّ الولاية تزخر بعديد المواقع التاريخية المتميّزة التي تشكل سياحيا إمكانيات ضخمة وجدّ هامة منتشرة عبر إقليم الولاية، تتطلب العمل من أجل الاستغلال الجيّد لها وتصنيفها كمعالم سياحية لجعلها منتوجات ثقافية تدر المداخيل وحتى لا تبقى مجرد صور للتذكار مثل القرية الأمازيغية ببلدية خيران جنوبا، قرى بلدية ششار العريقة تبردقة، تاغيت والعامرة والتي تتطلب كذلك تدخل سلطات قطاع الثقافة لتهيئة المسالك لتسهيل الوصول إليها.
جر قاطرة السياحة
وفي سياق متصل، استقت «الشعب» معلومات حول إعداد دراسة جديدة متعلقة بتهيئة جزء من مركب حمام الصالحين وتطويره من طرف الوكالة الوطنية للتنمية السياحية « ANDT»، الموكل لها مهمة تسييره منذ ما يقارب 03 سنوات، وتتضمّن الدراسة عملية توسعة للمحطة بإنجاز قاعات جديدة تخصّص للمعالجة بالمياه الحموية والاسترخاء، بإشراف من أطباء مختصين في أمراض المفاصل والروماتيزم وغيرها.
كما تتضمّن الدراسة تهيئة مكان المنبع وقنوات ومجاري إيصال وتوزيع المياه الساخنة، انطلاقا من المنبع وفقا لشروط تقنية صارمة تضمن المحافظة على المجاري ووصول المياه بخصائصها الكيميائية والاستشفائية لكل الغرف، إضافة إلى تهيئة موقف السيارات بما يسمح بتسييره الجيّد واستيعاب عدد أكبر من المركبات.
معلم أثري
يصنّف مركب حمام الصالحين المعدني كمعلم أثري تاريخي روماني، يعود تاريخ تشييده إلى العهد الروماني سنة 69 ميلادي، على يد القائد الروماني «فلافيان» «Flaviaine «، استنادا إلى الباحث الأثري الفرنسي «ستيفان جسال»»Stéphane Gsell «، في كتابه المعالم القديمة الجزائرية، «les monuments antique d’Algérie».
هو مرفق سياحي استشفائي، يقع وسط منطقة غابية، بمناخ متميّز وطبيعة عذراء ومعروف بخصائص مياهه المعدنية الحموية، ذات التركيبة الكيميائية الاستشفائية، بدرجة حرارة 70 درجة عند المنبع وهو ما يؤهل هذا المركب لأن يكون مقصدا سياحيا وموردا اقتصاديا جدّ مهم يدر المداخيل على ميزانيتي البلدية والولاية، خاصة بعدما أنشئت حوله منطقة التوسع السياحي الوحيدة لولاية خنشلة والتي لم تنطلق بها أشغال التهيئة بعد.
40 غرفة للاستحمام
تقع محطة حمام الصالحين، غرب عاصمة الولاية خنشلة، على بعد 07 كيلومتر، وتبعد بـ 02 كيلومتر على بلدية الحامة صاحبة الاختصاص الإقليمي لهذا المرفق المتكون من، مسبحين رومانيين للرجال، وأربعة مسابح مغطاة للنساء، إضافة إلى 40 غرفة فردية للاستحمام مزوّدة بالأحواض و50 غرفة أخرى خاصة بالمبيت.
كما تتواجد بالمحطة، عدة مرافق خدماتية، منها فندق دار المعلم، مركز الراحة الخاص بالمجاهدين وفندق البريد وفندق الإخوة بوزيدي، يتوسطهم منتزه للعائلات يحتوى على مطعم كبير ومساحات للراحة واللعب، معزّزة أمنيا بمركز الأمن شبه حضري وهي المرافق التي تؤهل هذا المركب لأن تصل قدرة استيعابه إلى 700 ألف شخص سنويا.
مقصد لمرضى المفاصل، والأمراض المعدية
تبرز البطاقة التقنية للمركب، مميزات مياهه معدنيا واستشفائيا، فدرجة حرارة المنابع الرئيسية الثلاثة، تتراوح بين 50 و70 درجة عند المنبع، وبقوة تدفق تقدر بـ 30 لتر في الثانية، حيث يتم تبريدها تدريجيا بطريقة طبيعية عبر مجرى كبير، يصب في قناة رئيسية مفتوحة على الهواء الطلق على شكل واد، يقسم المياه عبر مجاري فرعية تؤدي للغرف لتصل إليها بدرجة حرارة أقل.
تتكون التركيبة المعدنية لمياه الحمام من: البيكاربونات، الكبريت، الكلورير، السلفات، المغنزيوم، البوتاسيوم، الصديوم والنيترات، ما يجعلها ذات خصائص علاجية لمداواة عدة أمراض، منها الروماتيزم والمفاصل خاصة، والأمراض الجلدية، المعدية والتنفسية، بحيث يصف الأطباء المختصين في الأمراض المذكورة، لمرضاهم، الذهاب للاستحمام عدة مرات بمياه حمام الصالحين بخنشلة للشفاء من المرض.