القطاعـات الإستراتيجيـة محركـا للتوظيـف وإدماج الشبــاب
تحقيـق نقلـة نوعية في سوق العمل وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية
غـارا جبيلات..ضمـن أهم المشاريـع العمـلاقة المستقطبــة لليّد العامـلة
تعهد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال حملته الانتخابية التزامه بتوفير 450 ألف منصب شغل جديد، في خطوة تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في سوق العمل الجزائري وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية خاصة لفئة الشباب، وقد بدأت عملية ترجمة هذا التعهد إلى واقع ملموس من خلال سلسلة من الإجراءات والقرارات التي عززت فرص التوظيف، سواء في القطاع العام أو الخاص.
لعبت القطاعات الاستراتيجية مثل التعدين والصناعات الثقيلة دورًا كبيرًا في دعم هذا البرنامج، فمشروع الفوسفات الضخم في الشرق الجزائري، الذي يمثل أحد أكبر الاستثمارات المنجمية في تاريخ البلاد، يُعد نموذجًا ناجحًا لهذا التوجه، هذا المشروع الذي تجاوزت استثماراته 6 مليارات دولار، من المتوقع أن يخلق أكثر من 6000 وظيفة مباشرة في ولايات تبسة، عنابة، سكيكدة، سوق أهراس، وآلاف مناصب الشغل غير المباشرة المرتبطة بالمشروع.
علاوة على ذلك، يمثل مشروع غار جبيلات أحد المشاريع التعدينية الكبرى في الجنوب الجزائري، والذي يُتوقع أن يكون محركًا أساسيًا لتوفير آلاف مناصب الشغل المباشرة. هذه الفرص تشمل العمالة التقنية، الهندسية، والإدارية التي ستتولى تشغيل المنشآت التعدينية ومراحل الإنتاج المختلفة. كذلك، فإن الآثار الإيجابية لهذا المشروع تمتد إلى خلق فرص شغل غير مباشرة في القطاعات الداعمة، مثل النقل والخدمات اللوجستية، مما يعزّز التنمية الشاملة في مناطق الجنوب الغربي.
كما أعلنت الشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب عن خطة توسعية كبرى تمتد حتى عام 2026، وتهدف إلى زيادة الإنتاج ليصل إلى 2.5 مليون طن من الحديد المصنع سنويًا، هذه التوسعة تمثل خطوة استراتيجية ليس فقط لتعزيز الطاقة الإنتاجية، ولكن أيضًا لتحفيز نمو القطاع الصناعي، وهو ما ينعكس إيجابيًا على سوق العمل من خلال توفير آلاف الوظائف الجديدة، وحققت الشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب خلال العام الماضي أرقامًا قياسية في صادرات الحديد، حيث تجاوزت 350 مليون دولار. هذه الأرقام لا تعكس فقط نجاح المشروع في تحقيق الأهداف الاقتصادية، ولكنها تؤكد أيضًا على إمكانية استغلال موارد الجزائر المعدنية لتعزيز مكانتها كمصدر رئيسي في الأسواق العالمية. وهذه الديناميكية من شأنها تعزيز فرص التوظيف من خلال خلق مزيد من الطلب على العمالة المدربة لدعم الإنتاج والتصدير.
بالإضافة إلى ذلك، عرف قطاع التعليم العالي خطوات نوعية في استيعاب أصحاب الشهادات العليا، حيث تم استحداث مناصب جديدة برتبة “باحث متعاقد” وهو ما جاء في الجريدة الرسمية، ما من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تخفيف حدة البطالة بين حاملي شهادة الدكتوراه ويوفر آلاف فرص العمل الجديدة خاصة في مجال البحث العلمي سواء في الجامعات أو مراكز ومخابر البحث، كذلك، كانت منصة التوظيف الوطنية للأساتذة إحدى الأدوات الفعالة التي قلصت من المحسوبية وعززت من شفافية التوظيف، مما مكّن الآلاف من الشباب من الحصول على وظائف في قطاع التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي.
البعد الاجتماعي والتنمية المستدامة
ويرى العديد من الخبراء أن هذه الديناميكية الجديدة من شأنها أن تنعكس إيجابيًا على الواقع الاجتماعي للشباب الجزائري، حيث يساهم خلق فرص العمل في تقليص الفوارق الاجتماعية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. كذلك، تعتبر هذه الخطوات التي أقرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون جزءًا من استراتيجية التنمية المستدامة التي تعتمد على تحفيز الصناعة الوطنية ورفع مستوى الصادرات خارج قطاع المحروقات. وقد شهد الناتج المحلي الإجمالي الجزائري نموًا ملحوظًا خلال العام الماضي ليصل إلى 267 مليار دولار، مع تحقيق قفزة في الصادرات خارج المحروقات لتتجاوز 7 مليارات دولار، ما يشير إلى نجاعة السياسات الاقتصادية الحالية.
في نفس السياق، كان تكريس مبدأ الشفافية والعدالة في التوظيف أحد الإنجازات البارزة التي رافقت هذه الديناميكية. من خلال تطبيق منصات رقمية ومعايير شفافة في التوظيف والمرافقة الإعلامية لها، ما لعب دور مهم في التخفيف من حدة المحسوبية التي كانت تشكل عائقًا كبيرًا أمام الكفاءات الشابة في الوصول إلى سوق العمل. وعززت هذه الإجراءات من الثقة بين الشباب وأسهمت في خلق بيئة عمل قائمة على الكفاءة والجدارة.