بحرصها على أخلاقيات المهنة وضمان الخدمة العمومية

”الشعب”.. مثال الإعلام الثقافي المسؤول

أسامة إ.

 

منذ تأسيسها غداة الاستقلال الجزائر، واكبت جريدة “الشعب” أحداثا لا حصر لها وفي جميع المجالات، سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ورياضية، وكذا الأحداث الثقافية.. وكأن رسالة “الشعب” لم تكن الإعلام فقط، بل تعدت ذلك إلى التأريخ لمكتسبات الوطن وإنجازاته وانتصاراته في مختلف المراحل والميادين.. ولم تحد الثقافة عن هذه الرسالة، وقد أسهم في ذلك أقلام رائدة مرت من “الشعب”، لتعبر عن ضمير الأمة بحروف من ذهب..

عندما نعيد النظر إلى تاريخ الصحافة، نجد أنّها كانت وما زالت ركيزة أساسية في تشكيل الرأي العام ونقل الأحداث بشفافية ومصداقية. من أجل ذلك، وفي ذكرى تأسيس جريدة “الشعب” الثانية والستين، نذكر بأنها لم تكن مجرد وسيلة إعلامية، بل كانت شريكاً فعّالاً في رصد وتوثيق التطورات في شتى الميادين، بما فيها الثقافية والفنية، التي عرفتها الجزائر.
لقد سهرت “الشعب”، من خلال تغطيتها المتواصلة، على مرافقة المكتسبات التي حققها الوطن على مدى السنوات، عاكسة تطور الحياة الثقافية، وناقلة لآراء المثقفين وآمالهم وتطلعاتهم، ما جعل منها صوتاً مهماً يعكس صورة المشهد الثقافي الوطني. ولم تكن “الشعب” مجرد مراقب، بل كانت جزءاً لا يتجزأ من الصرح الإعلامي، ومن خلال مقالاتها وحواراتها، نقلت الجريدة لقرائها تجارب الفنانين والكتّاب والمفكرين، وسخرت صفحاتها لمواكبة الأحداث الثقافية، والترويج لمنجزات المبدعين الجزائريين أينما حلّوا، وتسليط الضوء على الأصوات والمواهب التي تستحق الاهتمام، إسهاما منها في تعزيز الوعي الثقافي.
لطالما كانت “الشعب” منبرا للأقلام المتميزة والمسؤولة، وقد مرّت عليها أسماء متألقة في سماء الثقافة الجزائرية والعربية، سواءً تلك التي انتمت إلى عائلة الجريدة وفريقها التحريري، أو التي نزلت ضيفة على صفحاتها في عديد المناسبات، وأدلت برأيها في شتى الملفات، ولعل المقال لا يتسع لذكر جميع هذه الأسماء التي تركت بصمتها في تاريخ الجريدة الحافل.
أما إذا عدنا إلى الأعوام الأخيرة، فقد أسهمت “الشعب”، كعادتها، في إبراز إنجازات الدولة الجزائرية في المجال الثقافي. وإلى جانب وظيفتها العادية في تقديم التقارير والمواكبات الإعلامية للأحداث الثقافية، تخصص الجريدة فضاءً واسعا لملفات دورية، تتطرق في كل مرة إلى جزئية من المنظومة الثقافية الوطنية، كما تسلط الضوء على منجزات القطاع ومكتسباته، والتي نذكر منها مساعي النهوض بالصناعة السينماتوغرافية، وترقية التكوين الفني، وتحسين الوضعية الاجتماعية للفنانين وحمايتهم، والتي تدعمت جميعا بنصوص قانونية وتنظيمية.
وفيما تواصل الدولة دعم الإبداع الثقافي والفني، والتظاهرات الثقافية الكبرى، وطنية ودولية، نسجل كذلك ما تمّ تحقيقه في مجال حماية التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي، ما يحفظ للأمة تاريخها وهويتها، ويعزز قوتها الناعمة، ويحبط محاولات السطو المتكررة على تراثها ومقوماتها. كل هذه الإنجازات تابعتها الجريدة عن كثب، وسلطت عليها الضوء بتقارير وملفات منشورة ورقيا ورقميا، وهو ما يجعل منها، ومن مثيلاتها في الإعلام الوطني، شريكاً أساسياً في تعزيز الهوية الثقافية الجزائرية.
إننا، في جريدة “الشعب”، نسعى دوما إلى أن تكون مؤسستنا مرجعا إعلاميا موثوقا به في المشهد الإعلامي الجزائري، وفي زمن يشهد تزايداً في توظيف الإعلام التقليدي والجديد في حملات الدعاية المغرضة ونشر الأخبار الزائفة، تبرز أهمية دور الصحافة الجادة والموضوعية في نقل الحقائق وتحليل الأحداث بشكل مهني يحترم أخلاقيات الصحافة. وتجدد “الشعب” التزامها القوي بالمعايير الأخلاقية، أولاً، من خلال تحرّي الدقة والموضوعية، ما أمكن، مع تفادي نشر الأخبار الزائفة واستقاء المعلومة من مصدرها.. وثانياً، الاحترام الكبير لخصوصية الأفراد وتجنب نشر المعلومات الشخصية دون موافقة واضحة.. وثالثاً، احترام التنوع والشمولية في تغطية المواضيع.
بهذه الطريقة، كانت “الشعب”، وستبقى، رمزاً للصحافة الجادة والمسؤولة، التي تعمل على تعزيز الوعي ونشر الثقافة والمعرفة، في ظل احترام أخلاقيات المهنة الصحفية، لتكون “الشعب” مثالاً يحتذى به في الإعلام الثقافي باعتباره، قبل كل شيء، خدمة عمومية.. هكذا تعلمنا من السابقين، وهكذا سننقل ما تعلّمناه للاحقين..

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025
العدد 19664

العدد 19664

السبت 04 جانفي 2025
العدد 19663

العدد 19663

الخميس 02 جانفي 2025
العدد 19662

العدد 19662

الثلاثاء 31 ديسمبر 2024