رؤية سياسية واعية وإجماع على وضع اليد في اليد

تقويــة الجبهــة الداخليـة لمواجهـة التحدّيــات الخارجيـة

علي مجالدي

 إدراك استراتيجي لأهميـة التوافق الوطنـي في مواجهــة المتغــيرات الدوليــة الراهنـة

أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عزمه إطلاق حوار سياسي شامل خلال العام الحالي، في خطوة تأتي تجسيدًا لأحد أبرز تعهداته الانتخابية، ما يعكس إرادة سياسية واضحة لإرساء أسس جديدة للحكم الراشد في الجزائر.

الحوار الوطني، الذي وصفه الرئيس بأنه “عميق وجامع”، يهدف إلى تقوية الجبهة الداخلية وتعزيز الديمقراطية، في ظل ظرف إقليمي ودولي يشهد تحديات متصاعدة وأزمات متعددة الأطراف، وفي خطابه أمام البرلمان بغرفتيه، أكد الرئيس أن هذه المبادرة تنطلق من رؤية سياسية واعية تسعى إلى بناء توافق وطني يعكس تطلعات الشعب الجزائري ويواكب الديناميكيات التي تشهدها البلاد على مختلف الأصعدة.
يرى العديد من المتابعين أن إطلاق الحوار السياسي في هذا التوقيت يعكس إدراكًا عميقًا للمرحلة الحساسة التي تمر بها الجزائر، فمع التحوّلات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، بما في ذلك النزاعات الإقليمية وعدم الاستقرار الدولي، تبدو الحاجة إلى تقوية الجبهة الداخلية ضرورة ملحة للحفاظ على استقرار البلاد ومكانتها في المحيط الإقليمي والدولي.
علاوة على ذلك، فإن تعزيز الحوار الوطني يعكس فهمًا استراتيجيًا لدور التوافق السياسي في تحقيق التنمية الشاملة، إذ لا يمكن الحديث عن إصلاحات اقتصادية واجتماعية دون أرضية سياسية متينة قوامها المشاركة الجماعية.

ترحيـب بالمبـادرة

في هذا الإطار، رحّبت الطبقة السياسية في البلاد بهذه المبادرة، معتبرة إياها خطوة محورية نحو تعزيز التوافق الوطني بين الأحزاب السياسية المختلفة، من توجهات فكرية وإيديولوجية متنوّعة، أبدت استعدادها للمشاركة في الحوار.
ويعكس هذا الإجماع بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي، رغبة مشتركة في استثمار الحوار كأداة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة ومواطنيها، ولا يقتصر الحوار السياسي المرتقب على معالجة القضايا الراهنة فحسب، بل يهدف إلى وضع أسس جديدة للعمل السياسي، حيث أوضح رئيس الجمهورية أن هذا الحوار سيتناول قضايا جوهرية، من بينها مراجعة القوانين المنظمة للأحزاب السياسية والجمعيات، بالإضافة إلى إصلاح قانوني البلدية والولاية، وهو ما يعزز من مكانة المؤسسات التمثيلية ويسهم في تعزيز الممارسة الديمقراطية.
في الموضوع، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور أحمد بن خلدون في تصريح لـ “الشعب”، أن إطلاق الحوار السياسي يعكس إدراكًا استراتيجيًا لأهمية التوافق الوطني في مواجهة التحديات الراهنة، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ليست مجرد إجراء ظرفي، بل تمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة العلاقة بين الدولة ومكوناتها السياسية والاجتماعية. وأضاف أن الحوار الشامل يمكن أن يشكل رافعة لبناء مشروع وطني مشترك يعزز مكانة الجزائر كدولة محورية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
من جهة أخرى، يعكس توقيت هذه المبادرة أهمية خاصة، إذ تأتي في ظل تحولات داخلية تتطلب المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية. حيث تسعى الجزائر المنتصرة إلى تحقيق توازن دقيق بين تقوية استقرارها وتعزيز موقعها الإقليمي، كما يشكل هذا الحوار فرصة لخلق بناء يعالج الاختلالات ويوفر قاعدة صلبة لمواجهة الأزمات العالمية.
وتشير الاستجابة الإيجابية من مختلف الأطراف السياسية للمبادرة، إلى ترسيخ وعي مشترك بأهمية المرحلة وحساسيتها، ولا يعد الحوار السياسي الذي يعتزم الرئيس تبون إطلاقه ليس مجرد التزام عابر، بل هو خطوة استراتيجية تعكس رؤية شاملة لمعالجة القضايا الوطنية بطريقة تشاركية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19667

العدد 19667

الثلاثاء 07 جانفي 2025
العدد 19666

العدد 19666

الإثنين 06 جانفي 2025
العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025
العدد 19664

العدد 19664

السبت 04 جانفي 2025