تنظيم السّوق من صلاحيات السّلطات العمومية وبالأخص وزارة التجارة، وهذا من خلال الآليات المعدّة في هذا الشّأن والمتمثّلة أساسا في مصالح المراقبة، والتي لها مهام محدّدة لا يخرج ما خوّله إيّاها القانون، أي في نطاق المعمول به في إطار متابعة إتجاهات الأسواق ومحاولة إعادة الأوضاع إلى حالها الأول إذا ما سجّل هناك تجاوزات معيّنة، خاصة ما تعلق بالنوعية ومدّة الصلاحية والنظافة وغيرها، أما الأسعار فتعود إلى العرض والطلب، وأحيانا إلى عوامل أخرى خارجة عن نطاق هذه الدائرة.
لا يمكن التحكم فيها بالسّهولة المعلن عنها،
وهذه الحقيقة «الواقعية» تدركها وزارة التجارة إدراكا كاملا أي أنّ العملية توجد لدى أطراف أخرى لها دراية كافية بتقنيات الاحتكار والمضاربة.
وهذه المعاينة ليست وليدة اليوم بل أصبحت لصيقة بهذا النّشاط التّجاري منذ سنوات خلت، وهذا عندما اقتحم الدّخلاء القطاع الفلاحي يسيّرونه كما يريدون أمام أعين الجميع، ومن الصّعوبة بمكان ولوج هذه الدائرة نظرا لقوّة نفوذها، وتصرّفها الأحادي في تحديد قيمة المنتوج، الطماطم اليوم بـ ١٨٠ دينار، البصل ١٢٠ دينار، البطاطا بـ ٧٠ دينار والقائمة طويلة لا تنتهي إذا شرع المرء في عدّها.
هذا الوضع يقلق وزارة التجارة إلى حد لا يطاق، لكنها في مقابل ذلك تعي جيّدا ماذا يعني التدخل المباشر في سوق مفتوح قد يعود عليها بالسّلب كإدارة لا يمكنها أن تكون الحكم والخصم في آن واحد، من جهة تعمل على وضع أسس اقتصاد السّوق، ومن جهة أخرى تضع ترسانة من القوانين تكبح جماح تقدّم هذا المسعى.
لذلك فإنّ وزارة التجارة لا تريد السّقوط في هذا الفخ المنصوب لها بدون أن تشعر، إن سارعت إلى التدخل بدون العودة إلى الأساليب الذكية.
ومن حقّها أن تكون حاضرة وموجودة في الميدان، عن طريق ما يعرف بالوظيفة أو المهمّة التنظيمية لحركة الأسواق، وعدم تركها عرضة لأي تلاعبات، التي تتفاوت حدّا معيّنا أو منطقا معقولا.
ومن خلال الملف الذي أمامنا نحاول أن نقف عند العمل اليومي والدّائم الذي تقوم به مصالح المراقبة في الولايات، ومدى قدرتها على الإحاطة بكل هذا الزّخم للسّوق، بما يحمله من كل هذه التّحولات من لحظة إلى أخرى، وفي كل المواقع سواء ما تعلق بالأسعار، النّوعية، الصّلاحية، وما يترتّب عن ذلك من التّفاعلات النّاجمة عن الفعل التّجاري، الذي يراد منه أن يكون في مستوى الاستقرار بعيدا عن التّهويل.