لم يشفع التطور التكنولوجي المذهل الحاصل في مجال تكنولوجيا الاعلام بالجزائر حاليا لبعض مصادر الخبر بتيبازة للتأقلم مع الواقع الجديد، بحيث لا تزال بعضها تطالب الصحفيين بمراسلة رسمية مقابل تقديم المعلومة التي تعتبر في الواقع إشهارا مجانيا لها دون ان تفقه تلك الجهة ذلك.
ما تجب الإشارة اليه هنا، كون قضية المطالبة بمراسلة رسمية لتقديم المعلومة حصلت منذ شهر فقط مع إحدى المصالح ولا ترتبط إطلاقا بسنوات فارطة، بحيث فوجئ احد الزملاء بهذا الردّ المثبّط للعزيمة، الا أنّه إعتبر الأمر مجرّد سحابة عابرة لا غير بالنظر الى التراجع الفظيع الذي يشهده قطاع الاتصال عبر مصالح الولاية كلّها عقب تجميد عملية تكليف مختلف المصالح العمومية لموظفين رسميين بمهمة الاعلام والاتصال واحتكار المسؤول الأول للقطاع في الكثير من الحالات للمعلومة مع منع مجمل رؤساء المصالح من التصريح للصحافة في وقت لا يمكن للصحفي اللقاء بمدير القطاع بتاتا بالنظر الى كثرة انشغالاته وبسط سيطرته الأفقية والعمودية على قطاعه، فيما تجتهد مصالح أخرى لإسالة العرق البارد للمراسل الصحفي من خلال منحه وعودا تتعلّق باللقاء بالمكتب بعد يوم او يومين حينما يكون الخبر قد أكل عليه الدهر وشرب.
قد تبدو هذه المعلومات بعيدة كلّ البعد عن المنطق والواقع المعيش، غير انّ الواقع يشهد بأنّ ممارسة النشاط الاعلامي بولاية تيبازة أضحت خلال الفترة الأخيرة صعبة على ما كانت عليه على مدار عدّة سنوات خلت من منطلق كون عملية نقل الخبر التي تندرج ضمن الاهتمامات الأولى للمراسل الصحفي تقتضي السرعة مع توخي الدقة والحذر، الا أنّ العمل بهذا المنظور أضحى شبيها بالمستحيلات السبعة لأسباب عديدة تأتي في مقدمتها احتكار العديد من مديري القطاعات للمعلومة دون تفويض احد من موظفيهم للاتصال مع الصحافة ولا يمكن الاشارة الى قطاع بذاته هنا احتراما للمصلحة العامة، وما زاد الطين بلّة توقف مشروع تكليف كلّ هيئة عمومية على كافة المستويات لموظف بمهام الاعلام والاتصال وهو المشروع الذي شهد قفزة نوعية خلال سنوات خلت قبل أن يقبر بشكل لافت بالتوازي مع إحتكار المعلومة، وكثيرا ما يلجأ مدير القطاع لدعوة طالب الخبر للقاء على مستوى مكتبه للتمكن من الحديث في ظروف مريحة وبجدية دون أن يأبه للسرعة الفائقة التي يجب نقل الخبر بها، وإذا كانت هذه العراقيل تعيق فعلا وحتما عمل المراسل الصحفي محليا لاسيما وأنّه يبقى مرتبطا بحلحلة مشاكل أخرى تعترضه كالأنترنت مثلا، فإنّ مطالبته بتوفير مراسلة رسمية من الهيئة التي يتبعها تعنى بطلب معلومة معيّنة لا يمكن إطلاقا بأن يتماشى والتعليمات الرسمية الصادرة من أعلى الهيئات المتعلقة بالاعلام، ولا يمكنه أن يتماشى مع الواقع التكنولوجي المعيش ولكنه بالرغم من ذلك لا يزال أمرا واقعا بتيبازة. كما أنّ رفض بعض المصادر التصريح في كل الحالات بحكم منعها من ذلك من طرف الوصاية يترجم فعلا وجود تأخر فظيع في مجال الاعلام والاتصال، الأمر الذي يفسح المجال لانتشار الإشاعة في الأوساط الاجتماعية، وفي ذات السياق، فإنّ البعض من مديري القطاعات على مستوى الولاية يرفضون التصريح للصحافة في مختلف الظروف دون الافصاح عن الأسباب التي تقف وراء ذلك، فيما تؤكّد بعض الجهات الأخرى على كون التصريح الصحفي يقتضي موافقة مسبقة من المديرية العامة بالعاصمة، الأمر الذي يستغرق أحيانا أسبوعا كاملا وربما وقتا أطول في بعض الحالات، وتتطاول مصالح أخرى على القطاع الاعلامي من خلال انتقاء العناوين والهيئات الاعلامية التي تتعامل معها لاعتبارات لها علاقة بالشهرة وحب الظهور، غير أنّ ذلك لا ينفي وجود بعض من المصالح التي تتقن التعامل مع القطاع الاعلامي وتوليه أهمية بالغة من منطلق اقتناعها بكون الاعلام يعتبر شريكا هاما ومرافقا دائما.
ولأنّ العمل الاعلامي يقتضي دائما مواكبة التطورات الحاصلة في مختلف الميادين محليا ووطنيا وعالميا فإنّ ممارسة النشاط بولاية تيبازة في ظلّ تراجع التعاطي الاعلامي مع أهل المهنة أضحت تدعو الى الملل والتحفّظ أكثر مما هي مدعاة للجدية والتطور. فهل ستسعى الجهات المعنية لردّ الاعتبار لهذا النشاط عمليا أم أنّ مرحلة التماطل ستطول أكثر؟